اختلاق الروايات وتقديسها المقاومة القانونية | توثيق جرائم الصهيونية | اختلاق الروايات وتقديسها
تاريخ النشر: 13-04-2024

بقلم: الدكتور ماجد الخواجا

منذ اختلاق روايات شعب الله المختار والأرض المقدسة والوعد الإلهي، ومع ظهور كتاب « عيسى ولد يهودياً» بدأت سلسلة من النظريات والكتب والأفكار الداعمة لكل تلك الأساطير والأكاذيب بالأرض الموعودة لنهاية الشتات اليهودي والخلاص.
وصولاً إلى السابع من أكتوبر والذي كان أكبر فرصةٍ لاختلاق الأكاذيب المختصة بها منظمة «زاكا»
« وجدنا طفلًا مقطوع الرأس، بحثنا عن رأسه ولم نجده»، رأيتُ امرأة حامل وسط بركة من الدماء. بُقر بطنها، وطُعن جنينها، كانت الجدران والحجارة تصرخ: لقد اغتُصبت. منذ السابع من أكتوبر، اجتُرت هذه المزاعم ومثيلاتها مرات لا تحصى على ألسنة المسؤولين الصهيونيين والغربيين، وعلى شاشات وصفحات وسائل الإعلام الغربية، وظلت تتكرر حتى بعد أن بدأ التشكيك بصدقيتها. لكن ما لم يحظ بكثير من الانتباه هو أن لهذه التصريحات منبعاً رئيساً: منظمة صهيونية للاستجابة للطوارئ تدعى «زاكا».
حضر أعضاء زاكا مبكراً في مواقع الهجمات، فارضين سطوتهم باعتبارهم «شهود عيان» يتبعون جهة غير حكومية. وسرعان ما باتوا وافري الحضور في كبرى مؤسسات الصحافة الغربية: من رويترز، وسي إن إن، والنيويورك تايمز، والبي بي سي، إلى واشنطن بوست، وول ستريت جورنال، والغارديان، وغيرها الكثير. رغم ذلك، لم تكلف معظم هذه المؤسسات نفسها عناء البحث في خلفية زاكا وأعضائها. مثل هذا البحث كان ليحطم مشروعية الاعتماد عليها كمصدر رئيس لاتهامات بهذه الخطورة.
في عام 1989، نفذت حركة الجهاد الإسلامي عملية استشهادية في القدس قتل فيها 16 إسرائيليًا. أحد الشهود على العمليةكان «يهودا ميشي زهاف»، اليهودي الحريدي ذي الثلاثين عاماً، الذي نشأ في بيت معادٍ للصهيونية على أسس دينية، والذي كان قد قاد في شبابه مظاهرات معارضة لكسر السبت اليهودي، رشق فيها الشرطة بالحجارة. كان حضوره في ذلك المكان « نقطة تحول»، إذ دفعه لإدراك المصير المشترك لليهود، وتأسيس منظمة «زاكا» في العام نفسه، لتسجل رسميًا بعد ذلك بست سنوات. تعمل منظمة «زاكا» للبحث والإنقاذ (واسمها اختصار بالعبرية التعرف على ضحايا الكوارث) على جمع رفات القتلى، سواء في عمليات المقاومة أو حوادث السير أو الكوارث الطبيعية، من أجل دفنهم وفق الشريعة اليهودية التي تقتضي جمع كامل الجثمان وغسل الدماء، وتحضيرهم للدفن في أقرب وقت ممكن. تعتمد المنظمة بالكامل على التبرعات والمساعدات الحكومية، وغالبية أعضائها متطوعون من الحريديم المتشددين دينيًا. ونظرًا إلى أن الحريديم لا يخدمون في جيش الاحتلال لأسباب دينية، فقد تم تصوير هذا التطوع باعتباره مساهمتهم البديلة في المجتمع الصهيوني. وسرعان ما برز اسم المنظمة خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، لتتوسع فتضم وحدات متعددة، وحتى تنشئ وحدة دولية أرسلت أعضاءها للكثير من مواقع الكوارث الطبيعية حول العالم. في الوقت نفسه، تعززت علاقتها بالحكومة، حيثتقول زاكا على موقعها إنها تعمل بتعاون لصيق مع وزارة الخارجية والجيش وأجهزة الحكومة الأخرى. وقد بدا وكأن المنظمة تحقق للكيان هدفًا مزدوجًا، فمن جهة تخفف ظاهريًا من التوتر الداخلي بين المتدينين والعلمانيين، ومن جهة أخرى تعمل على ترويج صورة الكيان كفاعل خير عالمي.
نجحت زاكا بالفعل في حشد اعتراف دولي، ففي عام 2005، تم تصنيفها من الأمم المتحدة كمنظمةإنسانية دولية، وفي 2016، منحتها الصفة الاستشارية.
داخل الكيان لم تكن صورة ميشي زهاف ومنظمته ناصعة بنفس الدرجة. على مستوى المصداقية، عُرف عن زاكا مبكرًا نشرها للمبالغات والتأويلات والأكاذيب. عبّر عن ذلك بأن زاكا ترسل كل شيء» ما حدث، ما يظنون أنه حدث، وما لم يحدث كذلك» في الماضي، أرسلوا عدة أنباء اتضح أنها أكاذيب.
عبر اختلاقها عشرات القصص حول قتل الأطفال واغتصاب النساء، تمكنت زاكا من ترويج نفسها كوجهة مثالية لتبرعات دعم ضحايا الإرهاب، ووفّرت للكيان وليمة من المواد الدعائية التي سرعان ما التهمتها وسائل الإعلام الغربية، محولّة إياها لوقود لحرب الإبادة.
هذا هو كيان أسطرة الأكاذيب وتقديس الأوهام.


جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013