الساعة النووية أم الساعة الديبلوماسية؟ التقارير والمقالات | الساعة النووية أم الساعة الديبلوماسية؟
تاريخ النشر: 03-10-2022

بقلم: نبيه البرجي

في مشهد مركّب كاريكاتورياً، في العراء. زاده كاريكاتورية السروال العسكري الذي يرتديه فولوديمير زيلنسكي، وكان أقرب ما يكون الى شروال غوار الطوشي (وكان ينقصه قبقاب

غوار). الى جانبه لوحان خشبيان هما وزير الدفاع ووزير الخارجية. كل هذا ليوقّع أمام (عشيقته) الكاميرا طلب الانضمام الى حلف الأطلسي...

ما الجدوى من الطلب الآن، وقد اقتطع القيصر أربع مناطق من بلاده، بمساحة 100000 كيلومتر مربع، أي ما يشكل حزاماً وقائياً في وجه الصواريخ التي يزمع الأميركيون نصبها في أوكرانيا، بعدما كانت الخارطة مختلفة تماماً. الصواريخ على أبواب روسيا، أي على أسوار الكرملين !

الأميركيون، وعبر تلك الدمية الهلامية، هم من دفعوا الأمور الى تلك اللحظة التراجيدية. لم تسقط الدمية. أوكرانيا هي التي سقطت بخسارة المناطق الأكثر حيوية لاقتصاد هذا البلد، أن من الناحية الصناعية، أو من الناحية الزراعية، وحتى من الناحية النووية.

هل المليارات تلو المليارات ما تحتاجه كييف من البيت الأبيض أم أنها تحتاج الى القوات

الأميركية وهي ترغم الروس على التقهقر، بل وتتيح للرئيس الأوكراني تحقيق حلمه

بالوصول، كما نابليون بونابرت وأدولف هتلر، الى أبواب موسكو، رافضاً ـ بأوامر من واشنطن ـ أي مبادرة للجلوس على طاولة المفاوضات، وابقاء بلاده خارج صراعات القرن.

هذه هي أميركا. ماذا فعلت برجالها في فيتنام، وفي أفغانستان، كما في أميركا الللاتينية، وغيرها وغيرها. لنتذكر قول زين العابدين بن علي لمسؤول في دولة المنفى "اياكم والأميركيين، انهم يدفنوننا ونحن أحياء". ماذا تبقى اليوم من زيلنسكي سوى شروال غوار وقبقابه؟

ربما هذا ما يمكن أن يتبقى من القادة العرب الذين يسندون ظهورهم الى الأساطيل، مع أن باستطاعتهم بناء دول، ومجتمعات، في اطار منظمات اقليمية توفر لأعضائها الأمن الاستراتيجي، بكل وجوهه السياسية والاقتصادية، بعيداً عن ثقافة التبعية والارتهان.

من ينظر الآن الى الأسواق الدولية، وحيث الأسعار تحلق، لا بد أن يلاحظ حصول خلل دراماتيكي في مستوى الحياة، الروس يمسكون الى حد بعيد بأوراق الغاز، والقمح، وحتى الحديد والخشب. في وضعهم الجديد سيكونون أكثر قدرة في الضغط على الأسواق...

للمرة الأولى ينتقل معلقون أميركيون من الهجوم العاصف على روسيا، ومنذ أن بدأ الغزو في 24 شباط الفائت، الى التشكيك بسياسات الادارة. في "الواشنطن بوست" ماذا بعد اليوم ؟ أي قنبلة تسقط في لوغانسك، أو في دونيتسك، أو في زاباروجيا، أو في خيرسون، كما لو أنها سقطت في الساحة الحمراء. من هنا التساؤل ما اذا كان العالم قد اقترب من الساعة النووية.

المناخ العام وصل الى حد طرح الأسئلة العصبية حول "الجدوى من دورنا في أوكرانيا"، أو "لكأنه الوجود في عنق الزجاجة"، وبعدما ثبتت عبثية المواجهة بالواسطة، أو من المقاعد الخلفية، حتى وان استنزفت الكثير من الامكانات، كما من المعنويات، الروسية.

الروس وقد أخطأوا كثيراً في الحسابات حققوا أشياء بالغة الحساسية على الأرض. الصينيون الذين لم يحن وقتهم بعد باتوا أكثر دراية بنقاط القوة، كما بنقاط الضعف، لا يستبعدون أن يكون بين البنود الرئيسية لأي صفقة،عودة "الابنة الضالة"، أي تايوان الى الأرض الأم.

ثمة تعليقات تسخر من تأثير العقوبات على المسارات الاستراتيجية للدول. الايرانيون الذين

يخضعون لعقوبات تكاد تمنع عنهم الهواء، باتوا، كردة فعل، عى بعد خطوات، وربما ساعات، من القنبلة النووية.

اضافة الى ذلك، توجه بعض الدول الى البحث الجدي في انشاء نظام مالي، ومصرفي، عالمي لا يكون بامرة الولايات المتحدة، دون أن يكون ذلك مستحيلاً، وان كان نجوم وول ستريت، وحيث الكعبة المالية المقدسة، يعتبرون أن الحد من قوة الأرمادا المالية الأميركي أشبه ما يكون بالحد من دوران الكرة الأرضية..

العالم، ونحن الجزء التائه منه، أمام خيارات صعبة. السؤال المدوي الآن: الساعة النووية أم الساعة الديبلوماسية؟؟


تنويه | المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع

جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013