بعد ملحمة "سيف القدس" : ماذا تريد اميركا و"اسرائيل" وماذا يريد الفلسطينيون ؟ التقارير والمقالات | بعد ملحمة "سيف القدس" : ماذا تريد اميركا و"اسرائيل" وماذا يريد الفلسطينيون ؟
تاريخ النشر: 23-06-2021

بقلم: الدكتور عصام نعمان

ملحمة "سيف القدس" لم تنتهِ مفاعيلها بعد . قادة فصائل المقاومة في قطاع غزة أكدوا ويؤكدون ان اي إعتداء على الأقصى ومقدسات القدس الشريف سيُطلق شرارة الحرب مجدداً. السيد حسن نصرالله حذّر بدوره من ان المساس بالقدس سيؤدي الى حرب اقليمية.
الولايات المتحدة تدرك المخاطر المحدقة ، لاسيما بعدما انتهت انتخابات رئاسة الجمهورية في ايران الى فوز مرشح المحافظين المتشددين السيد ابراهيم رئيسي . لذا تحوّطت مسبقاً بدعوة رئيس اركان الجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي الى واشنطن للتباحث في التحديات الماثلة .
ماذا تريد اميركا و "اسرائيل" ؟
رون بن يشاي، كبير المحللين العسكريين في صحيفة "يديعوت احرونوت" (2021/6/18) حدّد بلغته ( وبموافقة ضمنية طبعاً من قيادة الجيش الإسرائيلي) أهم القضايا موضوع البحث :
جرأة ايران المتزايدة في عملياتها ضد اميركا والسعودية والإمارات في العراق واليمن .
بلورة اتفاقات وتفاهمات بين اميركا و"اسرائيل" بشأن التعاون في مواجهة تحدياتٍ مصدرها اطراف محور المقاومة الذي ترعاه ايران.
احتمال وصول ايران الى عتبة انتاج سلاح نووي وتداعيات ذلك على مصالح اميركا و"اسرائيل" في الشرق الاوسط .
مخاطر تسلّح ايران بصواريخ باليستية بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية.
محاولات ايران وحزب الله الدفع قدماً بمشروع الصواريخ الدقيقة وانعكاسات ذلك على علاقة ايران وحزب الله بفصائل المقاومة في قطاع غزة.
طلب "اسرائيل" من اميركا مساعدتها في التزوّد بكميات كبيرة من الصواريخ الإعتراضية والسلاح الدقيق ، ومساعدتها في تطوير سلاح الليزر الدفاعي والهجومي.
الى ذلك كله يضيف عاموس هرئيل ، المحلل العسكري البارز في صحيفة "هآرتس" (2021/6/18) مسألة اخرى مقلقة لـِ "اسرائيل" هي الأموال الوفيرة المحوّلة من دولة قطر الى قطاع غزة ، ذلك ان "اسرائيل" تريد منع وصول هذه الاموال الى "حماس" بتغيير آلية تحويلها بحيث تذهب الى حكومة السلطة الفلسطينية في رام الله .
ماذا يريد الفلسطينيون بعدما بات نحو 94 في المئة منهم ، وفق نتائج الإستطلاع الاخير الذي اجراه د. خليل الشقاقي ، مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله ، يفتخرون بأداء "حماس" في ملحمة "سيف القدس" ويعتقدون انها خرجت منتصرة منها وجديرة بتمثيل الشعب الفلسطيني ؟
يتضح من تصريحات قادة "حماس" و"الجهاد الإسلامي" ان ابرز القضايا والمواقف والمطالب التي تتشدد بشأنها فصائل المقاومة في غزة هي الآتية :
التمسك بقواعد الإشتباك التي كرستها ملحمة "سيف القدس" ومفادها ان ايّ اعتداء على المقدسات في القدس الشريف يستوجب رداً فورياَ من فصائل المقاومة ، وان لا عودة الى التهدئة قبل وقف الإعتداء وإلتزام العدو بوقف اطلاق النار بلا قيد ولا شرط .
عدم الربط بين إعادة الإعمار في قطاع غزة والتوصل الى إتفاق مع العدو بشأن أسراه المحتجزين لدى المقاومة في القطاع.
رفع الحصار عن قطاع غزة دونما قيود او شروط ، على ان تكون الخطوة الاولى إلغاء القيود المفروضة على الصيد في بحر غزة.
حسناً، لكن ماذا يريد مناصرو المقاومة الفلسطينية في دنيا العرب وشتى ارجاء العالم ؟
يمكن إستخلاص الجواب من مداخلات اكثر من 500 شخص من شتى أنحاء العالم شاركوا في حوارٍ نظمه "المنتدى العربي من اجل العدالة لفلسطين" قبل خمسة ايام في بيروت من خلال منصة "زوم" Zoom ، وقد تقاطعت مداخلتي مع مداحلاتٍ اخرى في نقاط عشر على النحو الآتي :
أولاً ، ترسيخ الإلتزام بمركزية قضية فلسطين في الحياة العربية وفي اوساط القوى الحيّة في العالم المناصرة لقضية الشعب الفلسطيني المناضل ضد العنصرية والإحتلال الصهيونيين ، والتأكيد على ان مواجهة العدو يجب ان تتم في هذا المنظور المتكامل كي لا يبقى شعب فلسطين وحيداً في ساحات النضال فيسهل على العدو تطويق مقاومته ومحاولة إخمادها.
ثانياً ، ترجمة مبدأ مركزية قضية فلسطين بدعم المقاومة الفلسطينية مالياً وميدانياً ، مباشرةً وليس مداورةً ، ما يستوجب عدم ارتهان دعم المقاومة لأية مساومة او مراعاةٍ للظروف السياسية للأطراف الداعمة.
ثالثاً ، إعتبار المقاومة المدنية والميدانية هي النهج الأفعل في التصدي للعنصرية والإحتلال الصهيونيين ، وإقلاع فصائل المقاومة، منفردين او مجتمعين ، عن اعتماد اسلوب الديبلوماسية والتفاوض مع الكيان الصهيوني قبل دحره وتحوّل موازين القوى لمصلحة المقاومة.
رابعاً ، تكريس المقاومة الفلسطينية عموماً وفصائل المقاومة في قطاع غزة خصوصاً شريكاً كامل العضوية في محور قوى المقاومة الناشط سياسياً وعسكرياً في منطقة غرب آسيا الممتدة من شواطيء البحر الابيض المتوسط غرباً الى شواطيء بحر قزوين شرقاً .
خامساً ، إتخاذ محور المقاومة ، دولاً وتنظيمات ، قراراً مُلزماً بتحديد مواقفها من الدول المحيطة جغرافياً بفلسطين المحتلة في ضوء مواقف هذه الدول من المقاومة الفلسطينية ممثلةً بقيادتها السياسية والميدانية .
سادساً ، التوافق في إطار القيادة السياسية والميدانية الموحدة لفصائل المقاومة الفلسطينية الناشطة في الوطن السليب على إبقاء المقاومة المدنية والميدانية بشتى اشكالها حيّة وناشطةً ضد العدو الصهيوني والحرص على التنسيق فيما بينها لتأمين أعلى مستويات الفعالية.
سابعاً ، توحيد جبهات المقاومة والقتال لكل أطراف محور المقاومة ، ولا سيما تلك التي لها حدود مشتركة مع فلسطين المحتلة ، وذلك لتأمين اعلى مستويات التنسيق والمشاركة فيما بينها من جهة ودعماً للمقاومة الفلسطينية الناشطة داخل فلسطين المحتلة من جهة اخرى.
ثامناً ، التوافق بين اطراف محور المقاومة على مباشرة التصدي ، سياسياً وميدانياً، للدول المعادية لأيّ طرفٍ من اطرافه ، ولا سيما سوريا والعراق وايران ، كونها تنشر من دون موافقتها قواتٍ عسكرية فيها ، على ان يتمّ التصدي لها في إطار خطةٍ استراتيجية متكاملة لإكراه الدول المعادية على سحب قواتها من اراضي دول محور المقاومة بلا قيد ولا شرط.
تاسعاً ، فتح الحدود وضمان إيجاد وحماية مسارات لوجيستية بين دول محور المقاومة لتأمين نقل وتبادل المواد والسلع ذات الطابع الإستراتيجي ، ولاسيما النفط والغاز.
عاشراً ، عقد مؤتمرات دورية ، سياسية واستراتيجية ، بين دول وتنظيمات محور المقاومة ونشر مقرراتها ذات الصلة بنضالها الموصول ضد الكيان الصهيوني وحلفائه الاقليميين والدوليين وذلك في اطار الجهود المبذولة لتوعية القواعد الشعبية وتعزيز ثقافة المقاومة في دنيا العرب وعالم الإسلام.
هل ثمة نهج أقوى وأفعل ؟


تنويه | المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع

جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013