استفاق سكان القرى الحدودية اللبنانية المحاذية لفلسطين على هدير من نوع آخر صباح يوم أمس الثلاثاء، هدير الأرض المصحوب بالجنون الإسرائيلي الجديد الآتي من أزمات كبيرة في الداخل.
كعادتها أعلنت إسرائيل عن عملية عسكرية جديدة تحت ذريعة حماية أمنها واختارت التوقيت المناسب لها من حيث اعتبارها أنها قادرة على ضرب عصفورين بحجر واحد، أولهم الهروب من الأزمات الداخلية المتراكمة ومن أبرزها محاولة نتنياهو التعتيم على قضية الفساد التي تلاحقه منذ مدة، بالإضافة إلى الفشل العسكري الأخير في غزة.
هذا عدا عن المحاولات الإسرائيلية المتعددة بفرض ضغط دولي وإقليمي على "حزب الله" اللبناني من بوابة حصوله على صواريخ حديثة ودقيقة من إيران عبر سوريا أصبحت بالتالي مقلقة لتل أبيب وقيادتها العسكرية التي عجزت حتى اليوم عن تحقيق إنجاز واحد في هذا المسار الاستراتيجي الهام بالنسبة لها.
من جهة أخرى، اختارت إسرائيل اللحظة والفرصة المناسبة للإعلان عن عمليتها العسكرية "درع الشمال" من خلال قراءتها للوضع اللبناني المتأزم داخليا من خلال فشل السلطة السياسية اللبنانية بتشكيل حكومة موحدة وقيام بعض الأطراف الخارجية والداخلية على اتهام الحزب بالعرقلة كونه مقرب من إيران التي بحسب البعض لا تريد تشكيل الحكومة في لبنان.
لكن الحدث الأبرز كان من خلال "الهزة" الداخلية في جبل لبنان والتي استطاع الحزب لجمها درءا للفتنة الداخلية من خلال الوعي السياسي والإدراك بما يمكن أن تحمله هذه "الهزات" والقرارات غير المسؤولة. لكن الحدث الأمني الأخير له تداعياته وإن كانت خفيفة من خلال زيادة الاصطفاف والخلاف السياسي اللبناني وجر البلاد إلى عدم الإستقرار الذي تحلم به إسرائيل.
تعاني إسرائيل منذ مدة من "فوبيا" الأنفاق حيث أنها تسبب القلق المستمر لها عبر الضغط الشعبي في الداخل الإسرائيلي عليها من خلال أنباء وأخبار تصدر عن ألسنة المستوطنين حول وجود أنفاق للحزب تحت الأرض في قلب المستعمرات.
من جهة أخرى يحاول الحزب التعامل بشكل هادئ مع الأحداث الأخيرة مدركا أن معادلة الردع والتوازن التي أرساها في الجنوب اللبناني لا تتحمل أي عبث بها أو تعديل فيها، وهو لن يسمح للإسرائيلي بأن يتجاوز مفاعيلها أو يتحايل عليها، خصوصاً انه يمسك بخيوط اللعبة هناك، خلافا للميدان السوري التي تملك فيها تل ابيب هامشاً من المناورة بفعل تعدد اللاعبين وتداخل عوامل إقليمية ودولية.