جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية المجلس الاجتماعي

مفاهيم منوّعة - الاعتراف الدولي | بقلم: الدكتور محمد عزيز شكري
مفاهيم منوّعة - الاعتراف الدولي



بقلم: الدكتور محمد عزيز شكري  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
01-03-2022 - 5953

لما كان نشوء دولة جديدة يعني قيام شخص قانوني دولي جديد ومباشرته اختصاصات دولية تمسّ إيجابياً أو سلبياً اختصاصات الأشخاص الدولية الأخرى، فقد استلزم القانون الدولي أن يرافق استكمال الدولة لعناصرها إجراء قانوني يتمثل في اعتراف الأسرة الدولية بهذا الكيان الجديد، أي أن تسلّم الأشخاص الدولية القائمة باستكمال الدولة الجديدة لكل أركان الدولة وقبولها التعامل معها عضواً في المجتمع الدولي.

الطبيعة القانونية للاعتراف

انقسم الفقهاء بشأن الاعتراف international recognition، فبعضهم يرى فيه عملاً إنشائياً constitutive وآخرون يرونه عملاً إظهارياً declaratory. فمن يَرَ في الاعتراف عملاً إنشائياً يَرَ أن الاعتراف يعني قبول الدول زميلة جديدة لها في المجموعة الدولية والإقرار لها بالحقوق والامتيازات اللازمة للسيادة. ومن شأن هذا الرأي أن يجعل من الاعتراف عملاً يخضع لاعتبارات سياسية وربما لشروط معينة مادام تعبيراً عن الإرادة الحرّة للدول المعترفة.

ومن يَرَ في الاعتراف عملاً إظهارياً يذهبْ إلى أن الاعتراف عمل مظهر تقتصر وظيفته على الشهادة بنشوء عضو جديد في الجماعة الدولية وينطوي على الإقرار بأمر واقع. ومن شأن هذا الرأي أن يجعل من الاعتراف عملاً حقوقياً بحتاً تلتزم الدول الأخرى به بمجرد استكمال الدولة الجديدة لعناصر وجودها من دون أن يخوّلها اعترافها ترتيب أي شروط أو قيود من جانب الدولة المعترفة.

والحقيقة أن الاعتراف إذا كان في طبيعته أقرب إلى أن يكون عملاً إظهارياً فإنه يجب التأكيد أن الدولة غير المعترفة بالدولة الجديدة لا تلزم بالدخول معها في علاقات دولية مهما كان نوعها، فإنشاء مثل هذه العلاقات أو عدمه أمر اختياري تقدم عليه برضاها. بل لا شيء يمنع هذه الدول من إنكار صفة الدولة على النظام الجديد إذا ما احتجت بعدم قناعتها بتوافر عناصر الدولة في هذا النظام. ولهذا فإن تقدير توافر أو عدم توافر عناصر الدولة في النظام الجديد هو عمل سياسي وحقوقي في الوقت نفسه.

صور الاعتراف

الاعتراف إما علني أو ضمني. فالاعتراف العلني هو اعتراف قانوني وكامل de jure يتم استناداً إلى طلب وإجابة صريحة عنه. فالسكوت هنا لا يعدّ بياناً. وهذا الاعتراف يتم إما بصورة فردية ويصدر عن السلطة المختصة دستورياً في الدولة المعترفة، أو بصورة جماعية، كأن تقرر مجموعة من الدول الاعتراف بالدولة الجديدة كما حدث في الاعتراف بليبية الصادر عام 1949 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.

أما الاعتراف الضمني وهو اعتراف فعلي de facto فيتم عن طريق التعامل مع الدولة الجديدة فتدخل الدول معها في علاقات سياسية من دون أن يسبق هذه التصرفات اعتراف بها. من ذلك مثلاً اعتراف إيران الضمني بإسرائيل أيام حكم الشاه.

أنواع الاعتراف

الاعتراف لا يكون بالدول الجديدة فحسب، بل هنالك اعترافات بالثوار وبالمحاربين وبالحكومات الفعلية. ويذهب الفقه المعاصر لتأييد نوع رابع هو الاعتراف بالأمة أو بالحكومات الغائبة.

الاعتراف بالثائرين: يحصل إذا ما نشبت ثورة داخل دولة ما وتعدت حدود الهيجان الشعبي من دون أن تبلغ في الجسامة مبلغ الحرب الأهلية[ر]. ويجوز في مثل هذه الحال صدور الاعتراف بالثورة من الدولة الأم. ويكون الغرض منه رفع مسؤوليتها عن أعمال الثورة. ويترتب عليه أيضاً عدم جواز معاملة الثوار معاملة الخونة. أما إذا صدر الاعتراف بالثائرين من دولة أجنبية مثلاً فلا يترتب عليه إعطاء الثوار الحقوق المقررة في القانون الدولي للمحاربين combatants كحق زيارة السفن التابعة للدول وتفتيشها. ولا ينتج عنه التزام الدولة المعترفة باتباع واجبات الحياد بل لا يستحسن اعتراف الدول الأخرى بالثوار لأن ذلك يعدّ عملاً غير ودّي من جانب الدولة المعترفة تجاه الدولة التي تشهد الثورة بل قد يصل الحدّ بهذه الأخيرة إلى إعلان الحرب على الدولة المعترفة لتدخلها في شؤونها الداخلية كما فعلت بريطانية مع فرنسة عندما اعترفت هذه الأخيرة بالثوار الأمريكيين عام 1776.

الاعتراف بالمحاربين: إذا اتخذت الثورة شكل الحرب الأهلية وأصبح للثوار حكومة منظمة تباشر سلطاتها على إقليم معين، وجيش يتبع قواعد الحرب، ترتب على ذلك عدّ حالة الحرب قائمة بما ينجم عن ذلك من آثار، ولاسيما فيما يتصل بقواعد الحرب والحياد.

وخلافاً لما يذهب إليه كثير من الفقهاء فالاعتراف بالمحاربين فكرة عربية إسلامية الأصل. «فدار البغي» توازي ما يعرف اليوم بدار المحاربين أي المناطق التي يحتلونها، ودار البغي جزء من دار الإسلام تفرّد به جماعة من المسلمين خرجوا على طاعة الإمام الشرعي لحجج تأولوها مسوّغة لخروجهم، ثم إنهم تحصنوا في تلك الدار وأقاموا عليها حاكماً منهم وصار لهم جيش ومنعة.

وقد شهد الوطن العربي هذا النوع من الاعتراف حين بادرت الدول العربية الإسلامية وغيرها إلى الاعتراف بالجزائريين فور تأليف حكومتهم الأولى في القاهرة بعد اندلاع الثورة الجزائرية عام 1954 وسيطرتها على جزء من إقليم الجزائر.

الاعتراف بالحكومة الفعلية: إن الاعتراف بالدولة يتضمن، حكماً، الاعتراف بكل حكومة شرعية تقوم بها. ولكن قد تتألف في الدولة حكومة عقب ثورة أو انقلاب عسكري وتسمى هذه الحكومة حينئذٍ حكومة فعلية. ذهب «طوبار» وزير خارجية الاكوادور الأسبق في ضوء تكرر الانقلابات العسكرية في أمريكة اللاتينية، إلى عدم جواز الاعتراف بالحكومات الفعلية غير الدستورية إلا إذا أقرها ممثلو الشعب بصورة أصولية. غير أن التعامل الدولي في هذا الخصوص يقوم على اعتبارات سياسية، فالدول تعترف بالحكومة الفعلية لأسباب سياسية مهملة الاعتبارات القانونية. كما أن بعضهم يرى أنه مادامت الحكومة الفعلية مستمرة ومسيطرة على زمام الأمور في البلاد فهي جديرة بالاعتراف بها. غير أن هذا المنحى أصبح لا يستقيم إذا أُقر، مثلما فعل عهدا الأمم المتحدة لعام 1966 الخاصان بحقوق الإنسان، حقُ الشعب في تقرير مصيره، وهو يتضمن، فيما تضمنه، حق الشعب في اختيار شكل الحكم الذي يريده.

الاعتراف بالأمة أو بالحكومات الغائبة: ظهر هذا النوع من الاعتراف عقب اندلاع الحرب العالمية الثانية وإقدام النازيين والفاشيين على احتلال أقاليم الدول المحتلة برمتها. فقد انسحب زعماء البلاد المحتلة مثل تشيكوسلوفاكية (سابقاً) وفرنسة وبولونية واليونان إلى البلدان الحليفة وألّفوا فيها لجاناً قومية اعترفت بها الدول الحليفة على أنها حكومات في المنفى وحكومات غائبة governements in abstentia تمثل الأمم المغلوبة على أمرها وسمحت لها، على هذا الأساس، بتأليف جيوش وإصدار قرارات باسم أممها. ذلك أن الاحتلال لا ينشيء سيادة للمحتل مهما طال أمده، ولا يمكن الاعتراف بالأوضاع الناجمة عنه، وهذا ما يعرف بنظرية ستيمسون التي أطلقها في مطلع الثلاثينات عندما احتلت اليابان منشورية، وقد تبنّت عصبة الأمم نظريته التي أصبحت إحدى القواعد العامة الآمرة في القانون الدولي العام.

سحب الاعتراف

يتوقف الجواب عن السؤال حول جواز سحب الاعتراف بعد منحه على الرأي المتبنى بصدد الاعتراف: فإذا كان الاعتراف عملاً سياسياً منشئاً وصادراً عن الإرادة المطلقة للدولة جاز سحبه. أما إن كان عملاً قانونياً إظهارياً تلتزم به الدولة المعترفة ففي المسألة قولان: قول يرى جوازه وآخر ينفيه. هذا فيما يتعلق بالاعتراف العلني، أما الاعتراف الواقعي أو الفعلي فلا يحتاج إلى سحب لأنه مؤقت بطبيعته.


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//