جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية المجلس الثقافي

الإنسانية ثقافة | بقلم: الدكتور نبيل طعمة
الإنسانية ثقافة



بقلم: الدكتور نبيل طعمة  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
25-02-2023 - 1352

تتشكل من أسس ومبادئ وقيم، يُبنى عليها الإنسان كما تبنى المجتمعات والدول والأمم، وتستند على الاحترام المتبادل والتفاهم من خلال الحوار، إنها أكثر من نهج، وأكبر من رؤية، وأوسع من مساعدة أو تبرع أو إنقاذ على أهمية كل فعل وضرورة القيام به، أو التقدم إليه بالعفوية الأخلاقية، أو من خلال الآداب الإنسانية.

ففي الأزمات والحروب وحلول الكوارث؛ زلازل وفيضانات وبراكين، تصبح كل الدروب المنهارة بفعل كل ذلك معبدة من أجل إنقاذ الأرواح من أفواه الجحيم المتناثرة تحت وبين الركام، الذي ينتشر مثل النار في الهشيم، لتتجلى الحياة على حسابات الموت، وتتناقض مسيرة الفهم والعلم البشري نتاج اندفاعات الإنسانية، التي تكبر على الأحداث، فنراها تصغر كما هو حال الحزن وتداعياته.

وإني أرى أن أهم التحديات الكبرى لدى شعبنا وشعوب الأرض هو الانتماء إلى الإنسانية التي ينبغي أن تتحول إلى هوية للفرد، لأن ظهورها يجب ألا يكون في الأزمات فقط، إنما تعبير تفاعلي دائم، ومسؤولية مستدامة ومتطورة، ليس على صعيد الفرد للفرد، وإنما على الصعد الوطنية كافة، وتحويله إلى نشاط متواصل يؤمن بالمساعدة والإيثار والتبرع لإغاثة المتضررين من الكوارث، وليس غريباً ما رأينا من اندفاعة أبناء مجتمعنا السوري وتقدمه للتبرع والمشاركة في الإنقاذ والدعم المادي واللامادي للمتأثرين من حدث الزلزال الكبير وتردداته.

الأسرة.. المجتمع.. الدولة.. مسؤولون عن تربية وتنمية القيم النبيلة، وهذا في اعتقادي أنه ما من دولة على وجه الأرض إلا وتنشد ذلك، فتربية الدولة لأبنائها على ذلك تتحول إلى دولة عمادها التفاهم والاحترام مع كل شعوب الأرض، وأهمها بين أفراد شعبها، الذي نجده في مقدمة من يساعد ويغيث ويتبرع عند أي حالة تدعوه إليها ظروف الدولة، وفي أي مكان من جغرافيتها، أو حتى من خلال رد الجميل لمن يساعدها من الدول المحيطة القريبة أو البعيدة.

الإنسانية ثقافة مغمورة بمشاعر الصدق والوفاء والعطاء والتسامح، فالمرّ يمرّ بحضورها، والأسى يتصاعد بزوالها، هذه التي تؤدي إلى التخفيف من معاناة المتضررين، وتشعرهم بأن لهم وطناً وإخوة وأصدقاء وأهلاً، وأن كل هؤلاء مؤمنون بأن لا شيء يمنع من التفاعل الإنساني، وأن كل فرد يمكنه المساهمة في جهود التخفيف من الأضرار بشكل أو بآخر مادي أو معنوي، ومن حق الدولة أن تدعو جميع أفراد مجتمعها للمساهمة بالتبرع، وإلى مواصلة جهودهم الإنسانية والوطنية في التخفيف من وطأة وتداعيات الزلزال، والإسهام بما يقدرون عليه، من خلال تبرعهم لتوسيع مظلة المستفيدين من المساعدات الإغاثية.

إن ساحة العمل الإنساني يجب أن تكون حاضرة في ذهن أي مواطن، لأنها جزء من موروثنا الأخلاقي الذي أسس لبناء مجتمعنا، وأن الإيمان بتقلب الأيام وتغير الأحوال، وأن هذه اللحظات الإنسانية لا تقدر بثمن، وأن الشعور بنفس واحد يقسم السعادة، ويخفف من الأحزان، لأن الحقيقة في النظر هي التي تجرح العظم، فكيف بمكسوري القلوب من الناجين، أياً كان شكلها والتفكير الذي ينبغي أن يسود، كيف نعيد لهم بسمتهم، ونوصلهم إلى بر الأمان والآمال وبناء الطموحات من جديد؟

الإنسانية ثقافة تفتح بحضورها أبعاداً واسعة وآفاقاً نحو تعزيز أواصر الأخوة والتعاون وتعزيز المبادئ الوطنية التي بها تتم مواجهة مختلف الظروف القاهرة، محليةً كانت أم إقليمية أو دولية، فالحدث تجربة واقعة مع ظروف المرحلة المعيشية يفرضان علينا -نحن السوريين- تعزيز المفاهيم الوطنية التي تحفظ لنا وجودنا الذي حفظته سابقاً، وتنقلنا إلى المستقبل بأمان، فالذي حل بنا يرينا قسوة الحدث الذي تعرضت له سورية أرضاً وشعباً وقيادة، والاندفاعة الإنسانية التي تحركت إلى جانب الدولة كانت لفتة يجب التفاعل معها وتعزيزها وتوطينها في الفكر الاجتماعي السوري، ونقله إلى الأجيال، أي تحويله إلى موروث إيجابي، لأنه ترك أثراً طيباً لدى جموع ملايين السوريين، فالمبادرات السريعة والفاعلة لتقديم المساعدات عبرت عن المخزون الإنساني الرائد في وقوف الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية إلى جانب إخوتهم، وأظهرت مواقف أخوة صادقة وطيبة.

في كثير من الأزمات المبرمجة عسكرية أو اقتصادية أو حتى سياسية تحتمل طبيعتها التأجيل أو المماطلة في الحلول، ما يبطئ العمل الإنساني فيها، إلا أنه في الكوارث الطبيعية التي تحضر من دون سابق إنذار تتطلب الاستجابات السريعة والفاعلة، وفي حالتنا السورية ظهر الأشقاء والأصدقاء، وعلى رأسهم الدول العربية التي قدمت أنموذجاً في العمل الإنساني تجاه كارثة الزلزال مع العديد من الدول الصديقة، على حين لاذت الدول الغربية وأمريكا بالسياسة في مواجهة القيام بدورها السياسي، وهذا ما جعلها في حالة العري والكيل بمكيالين، من خلال وضعها لحواجز المعايير السياسية، بينما العمل الإنساني لا يعرف إلا معايير الإنسانية التي تتجسد في إنقاذ الإنسان لأخيه الإنسان، أياً كان شكله أو معتقده، أو حتى الخلاف معه، وسياسة العقوبات على الدول والشعوب، أعمال لا إنسانية، لأنها تفتك أو تكون أشد فتكاً من الحروب والزلازل أو البراكين.

 


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//