جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

سورية و (تركيا) تاريخ من علاقات معقدة و مستقبل مجهول : | بقلم: طارق صياح حاتم
سورية و (تركيا) تاريخ من علاقات معقدة و مستقبل مجهول :



بقلم: طارق صياح حاتم  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
05-09-2022 - 2726

منذ عام ٢٠١١م انحازت تركية إلى جانب المعارضة السورية و كانت السباقة لتبني خطاب حاد و مسيء للأسد فأطلق مسؤولوها تصريحاتٍ ثقيلة و تهديداتٍ كبيرة و وعوداً بالصلاة بدمشق بعد إقصاء الأسد عن السلطة. الأسد الذي كان بالأمس القريب صديقاً مقرباً و حليفاً هاماً لكن كانت الطموحات بإيصال الإخوان المسلمين السوريين للسلطة أهم بكثير من العلاقة مع الأسد، إذ يبدوا أن الأتراك لم يعرفوا مكانة الأسد لدى حلفائه و حلفاء بلده الذين يعرفون تماماً ماذا يفعلون و يعرفون جيداً سورية و تركيبها السياسي العجيب.
طالبت تركيا بتشكيل لجنة لإزالة الألغام المزروعة على الحدود السورية التركية وفتحت تركية ثغرات في الحدود التركية في إدلب و حلب و تحديداً أطراف باب الهوى و باب السلامة و نقاطاً أخرى غير رسمية لدعم المعارضة السورية بالمال و السلاح من خلال تنسيقها مع القطريين الذين تحركوا آنذاك بتنسيق مع الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز لإسقاط الأسد. و فعلاً حققت هذه الفصائل تقدماً كبيراً و سيطرت على كثيرٍ من الأرياف و البلدات و مدنٍ كاملة كما حصل في الرقة و إدلب و سرعان ما ظهرت الفصائل الجهادية و ابتلعت ما يسمى بالجيش الحر و نذكر هنا جبهة النصرة و تنظيم داعش و جند الأقصى و نور الدين الزنكي و غيرها و آنذاك كان هناك تقارير صحفية تؤكد تعامل الأتراك مع التنظيم من خلال شراء النفط و نقل البضائع التركية إلى مناطق سيطرة التنظيم.
العلاقات السورية التركية بين ٢٠١١: ٢٠١٧
لقد مرت العلاقات السورية التركية خلال العقد الماضي بأسوأ فتراتها التاريخية و قد وصلت الأمور بها إلى تراشق تصريحات حادة و عدائية و مواجهات ميدانية بين الجيشين في بعض المناطق و لقد شهدت تركية استقبال أكبر موجة نزوح في التاريخ الحديث إذ دخلها ما يزيد على ٦٠ بالمئة من سكان محافظة حلب و الرقة و دير الزور و مئات الآلاف من المدن الأخرى كحمص و دمشق و درعا و حماة و هذا ما شكل ضغطاً كبيراً على الاقتصاد التركي و نقمة كبيرة للشعب التركي على قيادته ممثلةً بحزب العدالة و التنمية و على رأسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ناهيك عن نشاط المعارضة التي كانت تستغل كل مناسبة وطنية أو جلسة حزبية لمهاجمة الرئيس أردوغان من بوابة اللاجئين السوريين و تحريض الشعب التركي ضد القيادة التركية و اللاجئين السوريين. مع تنامي عمليات داعش و سيطرتها في مناطق مختلفة من سورية ازدادت موجة النزوح بشكل كبير و تضاعفت أعداد اللاجئين هناك و ازداد الضغط على الحكومة التركية مع استمرار انقطاع الاتصالات بين البلدين و عدم وجود حل قريب في الأفق. لكن و مع تحرير الجيش العربي السوري للمحافظات من براثم الإرهاب الداعشي و من سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة و حصر المعارضة المسلحة في إدلب و ريف حلب و توغل حزب العمال الكردستاني العميل في مناطق شرق الفرات كان لا بد من مراجعة للمواقف و ايجاد حل للاجئين السوريين في الداخل التركي الذين يبدوا أن عودتهم لسورية ستطول كثيراً و هنا بدأت تركية بوضع خطط جديدة لمرحلة جديدة عنوانها إعادة اللاجئين بأي ثمن.
حراكٌ ثنائي و محاولات تقاربٍ خجول :
بعد اندحار داعش في محافظات مختلفة و انتصار الجيش السوري و حلفائه على التنظيم الإرهابي بدأت تركية عملياتها في الشمال السوري لمواجهة الإرهاب الداعشي و الأحزاب الكردية المتمركزة في عفرين و جنديرس و شرق الفرات و خاضت عدة عمليات و هي نبع السلام و غصن الزيتون و درع الفرات و استطاعت خلق منطقة في الشمال تتبع لسيطرتها قولاً و فعلاً من خلال مليشيا الجيش الوطني التابع للاستخبارات التركية و الفصائل المسلحة مثل ملك شاه و سليمان شاه و السلطان مراد و الجبهة الشامية و أحرار الشرقية و عاصفة الشمال و غيرهم و الشرطة الحرة التابعة للدرك التركي والمدارس و الجامعات التركية في الشمال و المدارس و المنظمات و المؤسسات التي ترفع صورة الرئيس التركي و العلم التركي فوقها و في مكاتبها و على جدرانها و هنا أصبح من الممكن البدء بإعادة اللاجئين إلى هذه المنطقة في ظل تزايد الحوادث العنصرية بين الشعب التركي و اللاجئين السوريين و احتقان الشارع التركي ضد قيادته و خاصةً مع الظروف الاقتصادية الصعبة جداً التي عصفت بالبلاد في ظل تفشي وباء كورونا و بعده الأزمة الأوكرانية و اللاجئين الأوكرانيين الذين غزوا أوروبا بحيث لم تعد قضية اللاجئين السوريين تحظى بأهميتها السابقة و انخفاض مستوى الدعم الأوروبي للاجئين في ظل أزمة اللجوء الأوكراني و الأفغاني و أزمة الطاقة التي تعصف بأوروبا كلها .
لا يمكن للشمال السوري لوحده استيعاب ٥ ملايين لاجئ و لهذا لابد من حل جذري للقضية من خلال التنسيق مع المجتمع الدولي و روسيا و الحكومة السورية و من هنا انطلقت اللقاءات الأمنية الاستخباراتية بين الأتراك و السوريين كان أولها لقاء الجنرال علي مملوك بالجنرال حقي فيدان برعايةٍ روسية و تكررت اللقاءات إلى أن وصلت إلى طريق مسدود و توقفت مؤقتاً منذ بداية العام ٢٠٢١م مع انشغال سورية بالانتخابات الرئاسية السورية. لكن مسألة اللاجئين السوريين كانت تتفاقم و تتزايد يوماً بعد يوم و الغضب الشعبي وصل لأوجه و أصبحت الساحة الداخلية لاتخلو يوماً من جرائم عنصرية ضد السوريين في مدن تركيةٍ مختلفة و ضغط المعارضة سياسياً و إعلامياً و اللعب على الورقة الرابحة في تركية و هي ورقة اللاجئين و هذا ما أجبر الحكومة التركية لضبط الموقف قبل انفجار الداخل الذي بات قريباً وفق ما كان ظاهراً للجميع حيث خرج وزير الداخلية التركي سليمان صويلو ليؤكد أنه سيتم إعادة مليون لاجئ سوري إلى الشمال بعد تأمين مسكن و حياة كريمة لهم و لكن الداخل التركي لم يكن متفائلاً كثيراً و تصريح صويلو لم يكن كافياً فكان لابدّ من خياراتٍ إضافيةً و هي تصفير المشاكل الإقليمية و تحريك العلاقات التركية السورية و دفعها للأمام على مبدأ أن بقاء الأسد أصبح أمراً واقعاً لابد من التعامل معه بعقلانية و واقعية.
مع وصول المقداد لوزارة الخارجية بعد رحيل الوزير المعلم كان التعامل مع المقداد أفضل لأنه أكثر حرصاً في تصريحاته و هدوءً على خلاف زميله بشار الجعفري الذي يصعب محاورته أو مناقشته كانت فرصة لقاء بين المقداد و جاويش أوغلو في قمة عدم الانحياز في بلغراد نهاية العام ٢٠٢١ كما صرّح جاويش أوغلو مؤخراً. قمتي طهران و سوتشي دفعتا باتجاه مصالحة بين الحكومتين و القبول بالأمر الواقع و طي صفحة الماضي لإيجاد حلول بين الجارتين بما ينعكس ايجاباً على البلدين معاً فبهذا التقارب يمكن ايجاد حل لقضية اللاجئين و قضية الإنفصاليين الأكراد بالنسبة لتركية و كذلك حل لمنطقة الشمال السوري بالنسبة لسورية. ترتيبات سوتشي و إحراز بعض التقدم في ما يخص أوكرانيا من السماح ببيع محصول الحبوب و التوسط في مشكلة الطاقة لأوروبا و كان المقابل التحرك باتجاه القيادة السورية و عرض روسية إمكانية لقاء بين الرئيسين لكن القيادة التركية تلقت الموضوع بثقل كبير و تحدثت عن إمكانية إجراء اتصال هاتفي فمن المبكر جداً الحديث عن لقاء مباشر و لكن القيادة السورية رفضت الاتصال دون التعقيب عليه رسمياً و ذلك بضغطٍ من روسية و بقي التنسيق على المستوى الأمني و الاستخباراتي فقط و هنا أطلق السيد جاويش أوغلو تصريحه الأخير مفجراً قنبلةً سياسيةً كبيرةً أحدثت صدمةً للمعارضة السورية و الفصائل المسلحة بينما اكتفى الائتلاف السوري بتصريح مقتضب محاولاً تجنب الغضب التركي و محاولاً حفظ ماء وجهه أمام المعارضة السورية في الشمال و لكن ما يبدو من التصريح و توقيته أن القرار اتخذ في تركية و سيتم التحرك باتجاه مصالحة رسمية تركية سورية و إجبار المعارضة على العمل الجاد و التحرك نحو حل سريع و جذري و إلا ستصطدم بالتخلي السياسي عنها بعد أن سئم الجميع و تخلى عنها بعد خسارتها لأراضيها و انحسارها في جزء صغير مغلق من سورية على الحدود التركية و هذا ما سنراه قريباً و كل تلك المظاهرات التي تسعى بعض الوسائل الإعلامية العربية و الإقليمية إظهارها و تضخيمها تأتي من أولئك الذين يتوجسون خوفاً من انتهاء الحرب و انقطاع المنفعة المادية التي يحصلونها اليوم في الشمال لقاء عملهم تحت الراية التركية و أيام قليلة و لن نرى أثراً و لن نسمع صوتاً لهذه المظاهرات. القيادة السورية كانت و لاتزال همها الأول حل القضية السورية و عودة اللاجئين و لابد من التسامح و فتح صفحة جديدة لصالح السوريين في الداخل و الخارج دون المساومة على المبادئ الوطنية و الوصول لحلول سياسية تحت سقف الوطن و تحت مظلة القرار ٢٢٥٤ و بما يتناسب مع إرادة الشعب السوري بكل أطيافه و مشاربه السياسية.
الأيام القادمة ستشهد لقاءات أكثر ترتيباً و سرية على المستوى السياسي و الاستخباراتي و هنا نذكر الأنباء التي تتحدث عن لقاءات خماسية في لبنان بين سفراء سورية و تركية و العراق و الأردن و الخارجية اللبنانية و نشاط الجزائر و الإمارات و محاولات العمانيين التقريب بين سورية و تركية ستفضي حتماً لنتائج تصبّ في مصلحة الجميع دون استثناء فهل سنرى جاويش اوغلو و المقداد في موسكو أم في الجزائر ؟

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


غورباتشوف لو إستطاع تقليد التجربة الصينية
بقلم: سميع صعب

الإعلام العربي "الإسلامي" وإشكاليّة الهويّة والانتماء؛ قناة الجزيرة أنموذجًا مأزومًا
بقلم: زينب الطحان



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب طارق صياح حاتم |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//