جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

غورباتشوف لو إستطاع تقليد التجربة الصينية | بقلم: سميع صعب
غورباتشوف لو إستطاع تقليد التجربة الصينية



بقلم: سميع صعب  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
04-09-2022 - 1833

يُجادل الكثيرون في الحيثيات التي تحكمت بالسياسة التي تبناها آخر الزعماء السوفيات ميخائيل غورباتشوف، وقادت إلى إنهيار الإتحاد السوفياتي الذي كان إمبراطورية مترامية الأطراف فرضت على الولايات المتحدة الثنائية القطبية على مدى 75 عاماً. بعد مضي أكثر من 30 عاماً، لا تزال تثار تساؤلات حول دوافع إنهيار الإتحاد السوفياتي، هل هي ذاتية، أم بفعل الضغوط الخارجية؟ ولماذا لم يبادر غورباتشوف إلى فعل شيء لمنع الإنهيار؟ يرى البعض أن عوامل الإنهيار كانت مستفحلة قبل وصول غورباتشوف إلى الزعامة، وأن المرض بدأ يدب في أوصال الإتحاد في أواخر سنوات عهد ليونيد بريجينف ليبلغ درجة الإنهيار في أواخر الثمانينيات الماضية. وربما يبالغ البعض الآخر في إستحضار علامات الإنهيار السوفياتي، كإيراد مثال على ذلك، تمكُن الطيار الألماني ماتياس روست من الهبوط بطائرته السيسنا في الساحة الحمراء بموسكو في 28 أيار/مايو 1987 بعدما قادها من فنلندا متخطياً الدفاعات السوفياتية التي لم تتمكن من معرفة هل الطائرة تابعة لجهة صديقة أم عدوة؟ وبعيداً عن الإشارات الرمزية، تركز السردية الغربية على أن غورباتشوف، هو شخصية على نقيض مع مَن سبقوه على عرش الإمبراطورية السوفياتية، لأنه رفض أن يكون جوزف ستالين أو نيكيتا خروتشيف أو بريجينف (ولا يتم ذكر أندروبوف وتشيرنينكو نظراً لقصر مدة حكمهما قبل صعود غورباتشوف)، إذ أنه لم يمانع في ترك دول أوروبا الشرقية تقرر مصيرها وكذلك إتحاد الجمهوريات السوفياتية الإشتراكية الـ15. وعندما تحضر صورة غورباتشوف، تحضر صورة نقيضه في الغرب، فلاديمير بوتين. لا أحد ينسى للرئيس الروسي الحالي أنه قال ذات مرة إن تفكيك الإتحاد السوفياتي كان “أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين”، ولذلك هو متهم بمحاولة إعادة جمع ما فرّط به غورباتشوف وبالسعي إلى إحياء “الإمبراطورية”، والدليل الأخير هو حرب أوكرانيا، وما سبقها من خطوات إتخذها بوتين في الفضاء السوفياتي السابق. وبعد.. لا يقر القادة والمفكرون الغربيون في خلفيات تفكيرهم العميق بأن غورباتشوف كان رجلاً إصلاحياً (عبر البيريسترويكا) أو شفافاً (عبر غلاسنوست)، وإنما هو زعيم سوفياتي حقيقي وشيوعي حقيقي، أراد إعادة هيكلة الدولة المترامية الأطراف والمنهكة إقتصادياً بفعل سباق التسلح الذي أطلقه رونالد ريغان نحو “النجوم” ونتيجة الإنهاك العسكري والمعنوي في حرب أفغانستان، لكن الأمور خرجت عن سيطرته وذهبت في الإتجاهات التي ذهبت فيها “بسبب التغييرات المعقدة والمؤثرة وتحديات سياسية كبيرة خارجية واقتصادية واجتماعية” وفق ما قال بوتين في نعيه لغورباتشوف. وفي آخر خطاب له أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1988، دعا غورباتشيوف العالم إلى التغلب على فروقاته الإيديولوجية وآمن بأن ثمة إمكانية للتعايش بين الإشتراكية والرأسمالية في نظام متعدد الأقطاب. ورأى الأستاذ المشارك في قسم التاريخ بالجامعة الأميركية بالولايات المتحدة أنطون فيدياشين، أن هذا الخطاب هو الذي أنهى الحرب الباردة، وليست قوة الغرب وما جرى بعدها من سقوط جدار برلين والموافقة على توحيد ألمانيا، ويرى أن غورباتشوف دعم حرب الخليج الأولى التي قادها جورج بوش الأب، إيماناً منه بعالم متعدد الأقطاب وبأن ثمة مساحة للإلتقاء مع الولايات المتحدة ووضع الصراعات جانباً. إن عدم إصرار غورباتشوف على الحصول على ضمانات في غمرة هذه التحولات التي عصفت بروسيا وأوروبا الشرقية، هي التي قادت في أوكرانيا اليوم، إلى أخطر حرب على الأراضي الأوروبية منذ عام 1945، وتهدد بمواجهة مسلحة مباشرة بين روسيا وأميركا اللتين تملكان من الأسلحة النووية ما يمكن أن يدمر الكوكب عشرات المرات من المؤكد أن غورباتشوف ليس ستالين ولا خروتشيف أو بريجينيف. والدليل أنه عندما تململت دول أوروبا الشرقية بدءاً من بولونيا وتشيكوسلوفاكيا وألمانيا الشرقية، لم تكن ثمة مشاهد مستعادة من عامي 1956 في المجر و1968 في براغ. وإنتقلت العدوى إلى جمهوريات البلطيق وجورجيا داخل الإتحاد السوفياتي. وبدا أن غورباتشوف غير مستعد لإستخدام القوة للحفاظ على الإتحاد السوفياتي أو على النفوذ الروسي في أوروبا الشرقية، فكان الإنهيار الكبير. وبعد عقد من الإضطراب السياسي والإقتصادي والإجتماعي الذي عاشته روسيا في سنوات بوريس يلتسين، بدأ كثير من الروس يمعنون النظر في ما حدث، ويأخذون على غورباتشوف أنه قدّم للغرب أعظم نصر إستراتيجي بالمجان، ومن دون أن تحصل روسيا على أي ضمانات تحفظ هيبتها كدولة عظمى وتؤمن لها مصالحها في أوروبا والعالم، حتى صار كثيرون يتندرون في أميركا على أن روسيا لم تعد بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي سوى عبارة عن محطة وقود مجهزة بأسلحة نووية. ويتساءل الروس أيضاً لماذا لم يأخذ غورباتشوف خلال التفاوض مع القادة الغربيين على الإنسحاب من أوروبا الشرقية، ضمانات خطية من أن حلف شمال الأطلسي لن يتمدد إلى أوروبا الشرقية نحو الحدود الروسية؟ وهل فعلاً إعتقد غورباتشوف لوهلة بأن الولايات المتحدة المنتشية بالنصر في الحرب الباردة والتي توّجها بوش الأب زعيمة على النظام العالمي الجديد، ستترك أوروبا الشرقية منطقة محايدة بين روسيا وأوروبا الغربية؟ أو هل إعتقد أن الولايات المتحدة ستقبل بروسيا “أطلسية”؟ إقرأ على موقع 180 الصين تطلق يوانها الرقمي... والدولار مهدد بفقدان الريادة إن عدم إصرار غورباتشوف على الحصول على ضمانات في غمرة هذه التحولات التي عصفت بروسيا وأوروبا الشرقية، هي التي قادت في أوكرانيا اليوم، إلى أخطر حرب على الأراضي الأوروبية منذ عام 1945، وتهدد بمواجهة مسلحة مباشرة بين روسيا وأميركا اللتين تملكان من الأسلحة النووية ما يمكن أن يدمر الكوكب عشرات المرات. لم تكن الولايات المتحدة مستعدة للتعامل برحمة مع روسيا بعد إنهيار الإمبراطورية ووضعها الإقتصادي المزري في العقد الأول من التسعينيات، فقاد الرئيس الأميركي سابقاً بيل كلينتون الموجة الأولى من تمدد الناتو إلى أوروبا الشرقية وصولاً إلى الرئيس الحالي جو بايدن الذي ضم فنلندا والسويد هذا العام. ما طالب به بوتين من ضمانات أمنية من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في الأشهر التي سبقت حرب أوكرانيا، هو ما كان يجب أن يصر عليه غورباتشوف قبل تسليم أوراق القوة التي بين يديه. العالم يقف اليوم على حافة حرب عالمية ثالثة لأن الولايات المتحدة، لم تأخذ في الإعتبار المخاوف الأمنية لروسيا، ولأنها لا ترى أن من حق روسيا أن تكون دولة تتمتع بنفوذ في الفضاء السوفياتي السابق، وأن من حق حلف الأطلسي أن يتمدد إلى أوكرانيا وجورجيا وأن يكون حلفاً عسكرياً-أمنياً بلا حدود مهمته دور الشرطي في العالم والحفاظ على الأحادية القطبية الأميركية. والبحث جارٍ في الوقت الحاضر عن الدور الذي يمكن أن يقوم به “الأطلسي” في نظيريه الهادىء والهندي في مواجهة الصعود الصيني. ومنذ خطاب بوتين أمام مؤتمر ميونيخ للأمن عام 2007، عندما حذر من عواقب إستمرار تمدد الأطلسي نحو الحدود الروسية، ومن إستمرار الأحادية القطبية، كان يمكن قراءة الحرب الأوكرانية مسبقاً. وبالعودة إلى غورباتشوف ومقارنته بالتجربة الصينية، لا يمكن إلا تذكر دنغ شياو بينغ الذي تبنى إقتصاد السوق بعد رحيل ماو تسي تونغ في أواخر السبعينيات، بينما أبقى قبضة الحزب الشيوعي على السياسة الداخلية. ونزلت دبابات جيش التحرير الشعبي إلى ميدان تيان آن مين في بكين عام 1991 لفض إعتصام المطالبين بالإصلاحات السياسية. كان المعتصمون يطالبون بإصلاحات سياسية إقتداءً بما جرى في أوروبا الشرقية والإتحاد السوفياتي. وتحولت الصين بعد ثلاثة عقود من الزمن إلى ثاني قوة إقتصادية في العالم ولم تتفتت سياسياً. ألم يكن في وسع غورباتشوف أن يفعل ما فعله دنغ شياو بينغ؟ أم أنه حاول فأخفق؟ من المؤكد أنه كان للعالم وجهاً مختلفاً اليوم.

 

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


بيت العنكبوت .. الرقص مع العواصف
بقلم: نارام سرجون

سورية و (تركيا) تاريخ من علاقات معقدة و مستقبل مجهول :
بقلم: طارق صياح حاتم



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب سميع صعب |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//