جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

المواجهات في شرق الفرات السوريّ ومصيرها | بقلم: العميد د أمين محمد حطيط
المواجهات في شرق الفرات السوريّ ومصيرها



بقلم: العميد د أمين محمد حطيط  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
18-02-2021 - 991

في ظلّ شبه المراوحة التي تعيشها منطقة إدلب، مراوحة لا يخرقها الا بعض عمليات القصف المحدود رداً على عدوان إرهابي أو خرق لوقف إطلاق النار غير معلن، وفي ظلّ التحرك المحدود للجماعات الإرهابية وجماعات «المنقلبين على مصالحة الجنوب» وما يقابله من سعي سوريّ لمنع الخروق تلك والتصدّي لمحاولات العودة الى الوراء وصولاً الى انهيار المصالحة كلياً، في ظلّ كلّ ذلك يبدو المسرح السوري في الشرق والشمالي الشرقي – شرقي الفرات – هو الميدان الأكثر حدة والأشدّ حرارة الذي يتفاعل بشكل ينذر بتطورات خطيرة وهامة تتواجه فيها قوى ذات مصالح متنافرة او متقاطعة في بعض أجزائها، تطورات تبدو وكأنها في سباق مع الزمن حيث يريد كلّ طرف من المتحرّكين على المسرح فرض واقع يؤسّس الى مستقبل يناسبه في الميدان، وتالياً لرسم حدود موقعه وحجمه على الساحة السورية برمّتها.
فالحركة الكردية الانفصالية المسمّاة «قسد» تريد استغلال عودة بايدن الى السلطة في أميركا، وتسعى الى تغيير الواقع يما يبرّر تدخله لصالحها وإنعاش مشروعه البديل بتقسيم سورية بعد أن سقط المشروع الأصلي بالسيطرة عليها، ولهذا تلجأ «قسد» الى تفعيل سياسة التغيير الديمغرافي المنفذة من قبلها عبر عمليات التطهير العرقي أو الإخضاع، وبشكل تتوخّى منه تفريغ المنطقة من الأكثرية العربية فيها لتتحوّل الى منطقة ذات أكثرية كردية تسيطر على أقليات عرقية متناثرة لا تشكل تهديداً لحكم «قسد» فيما لو نجحت في تثبيت دعائم كيانها الانفصالي.

ومن أجل ذلك ترتكب قسد بحق السكان العرب في المنطقة التي تسيطر عليها شمال شرقي الفرات أبشع وأقذر الجرائم وأشدّها خسة وانعداماً للشرف والأخلاق، وتمسّ بجرائمها تلك كلّ شرائح المجتمع العربي وعلى المستويات كلها، ونذكر من جرائمها ذكراً لا حصراً، عمليات اغتيال رؤساء العشائر، وحرق المحاصيل الزراعية، والحصار وقطع المياه، وتعطيل عمل القطاع الصحي الرسمي والخاص، وإقفال المدارس الرسمية والخاصة، فضلاً عما تفرضه من أعمال سخرة وتجنيد إجباري أو حرمان من فرص العمل وإقفال المشاريع، وكلها جرائم ترتكبها بشكل يجعل الحياة مستحيلة في المنطقة من دون غذاء أو ماء أو دواء أو تعليم أو إنتاج ما يجبر السكان على الرحيل والهجرة بما يحقق أهداف «قسد» من تغيير ديمغرافي في المنطقة يسهّل لاحقاً إعلان الكيان الانفصالي ذي الأكثرية الكردية على مساحة تكاد تعادل 22% من مساحة سورية كلها.

أما القديم المتجدّد الذي تشهده المنطقة من البادية والجزيرة الى المدن الأساسية فيها شرقي تدمر وصولاً الى البوكمال ودير الزور، فهو استعادة خلايا داعش لنشاطها الإرهابي بشكل أشدّ إجراماً وأكثر وحشية، حيث ترتكب العمليات الإرهابية بشكل أساس ضدّ المدنيين وضدّ العسكريين خارج الخدمة وأثناء انتقالهم للاستفادة من أوقات الاستراحة الشهرية التي يسمح لهم بها وفقاً لظروف الميدان.

وتهدف داعش من إشعال النار الإرهابية في تلك المنطقة التي تتسع مساحتها لتصل الى 2000 كلم يتوسطها شرقاً معبر البوكمال – القائم (في العراق) الى شلّ الجيش العربي السوري وحلفائه من المنطقة أو تعطيل قدراته وإفساد حالة الأمن والاستقرار فيها بما يؤدّي إلى قطع محور الاتصال بين العراق وإيران شرقاً وسورية ولبنان غرباً في خطة ترمي الى إفشال محور المقاومة في السيطرة على طريق الاتصال البري بين مكوناته ومنع سورية من فرض الاستقرار واستعادة السيطرة على مواردها الطبيعية النفطية والزراعية في المنطقة الشرقية والجزيرة بما يخدم سياسة الضغط الأميركي التصاعدي والذي كان «قانون قيصر» الأميركي آخر تجلياته الإجرامية.

أما تركيا التي تخشى من احتضان بايدن لـ «قسد»، وتخشى من نجاح الأخيرة في سعيها لإقامة الكيان الكردي الانفصالي على حدودها الجنوبية في شرقي سورية، وتسعى لتنفيذ بعض ما في الميثاق الملي الذي تتمسك به، فإنها تتحرك في سباق مع الوقت للتقدّم في عمق المنطقة الشرقية الشمالية للسيطرة على مفاتيحها الاستراتيجية كعين عيسى وسواها، بشكل يعرقل خطة «قسد» ويراكم الأوراق التركية في مواجهة سورية أولاً ويوطئ لاهتمام أميركي أكبر بالمصالح الأمنية والسياسية التركية في سورية. فتركيا ترى انّ توسيع احتلالها في سورية مع السيطرة على مناطق ذات خصوصية استراتيجية أمر ملحّ لها خاصة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة التي تعتقد بأنّ أميركا لن تتحرك خلالها في سورية او العراق، لأنها ستكون مشغولة حتى الإرهاق الشديد بملفاتها الداخلية التي خلفها ترامب ولا زال يشكل تهديداً بها.

ولتعقيد المسألة أكثر ولتوفير فرص نجاح الأطراف المذكورة في جرائمها ضدّ سورية وحدة وسيادة وأمناً تتدخل «إسرائيل» بشكل منهجي مخطط مستهدفة مراكز الجيش العربي السوري في المنطقة بشكل تدميري مركز تبتغي منه إخراجه من مواقعه وتوفير فرص أكبر لنجاح كلّ من الأكراد والإرهابيين في أهدافهم المذكورة.

ونعود الى صاحب الحق السيادي والمعني الأساس في المنطقة، أيّ سورية وحكومتها وجيشها، والى حلفائها الذين يحضرون ببعض قواتهم في تلك المنطقة، فنجد أنهم ومنذ أشهر عدة يمارسون عمليات الدفاع الثابت وتعزيز السيطرة على المواقع التي يشغلونهم مع التشبّث بها بما يمكنهم من تنفيذ استراتيجية تحرير المنطقة من الاحتلال الأميركي الذي يشكل المرتكز والأساس الذي يستند اليه الانفصالي الكردي «قسد» والإرهابي المتجدّد «داعش» من دون أن نهمل ما تتوخاه تركيا من هذا الاحتلال… فخروج أميركا من المنطقة يعني قطع 75% من الطريق لتحريرها واستعادتها إلى كنف الدولة.

وعليه فإننا نرى انّ سورية تواجه حشداً من القوى من دول وحركات انفصالية وجماعات إرهابية تتقاطع مصالحها أو تتباعد، لكنها تتوحّد كلها في اتجاه واحد هو العمل ضدّ سورية وحلفائها لمنعها من استثمار الانتصار وعرقلة العودة الى الحياة الطبيعية والحؤول دون تفعيل موقعها الاستراتيجي في الإقليم، لذلك تعمل تلك القوى المعادية مشكلة من المخاطر ما يستوجب المواجهة بخطط واستراتيجيات تذكر بما اعتمد خلال السنوات العشر الأخيرة في إطار المعركة الدفاعية في مواجهة الحرب الكونية.

وبشكل موضوعيّ، يمكننا القول إنّ منطقة شرقي الفرات تشكل اليوم المسرح المختصر لاستكمال الحرب على سورية من قبل الأساسيين في جبهة العدوان عليها، وتشكل المدخل الإجباري لتثبيت سورية لنصرها الاستراتيجي الذي تحقق حتى الآن. نقول ذلك من دون أن نهمل أهمية تحرير منطقة إدلب لكننا عدلنا في ترتيب الأولويات الآن لأنّ منطقة شرقي الفرات باتت تتقدّم أهمية وخطورة على الأخرى بسبب ما ذكرنا من حجم التدخلات فيها ونظراً للاحتلال الأميركي الجاثم عليها والذي يمدّ كلّ أعداء سورية بالدعم المعنوي أو الإسناد العسكري المباشر وغير المباشر لتحقيق أغراضه ضدّ سورية.

وعليه نرى أنّ ما بات يتشكل من قوى دفاع سوري قائمة على مثلث متماسك متشكل من رفض شعبي وتحرك ميداني ورعاية وصلابة رسمية هو العلاج المناسب الذي لا بدّ منه لدفع الأخطار التي تشكلها تلك المصادر المعادية.

انّ تمسك الشعب السوري بأرضه ورفض الهجرة والرحيل عنها سيسقط خطة «قسد» في التغيير الديمغرافي، وفعالية القوة القتالية الميدانية السورية بفرعيها الجيش والمقاومة الواعدة، وعملهما ضدّ قوى العدوان المركب أمر من شأنه أن يفسد خطة المحتلّ والإرهابي والصهيوني في شلّ المنطقة ومنع استقرارها، كما يسجل انّ المقاومة باتت تشكل تهديداً يتطوّر باستمرار لإسقاط ما يخطط للمنطقة، وأخيراً وهو الأساس، انّ صلابة الدولة السورية وتمسكها بوحدة الأرض وقدرتها على استيعاب الضغوط السياسية والميدانية معطوفاً على ما تقدّم من موقف شعبي ومواقف ميدانيّة كفيل بإفشال خطة اقتطاع شمال شرقي الفرات أيّاً كان المعتدي محلياً او إقليمياً أو دولياً.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


لماذا عشقت لغة الضاد؟
بقلم: الشيخ غريب‌رضا

لماذا بلاد العرب و"اسرائيل" معاً في إطار "ناتو" إقليمي جديد ؟
بقلم: الدكتور عصام نعمان



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب العميد د أمين محمد حطيط |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//