جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

العراق:خلافات اجتماعية طائفية لا يمكن إزالتها ولكن يمكن إدارتها | بقلم: صائب خليل
العراق:خلافات اجتماعية طائفية لا يمكن إزالتها ولكن يمكن إدارتها



بقلم: صائب خليل  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
18-09-2022 - 2563

1- ما حدث مؤخرا من تأزم حول عبارة باسم الكربلائي، ليس سوى انكشاف لـ "شقوق" مؤجلة الردم بين جوانب المجتمع والثقافة الاجتماعية والدينية - المذهبية، قد يتعثر بها المجتمع في أي وقت، سواء عفويا او بقصد من جهة تريد إعثاره.
.
2- هذه الإشكالات عصية على "الحل" بشكل مبدئي ونهائي ولكن الوعي بوجودها واعطاءها الاهتمام، مفيد جدا في تقليل اضرارها
.
3- هذه المشاكل و"الشقوق" موجودة في أي مجتمع، ومن الخطأ (الذي كثيرا ما يكون مقصودا) الحديث عن المجتمع العراقي باعتباره مأزوما بها.
.
4- تتمثل صعوبات حل هذه الإشكالات بعدة عوامل من أهمها انها تستند إلى أحداث تاريخية، غالبا ما تكون لها روايات مختلفة يستند إلى كل منها أحد المذاهب. هذه الأحداث لم يعد ممكنا التأكد منها، دع عنك تغييرها، وتغيير نتائجها وآثارها العاطفية.
.
5- حتى تلك التي يمكن استبيان صحتهاخللها، تجد ان الحقيقة لم تعد اهم العوامل في التعامل معها، فهي بشكلها الصحيح او المختل تمثل تراثا قديما بني عليه الكثير من الأدب والشعائر التي صار من الثقيل بل من المستحيل تعديلها، حيث صارت تلعب دور روابط أساسية في الفئة الاجتماعية التي تتبنى الرواية. وهذه الروابط ليست أشياء تافهة يمكن ازالتها دون التسبب بالكثير من الألم والتداعيات الخطيرة على تلك الفئة وبالتالي المجتمع كله.
.
6- "تتكيس" هذه الشقوق القديمة عادة بشكل ما يتيح لها وللمجتمع ان يتعايش دون اصطدامات كبيرة وحادة. وتحدث هذه العملية (التكيس) بشكل طبيعي دون ان يشعر بها المجتمع بشكل عام، فيبدو كل شيء هادئ نسبيا، رغم ان تلك الشقوق موجودة بحالتها قليلة الأذى.
.
7- تتكشف هذه الشقوق ويظهر تأثيرها السلبي على السطح، بعد مرور المجتمع بتغيرات كبيرة، تخرج هذه الشقوق من حالة تكيسها السابق، فلا يعود ممكنا تجاهلها، بل تعرض نفسها كإشكالات يجب "حلها" بشكل ما.
.
8- افضل مثال على تلك الشقوق المتكيسة التي خرجت الى السطح في العراق، هو الروايات التاريخية التي يتبناها الشيعة لأحداث في التاريخ الإسلامي، الكثير منها تمس شخصيات إسلامية لها احترام كبير بين السنة. بعض هذه الروايات حقيقي ومتفق عليه وبعضها مختلف عليه وبعض آخر يبدو غير منطقي، لكنها جميعا تخدم ترابط وقوة الطائفية، خاصة وانها تعرضت الى الكثير من الاخطار الوجودية خلال ذلك التاريخ.
.
9- كان "التكيس" الذي حدث هو ان هذه الروايات التاريخية لم تكن تطرح في الأماكن العامة ووسائل الإعلام، بل تقتصر على جلسات مغلقة للشيعة هدفها تثبيت قوة الطائفة وتماسكها، وهذا لم يكن يثير السنة لأنه بعيد عنهم، وبهذا كانت المشكلة مخفية او يمكن ان نقول عنها انها "متكيسة" عديمة الأذى.
.
10- بالمقابل لم تكن لدى السنة روايات تستفز المشاعر الشيعية بشكل شديد، (ربما لأنهم لم يكونوا بحاجة الى تأكيد تجمعهم المذهبي لأنه لم يمر بنفس الصعوبات التاريخية التي مر بها الشيعة)، فالسنة يكنون كل الاحترام لآل البيت وبشكل خاص للإمام علي والأئمة الحسن والحسين، ويتسمون بأسمائهم بنسب اعلى مما يتسمون بالرموز التقليدية التي تنسب لهم مثل الخلفاء عمر وأبو بكر، دع عنك معاوية ويزيد. لكني استطيع ان افترض انه لو كان السنة قد مروا بالضغوط والاخطار التاريخية التي مر بها الشيعة، لطوروا أيضا روايات وشعائر تهين الطرف الآخر لترفع قيمتهم، وهذه ظاهرة معروفة اجتماعيا على مستوى العالم للأقليات المضطهدة.
.
11- لم تكن السيطرة النسبية للسنة على التاريخ الإسلامي واضطهاد الشيعة ودفعهم الى بعض الباطنية، محض صدفة، بل هي حالة ربما تكون عامة اذا تذكرنا ان الشيعة يمثلون جانب الفقراء في الإسلام، او الجانب "الإشتراكي" الساعي الى مساواة الفقراء، رغم ان هذا التقسيم ليس دقيقا في كل المراحل ولا ينطبق على كل الرموز.
.
12- عودة الى العراق الحالي، اتاح التغير السياسي في ميزان القوى وسقوط صدام، للشيعة أن يلعبوا دورا اكبر بكثير في قيادة البلد، مستفيدين من اغلبيتهم العددية، إضافة الى قوتهم التنظيمية المتمثلة بـ "التقليد" الذي يمنحهم نواة او اكثر للتجمع حولها واخذ الرأي النهائي منها، وهو ما لا يملكه السنة، إضافة الى وجود إيران، وهي، على عكس ممالك الخليج، دولة حقيقية وليست تابعة وفاسدة.
.
13- نتيجة هذا الزلزال الاجتماعي إذن ظهرت تلك الشقوق، وخرجت من "تكيسها" وصارت الجماعات التي كانت تمارس طقوسها في أطر مغلقة هي صاحبة الإعلام الأكبر، فكان لا بد ان تظهر تلك الروايات الإشكالية، وكان لا مفر من ان تجرح احاسيس السنة، وان تطرح نفسها كمشكلة تطالب بـ "حل"!
.
14- لكن كيف الحل؟ انها احداث تاريخية قديمة ولا يمكن ان تطلب من أي جانب ان ينسى روايته عنها. كذلك لا ينفع المنطق هنا للوصول الى اتفاق أيها هو الصحيح، بسبب التداعيات التي تحدثنا عنها على الطائفية التي قد تتقبل تغيير روايتها وتعترف بأنها "غير منطقية"، خاصة ان السنة لم يعودوا يشعرون بالاطمئنان المذهبي الذي كانوا يشعرون به سابقا، وصارت استثارة مشاعرهم الطائفية وقلقهم، اسهل بكثير. والشيعة لم يعودوا يشعرون بضرورة الصمت او تغيير روايتهم، وسيشعرون بالقلق الشديد ممن قد يطلب منهم الصمت واغلاق كل ذلك التراث الطويل الذي صار جزءا أساسيا من تكوينهم النفسي والإنساني والقيمي. وهذا بالضبط ما يفسر ردة الفعل الشديدة لاحتجاج سياسي سني على عبارة مهينة اطلقها الرادود باسم الكربلائي. رد الفعل الشديد يأتي من القلق: هل علينا ان ننسى كل هذا التراث اذن؟ هل علينا ان نسكت عن كل تلك الحقائق التي نؤمن بها من اجل مداراة الآخرين؟ إنه رد فعل مفهوم تماما.
.
15- في الجانب السني أيضا يستحيل قبول الحل على حسابهم. فهم ليس فقط يحترمون من تمت اهانتهم واعتبروها إهانة موجهة اليهم، لكن أيضا يدركون ان هناك قانون يعاقب من يهين المقدسات ويستفز الطوائف، وتم تنفيذه بالفعل ببعض من اساء الى رموز شيعية، فلماذا يمتنع عن تنفيذه عندما يكون الامر بالعكس؟ إنه شيء غير مقبول بالتأكيد، واذا مرر بهذا الشكل فهو يهدد بكوارث اكبر مستقبلا!
.
16- هل نحن امام قدر لا يمكن تجاوزه وحالة مستعصية على الحل؟ لحسن الحظ لا. فهذه الشقوق، وإن كان مستحيل ازالتها و "حلها"، إلا ان من الممكن "إدارتها"، لتقليل الأضرار إلى اكبر درجة ممكنة. إنها اشبه بحفرة في الشارع لا نملك الأدوات لردمها، فنقوم بـ "إدارتها" من خلال احاطتها بسياج ما يمنع الناس من السقوط فيها، وبالتالي يرد الجزء الأكبر من أذاها.
.
17- الخلاف جزء من الطبيعة البشرية ولا يمكن "إزالة" الخلافات، ولكن يمكن "إدارتها". وأذكر محاضرة قيمة جدا للمرحوم نصر حامد أبو زيد شبه من يحاول "إزالة" خلافات المجتمع، بمن يحاول حل مشكلة تقاطع السيارات بإجبار جميع السيارات بأن تتجه اتجاها واحداً. أما "إدارة" هذا الاختلاف، فهو بوضع أضوية المرور وتوزيع الوقت بعدالة، وهو مثال جميل ومعبر جدا، ويسهل بقاءه في الذاكرة.
.
18- "إدارة" هذه الشقوق ليس سهلا، لكنه ممكن ببعض الجهد الثقافي وكمية كافية من حسن النية. ولا يصعب اقناع جميع الأطراف بالالتزام بما تمليه تلك "الإدارة" للشقوق بعد تطمين الجميع الى ان هذه "الإدارة" تحقق لكل الأطراف افضل مصالحها التي تخشى عليها من الحلول التي قد تسبب بتجريح تراثها أو روابطها، مقابل تنازلات محدودة من قبل جميع الأطراف. إنه الجهد اللازم للبحث عن الشكل المقبول "للسياج" الذي نحيط بها "الحفرة" الاجتماعية، لكي لا يسقط فيها المجتمع وتتسبب في الكوارث.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


معضلة المقاومة في الضفة الغربية والخيارات الإسرائيلية
بقلم: حسن لافي

وأخيراُ رحل الرجل الذي هوّد الاسلام وباع يد النبي للناتو ... هل يلام القرضاوي؟ !! ...
بقلم: نارام سرجون



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب صائب خليل |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//