جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

تركيا.. الهدف هو الأهم وليس الأداة! | بقلم: الدكتور بسام أبو عبدالله
تركيا.. الهدف هو الأهم وليس الأداة!



بقلم: الدكتور بسام أبو عبدالله  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
04-08-2022 - 1735

جاء وصول حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا مع بدايات الألفية الجديدة كجزء من إعادة رسم الخريطة في المنطقة كلها، بناءً على مشروع أميركي عنوانه «الإسلام والديمقراطية»، اشتغل عليه بحثياً خلال تسعينيات القرن الماضي، وتمت دراسة التفاصيل، ووضع الخطط بدءاً من مرحلة الانطلاق بما سُمي أحداث 11 أيلول بهدف سيطرة الولايات المتحدة، ومن خلفها الأدوات الغربية على مصادر الطاقة وطرق الإمداد، والبوابات البحرية، ولا حاجة لشرح المزيد في هذه النقطة لأنها أصبحت معروفة، وليس سراً أنهم أطلقوا على هذا المشروع تسمية «الشرق الأوسط الكبير» ثم عدلوه ليصبح «الشرق الأوسط الجديد».

رأس الحربة في هذا المشروع كان التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، حيث تم تكليف مشيخة قطر بأدواتها الإعلامية والمالية بالتنسيق مع الحزب الحاكم في تركيا، وبإدارة أميركية مباشرة مع قوى إقليمية أخرى قيادة هذا المشروع من خلال غرفتي عمليات «الموم» في تركيا، و«الموك» في الأردن، وهاتان الغرفتان كانتا تنسقان كل تفصيل يتعلق بالجماعات الإرهابية التي استخدمت لغزو سورية وتدميرها.

كتبت عن ذلك سابقاً في «الوطن» السورية، ولكن للتذكير فإن الرئيس التركي أردوغان كان قد أطلق أكثر من 34 تصريحاً موثقاً يقول فيه علناً إنه نائب رئيس مشروع الشرق الأوسط الكبير، وإن تركيا جزء أساسي من هذا المشروع، وضمن إطار الاتفاق مع تركيا كان المطلوب المساهمة في إسقاط النظام السياسي في سورية، والإتيان بنموذج عميل يسيطر عليه الإخوان الذين سيشكلون الخنجر الذي سينظفون فيه أي وجود لكلمة العروبة، وسيغيرون هوية سورية العربية، وينقلونها باتجاه الخدمة للمصلحة الأميركية الغربية، لا بل الإسرائيلية بالطبع، وستكون سورية في شكلها الجديد مجموعة كانتونات كل كانتون فيها يتبع لجهة إقليمية ودولية، والنموذج الليبي مثلاً هو شرق وغرب، في شرق ليبيا نفوذ لقوى إقليمية ودولية، وفي غربها لقوى أخرى، وأعتقد أن وضع سورية كان سيتشرذم أكثر إثنياً ودينياً، وسندخل كسوريين مرحلة اختفاء الدولة لمصلحة نفوذ قوى الأمر الواقع التي كانت ستنشأ على الأرض.

قبلت تركيا آنذاك دورها في المشروع الذي كان سينتج كانتوناً كردياً يمتد من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب في الشمال السوري، وكلمة «كردي» هنا وفقاً لما استخدمه مصممو المشروع، بالرغم من أن نسبة وازنة من السوريين الكرد قاتلوا مع دولتهم ضد هذا المشروع، ولكن هنا أتحدث عن أولئك الذين انخرطوا في المشروع الأميركي بما في ذلك العرب منهم، وآنذاك كان الوعد لتركيا أن هذا الكانتون سوف يكون تحت حمايتها، ويربط بها اقتصادياً تماماً كما حصل في شمال العراق مقابل أن تقوم تركيا بمنح أكرادها تمثيلاً سياسياً في البرلمان، وبلديات وحقوقاً ثقافية، وفعلاً نفذ أردوغان ما طُلب منه حتى عام 2015، وكلف آنذاك حقان فيدان رئيس استخباراته بالتفاوض مع مجموعات كردية في بعض الدول الإسكندنافية، كما تم السماح لبعض المقربين من أوجلان باللقاء معه بإشراف الاستخبارات التركية، ودعا من سجنه للتفاهم مع الحكومة، والعمل السلمي بدلاً من العمل المسلح.

حكومة أردوغان لم تكن ضد نشوء هذا الكانتون المسمى «كردياً»، ونفذت ما طُلب منها داخلياً، لكنها وبسبب ضغوط قوية من الاتجاه القومي التركي، والمؤسسة العسكرية تراجعت عن ذلك لأن بعض أطراف الدولة العميقة تبين لها أن تقسيم سورية، سيؤدي أوتوماتيكياً لتقسيم تركيا لاحقاً، وأن الوعود التي قدمت لهم لم تكن دقيقة، ما أجبر أردوغان على البدء بالتراجع عن التزاماته التي تعهد بها ضمن إطار المشروع الأميركي الكبير، والذهاب نحو المساومة مع الأميركيين حول ما التزم به وهو ما نتج عنه العمل على الإطاحة به في محاولة الانقلاب في تموز 2016، إذ كان هدف الانقلاب تعزيز نفوذ فتح الله غولين، وجلبه للسلطة، علماً أن غولين من أكثر من يدعم إنشاء الكانتونات وتقسيم دول المنطقة، وهذا لا يعني أبداً أن أردوغان لم يكن مع هذا المشروع، ولكن محاولاته مع الأميركيين عبر فتح البازارات، وتردده لأسباب داخلية دفعت بهم لمحاولة الإطاحة به.

بعد نجاته من محاولة الانقلاب 2016 بدعم الروس والإيرانيين الذين ساهموا في إنقاذه من القتل وفقاً للكثير من المصادر والمعلومات، عمل على تنويع علاقات تركيا مع روسيا والصين وإيران، مع إبقاء باب البازار مفتوحاً مع الأميركيين والأوروبيين، بهدف ابتزاز كل الأطراف.

عمل أردوغان بحجة مواجهة الكانتون الكردي المدعوم أميركيا، على إنشاء «منطقة آمنة» بعمق 30 كيلو متراً تشكل حاجزاً بشرياً له حسب اعتقاده في مقابل الكانتون الذي تدعمه الولايات المتحدة، وأسماه في مخططاته غير المعلنة «سنةستان» مقابل «كردستان»، وصولاً إلى ما وصلنا إليه الآن من عملية عسكرية محتملة تجاه منبج وتل رفعت لإكمال الشريط الذي يطمح لإقامته واحتلاله تحت عنوان مواجهة المشروع الكردي الذي كان قد تعهده في بداية التزامه بمشروع الشرق الأوسط الكبير.

يجب أن نفهم هنا أن أردوغان وحزبه لم يكونوا ضد المشروع منذ البداية، لكن عدم اتفاق المصالح، وذهابه نحو معارضة المشروع الأميركي، وبناء مشروعه الخاص وتنسيقه مع الروس على الأرض في بعض المفاصل بسبب غباء بعض قيادات ميليشيات «قسد»، أو عمالتها، أديا إلى احتلاله منطقة إثر أخرى وصولاً إلى منبج وتل رفعت.

بعد قمة طهران التي تفاءل البعض بها، وتشاءم آخرون، فإن أمام الرئيس التركي فرصة أخيرة للاستفادة من مخرجات القمة، والتي يبدو واضحاً أن الرئيس الروسي بوتين لا يريد ترك المجال واسعاً أمام أردوغان للمماطلة كثيراً كعادته، حيث دعاه للاجتماع في 5 آب القادم في سوتشي لبحث ملفات عدة سيكون من بينها سورية، كما أن بوتين الذي سيستضيف قمة أستانا القادمة في روسيا، قبل نهاية العام، لن يقبل أن يستضيف هذه القمة إلا بعد تحقيق اختراقات مهمة في الملف السوري.

الآن أمام أردوغان خياران لا ثالث لهما:

– الخيار الأول: الانتقال من مرحلة المراوغة والتسويف، والمماطلة في الملف السوري إلى مرحلة التنفيذ التدريجي على مراحل، والتنسيق الميداني مع الروس، والجيش العربي السوري لإنهاء وجود الجماعات الإرهابية في إدلب، والبدء بتنفيذ اتفاق عام 2019، مقابل التعاون أيضاً بتفكيك مشروع الكانتون «القسدي» المدعوم أميركيا، وهذا ممكن إذا صدقت النيات من الجانب التركي، وخاصة أن الانتخابات التركية على الأبواب، وهي مفصلية للغاية بالنسبة له، ويحتاج إلى إيجاد مخارج وطرح حلول لملف اللاجئين أولاً، وأيضاً البحث عن آفاق مستقبلية لأبناء المحافظات التركية المحاذية لسورية الذين قطعت أرزاقهم وجاءهم اللاجئون، ومع تردي الواقع الاقتصادي في تركيا أصبحت الأمور لا تطاق، ما يعني أنه ما لم يطرح حلولاً لهم سيصوتون لمصلحة أحزاب المعارضة، وهؤلاء تعادل أصواتهم 11 بالمئة، وهي نسبة كبيرة للغاية.

– الخيار الثاني: أن يذهب باتجاه الاستمرار بالمراوغة وعدم تنفيذ تعهداته كما اعتاد سابقاً، والقول إنني أمام انتخابات حاسمة، ولا أستطيع الانقلاب فوراً على ما بنيته خلال أكثر من عقد من الزمن من تنظيمات إرهابية، وجماعات موالية، وقد يكون ذلك بعد فوزي بالانتخابات، وهو أمر لن تقبل به كثير من الأطراف، وسيعتبر استمراراً لحبل الكذب الذي أصبح معروفاً به أردوغان وجماعاته.

لا يوجد خيار ثالث، فالزمن يدهمه بسرعة، والضغوط أصبحت كبيرة، ولا أحد سيقبل التسويف والمماطلة، وإذا أراد الفوز بالانتخابات فأعتقد أن عليه ألا يخسر الروس والإيرانيين خاصة أن أعداءه كثر، ويعملون على الإطاحة به بأي ثمن، وهذا واضح تماماً في واشنطن!

أخيراً: هناك التباس يقع به كثيرون عندما نكتب عن تركيا، إذ يفهم البعض من كلامنا أن مصلحتنا في فوز أردوغان، وأننا ندعو لذلك، وهذا ليس صحيحاً أبداً، ما يهمنا بوضوح شديد أن هناك حقيقة تاريخية ومستقبلية بالنسبة للشعبين وليس نظام الحاكم في أنقرة كائناً من كان، وهي أنه دون عودة المياه إلى خط دمشق أنقرة، وانسحاب جيش الاحتلال التركي وعودة اللاجئين، فإن المنطقة لن تستقر، وستبقى قلقة بما فيها بالطبع سورية، ما يهمنا هو الهدف وليس الأداة، سواء تحقق ذلك على يد أردوغان، الذي يشك كثيرون في نياته، ومعهم كل الحق، أو زعيم المعارضة كليتشدار أوغلو، لا فرق.

وبالرغم من تشاؤم الكثيرين في هذا الشأن، لكني لست منهم، فالتتريك يواجه بالتعريب، وبصراع الهوية والثقافة داخل تركيا التي بدأ مواطنوها يعلون أصواتهم، ومقابل حملات التتريك، هناك اتجاه لتعلم اللغة العربية يتنامى بسرعة في المناطق المحاذية لسورية لأن ديناميات الأحداث ووجود السوريين في هذه المناطق لا تسير في اتجاه واحد كما يعتقد البعض، وهذا موضوع لمقال آخر.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


الاستعمار التقني
بقلم: علي بن مسعود المعشني

ضربات محدودة ام مواجهة شاملة؟ .. "حدث كبير قبل ايلول" !
بقلم: ماجدة الحاج



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب الدكتور بسام أبو عبدالله |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//