جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

أفغانستان وحفل التسلّم والتسليم | بقلم: رفعت ابراهيم البدوي
أفغانستان وحفل التسلّم والتسليم



بقلم: رفعت ابراهيم البدوي  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
20-08-2021 - 995

بالأمس حطّت حركة طالبان رحالها في العاصمة كابل لتعيد بذلك صفحات التاريخ إلى ما قبل عام 2001 أي قبل الاجتياح الأميركي، حيث كانت العاصمة آنذاك تحت سيطرة الحركة بقيادة الملا عمر بالاشتراك مع تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن.
في عام 2001 وعقب أحداث نيويورك 11/9 اجتاحت القوات الأميركية أفغانستان وطردت حركة طالبان من العاصمة ومعظم المدن الرئيسية في البلاد وطاردت تنظيم القاعدة وصولاً إلى اغتيال أسامة بن لادن في باكستان في 2011.
نجحت الولايات المتحدة الأميركية في إقامة نظام رئاسي موال لها في أفغانستان ودعمت تشكيل وتسليح جيش أفغاني بصبغة جديدة واعتقد البعض أن زمن أول قد تحوّل وأن لا عودة إلى الوراء.
لكن ما جرى ويجري في أفغانستان أثبت العكس تماماً وأن الثوابت الأميركية هي أن لا ثوابت إطلاقاً وأن السياسة الأميركية أن لا سياسة محددة وأن القيم والمبادئ الأميركية هي أن لا قيم ولا مبادئ وأن حليف أميركا هو اللاحليف وأن كل شيء قابل للتغيير والتضحية به مقابل ضمان المصالح الأميركية فقط.
مشهد مغادرة الأميركي لأفغانستان وإتلاف وثائق السفارة الأميركية في كابل أعادنا إلى مشهد سقوط سايغون عام 1975 مع فارق بسيط هو إعلان انتصار قوات الفيتكونغ في معركتها على القوات الأميركية فيما لم تشهد أفغانستان معارك مشابهة بين طالبان والقوات الأميركية.
اختلف بعض المفكرين والباحثين والكّتاب في تقييم الانسحاب الأميركي من أفغانستان فذهب البعض إلى حد إعلان انهزام المشروع الأميركي في أفغانستان وامتداداً في المنطقة وأننا بدأنا نعيش نشوة الانكفاء الأميركي عن أفغانستان واستطراداً عن المنطقة.
أما البعض الآخر فيرى بالانسحاب الأميركي من أفغانستان ليس إلا ترجمة لنجاح الإستراتيجية الأميركية القائمة على تثبيت مصالحها من خلال زرع الفوضى وإثارة الفتن والتقاتل من دون تكبد الخسائر المكلفة.
ما يعزز فكرة نجاح إستراتيجية تثبيت المصالح الأميركية هو التاريخ نفسه حيث إن الولايات المتحدة الأميركية لم تدخل أو تجتاح بلداً إلا وتركته ممزقاً مهزوماً تتنازعه الحروب الطائفية والعرقية محروماً من أبسط مقومات الإنسانية والعيش الكريم وبلا دولة قوية منهوب الثروات المجيّرة لمصلحة مافيات تأتمر بأوامر الغرف الأميركية السوداء.
من جهة أخرى نلفت إلى أن العاصمة القطرية الدوحة شهدت في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب اجتماعات ومباحثات عدة ومباشرة بين ممثلين عن الإدارة الأميركية وممثلين عن حركة طالبان أسفرت في عام 2018 عن إبرام اتفاق معلن بين الإدارة الأميركية وطالبان قضى بانسحاب قوات الأخيرة من أفغانستان لكن من دون الإعلان عن تفاصيل الانسحاب العسكري أو عن المطالب السياسية ولا عن المدة الزمنية اللازمة لتنفيذ خطوات الانسحاب الأميركي.
مما لا شك فيه بأن الانسحاب الأميركي السريع من أفغانستان جاء لتحقيق أهداف أميركية البعض منها معلن ليبقى بعضها السري غير المعلن هو الأهم.
أميركا تعاني من جبهة داخلية شبه مفككة وتراجع في ميزان الاقتصاد ونزف مستمر في الخزينة إضافة إلى تكبدها خسائر بشرية فاقت 3000 قتيل وأكثر من 20000 جريح جراء وجودها في أفغانستان فكان لا بد من الحد من النزف الاقتصادي ومن الخسائر البشرية بالتوجه صوب تنفيذ الانسحاب، فيما وقفت الحكومة الأفغانية الموالية لأميركا في كابل حائرة لا حول لها ولا قوة أمام القرار الأميركي غير المنسق معها الأمر الذي يعزز فرضية الاتفاق السري بين طالبان والإدارة الأميركية.
مع مغادرة ترامب الحكم وتسلم جو بايدن تعززت فكرة الانسحاب الأميركي حيث إن الرئيس الجديد أراد التخلص من العبء الأفغاني الذي استنزف جيشه وخزينته طوال 20 عاماً تاركاً الأمور تشق طريقها بالتنسيق مع طالبان وبمعزل عن التنسيق مع الحكومة الأفغانية الحالية ما جعل عودة طالبان إلى الواجهة وسيطرتها على مرافق الدولة أمراً بغاية السلاسة وأشبه بحفل تسلّم وتسليم لمقاليد الحكم.
قد يبدو للبعض أن طالبان اليوم تختلف عن طالبان الملا عمر خصوصاً بعد بيانات طالبان التي تعهدت بعدم زعزعة الأمن مع دول الجوار وحفظ الحريات الدينية وضمان عدم استقبال أو تدفق الإرهابيين من وإلى دول الجوار إضافة إلى ضمان سير الخط التجاري بين دول آسيا الوسطى وروسيا والصين بمشاركة جميع الأطياف والعشائر الأفغانية، بيد أن السؤال الذي لا بد من طرحه:
إذا كانت تلك الضمانات المذكورة آنفاً هي الإستراتيجية الجديدة والمعلنة لطالبان فهل تتطابق مع مصالح أميركا الإستراتيجية خصوصاً أنها لا تكنّ سوى العداء المتبادل لدول تتشارك الحدود الواسعة مع أفغانستان مثل الصين وروسيا وإيران ناهيك عن حدودها مع باكستان؟ الجواب بالطبع لا.
إن انسحاب أميركا من أفغانستان جاء ترجمة حرفية لدراسة أميركية إستراتيجية تفيد بأن اللعب عن بُعد في أفغانستان أفضل من الانغماس في التفاصيل المكلفة.
أميركا تجيد اللعب على التناقضات العشائرية والطائفية وتحترف تجيير الخراب لمصلحتها ومن أجل بسط نفوذها عن بُعد لكن بوساطة الأدوات المحلية تماماً كما حصل في العراق وسورية ولبنان.
لن تترك أميركا لطالبان الجديدة مهمة تنفيذ إستراتيجيتها المبنية على ضمان أمن الجوار لأن غرف أميركا السوداء وضعت الخطط للاستفادة من الفوضى العشائرية والمذهبية مع الهزارا لتجييرها ضد إيران وإنهاكها عبر حدود تمتد 900 كم مع أفغانستان وستكون الفوضى القادمة عاملاً مهماً في تعطيل تنفيذ خط الحرير الصيني الذي يمر بأفغانستان وباكستان وصولاً للعراق وتركيا وإيران، أضف إلى ذلك أهم ما في الإستراتيجية الأميركية هو إشغال روسيا عبر حديقتها الخلفية المتمثلة بدول (ستان) التي تتشارك جغرافياً مع أفغانستان مثل أوزباكستان وتركمنستان وخصوصاً طاجيكستان التي يقطنها25 بالمئة من عدد سكان الطاجيك هم من الأفغان البشتون.
إن الانسحاب الأميركي من أفغانستان يصب في خانة الربح الأميركي الصافي في إدارة اللعبة عن بُعد ومن دون عناء أو خسائر، وما حصل في كابل ليس انهزاماً للقوات الأميركية من أفغانستان والمنطقة بقدر ما هو فيلم أميركي طالباني لحفل تسلم وتسليم، مع وجوب الحذر من إمكانية تكرار هذا الفيلم الأميركي بنسخة عراقية سورية لكن بإخراج وتمثيل عملاء أميركا في كلا البلدين.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


سورية القوة الصاعدة رغم الحصار والحرب
بقلم: غالب قندبل

أول الغيث باخرة
بقلم: الدكتورة هالة سليمان الأسعد



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب رفعت ابراهيم البدوي |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//