جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

تحرير الحاضر | بقلم: الدكتور نبيل طعمة
تحرير الحاضر


بقلم: الدكتور نبيل طعمة  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
25-06-2021 - 1878


فترض أنَّ النظام العائلي مع التربية والمثل العليا القادمة من مبادئ العبادة واللغة والرموز المتنوعة تؤثر إلى حدٍّ ما في بناء الشخصية البشرية، وتحدد سماتها وانتماءاتها إلى دين معين أو مجتمع أو أمة، وترتبط بموروثها الذي يمايزها عن بقية المجتمعات أو الأمم، وتأخذ صبغة تعبير تكون خاصتها، فنقول: ألمان وفرنسيون وهنود وأفارقة وصيني وروسي وعربي وسوري، وفي الوقت ذاته، ينتج المجتمع الواحد كي يظهر كوجود من تنوع صفات مكوناته؛ الكاهن والعابد والتاجر والسياسي الفارس والصعلوك والخيِّر والمبدع والشرير بتدرجاته، كما تظهر طبقاته الغنية والمتوسطة والفقيرة، ويكون للكل ثقافة أو ثقافات تندمج في العام، وتنفصل في الخاص، ومن العبث إضفاء صبغة قومية لنتاج الماضي، فمحاولة إبراز ثقافة الماضي كثقافة قومية أعتبره مضيعة للوقت وهدماً للحاضر، أو لما هو منطقي وواقعي.
لا ينتبه، ولا يبقى في الواقع إلا الندرة التي ترى الأشياء، تحللها، ومن ثمَّ تُعرّفها، ليستفيد منها المتطلعون إلى التحرر من سواد مجتمعاتنا المنشغلة بالضيق والتقوقع واللهاث خلف البناء الفردي بسبب الأنا وعدم المرونة في التعامل مع المجموع وحتى الانفصال عن الواقع، الذي لا يريدون رؤيته.
إذاً هي الندرة التي تتطلع إلى عالم أفضل، تضعف فيه التناقضات العامة والخاصة، وتلغي به نفوذ الهياكل الدينية إلى حدود معينة، التي تتقوى بضعف السياسة، وتتغذى وتنتشر على حساب مريديها وجلد من يخالفها، لأنها تناهض كل أفكار تحرير العقل، الذي يجسد بشكل خاص الواقع مع تطلع إلى الغد، وتقف أمام طروحات العصرنة والحداثة، وإن قبلت نوعاً ما التطور، فهي تدعو إلى الخلط الفكري، مع التركيز على خلطه مع الماضي بدلاً من إعداده للغد، وتعتقد أنها بذلك تخدع الندرة المثقفة والمفكرة وحتى السياسية، بينما تكون معززة لدى الاقتصاديين، الذين لا يستطيعون الخروج من عباءة الدين ادعاءً أو التزاماً بحكم المصالح، والسبب أن جميع الفتاوى القادمة من الكهنوت الديني تصبُّ من مصالحهم، وكذلك الفائدة مشتركة، فكانت الأديان مناصرة لرأس المال، وفاصلاً بين الفقراء والبسطاء وبين الأغنياء، ولاجماً لتطلعاتهم، فالكثرة يجب أن تبقى ضمن عجلة العمالة بكل أشكالها، فهي تعمل من أجل أن تستهلك، دققوا في الذي أسير معكم إليه.
مادامت الوطنية ضعيفةً في نفوس الناس، والشعور القومي العلمي يرفع من مستوى الوطنية، ويؤمن بالالتقاء مع الآخر بالمصالح العليا للجماعة أو للدولة التي تنتمي إلى أمة، وكذلك الإنساني الجمعي مُغّيب أو غير مُفعّل، فإن الأفكار الأخرى التي تنتمي إلى الشعبوية والأممية والدينية تتابع تغلغلها في عقول التخلف، ما يظهر الاضطرابات بأشكالها المختلفة في الحاضر والمستقبل.
هل من مخرج يمنع الرجوع إلى الماضي؟ البديهي أن يكون الواقع، لكن الذي يجري هو أن تبرير مواكبته يعود في تبريره إلى النصوص القديمة، ولذلك لا يحقق الإقناع، لأنه لم يؤمن بمشروعية الاختلاف بين الماضي والحاضر المسؤولين عن إنجاز المستقبل، الذي لن يتقبل اللغة القديمة، ويبحث في العلوم الإنسانية العصرية، التي تسهم في تطوير ثقافة التطور ومواكبة التكنولوجيا، مع إرادة تهذيب مضمون الإنسان وشكله، ومع إدراكنا وفهمنا لهذه الصبغة، نجد أن جميع الأبحاث تدور حول ثقافة التطور والحداثة، هذه التي تنتج علاقات بين المجتمع ومع المحيط.
تحرير الحاضر لا يحتاج إلى التاريخ، إنما لدراسة الأحداث وكشف أسبابها، لأن الماضي الحقيقي دمرته الأديان أولاً ومستعمرو الشعوب ثانياً، الذين انتقموا من حضارات الأمم السابقة، ليتدارسوا ما وصلوا إليه، وما أرادوه أن يكون.
لذلك أقول: إن اعتماد المعرفة العلمية أساسٌ لتحرير الشعوب في حاضرها من كل ما تملكه من آثار الماضي السلبية والمتعلقات على الحاضر، ومنه أجد أنه لا مفرَّ من اعتناق فلسفة التأمل والتدقيق، ومن ثمَّ التحليل، وهذا ما فعله الرسل والأنبياء والعلماء والحكماء والساسة الواقعيون، إذا أردنا أن نصل إلى المستقبل بنزاهة ووعي قادر على تطوير الحاضر وتحريره.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


أرجوحة الأمم المتحدة ولعبة السلام
بقلم: هدى أبوطالب

بين روسيا وتركيا موعد في إدلب
بقلم: | رفعت إبراهيم البدوي



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب الدكتور نبيل طعمة |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       المملكة العربية السعودية تبحث الانضمام إلى مصرف تابع لبريكس كعضو جديد//حريق هائل يدمر مصنعاً في ولاية نورث كارولينا الأمريكية//الصومال تعلن عن انتخابات بالاقتراع العام المباشر اعتباراً من 2024//آسيانا إيرلاينز توقف حجز مقاعد الطوارئ على رحلاتها//       وزير الزراعة خلال جولة في القلمون: تشكيل لجان وفرق علمية لإعادة إحياء المنطقة زراعياً// أخبار الأمة والعالم:إصابة فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال شمال الخليل//       مباحثات سورية إيرانية لتطوير التعاون في مجالات النقل//منشأة الأبقار في طرطوس تحصل على 100 رأس من البكاكير الحوامل//       وضع مبنى فرع الجهاز المركزي للرقابة المالية بحلب بالخدمة بعد إعادة تأهيله//ترحيل الأنقاض من سوقي خان الحرير وعماش في درعا تمهيداً لاستثمارهما//معرض للزهور وفعاليات ثقافية متنوعة في الحديقة البيئية بجرمانا//المركزي يحدد سعر الصرف للحوالات والصرافة بـ 8200 ليرة للدولار الواحد//       أخبار محلية:انطلاق أعمال مجلس الاتحاد العام للفلاحين لمناقشة الواقع الزراعي وتسويق المحاصيل الزراعية//تسجيل طلبات تأهيل منازل متضررة جراء الإرهاب في قرى بريف اللاذقية//باحث تشيكي: سورية لها دور فعال في مكافحة الإرهاب//       بوتين: أيديولوجية الهيمنة والتفرد ستصبح جزءاً من الماضي//       بدء اجتماع قادة دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الخمس في موسكو//       الخارجية الروسية تستدعي سفراء ألمانيا والدنمارك والسويد احتجاجاً على غياب نتائج التحقيقات في تفجير (السيل الشمالي)//بوتين خلال اجتماع قادة الاتحاد الأوراسي: التعاون في إطار الاتحاد يتقدم بنجاح//       ذكرى عيد المقاومة وتحرير الجنوب اللبناني//شخصيات وأحزاب لبنانية: يوم المقاومة والتحرير يوم وطني مجيد وعيد الانتصار التاريخي//لبنان يحذر من نوايا (إسرائيل) في تهديد السلم والأمن الإقليميين//       أخبار الأمة والعالم:مستوطنون يتلفون محاصيل الفلسطينيين في بلدة بيت أمر بالخليل//أشتية: مخططات الاحتلال الاستيطانية تطهير عرقي بحق الفلسطينيين//شويغو: الدول الغربية زودت أوكرانيا أسلحة بقيمة 65 مليار دولار//       انتهاء الامتحانات الأخيرة للصفوف الانتقالية//رحيل مجدد التراث الموسيقي العربي حسين نازك عن عمر ناهز الـ 81 عاماً//بدء عملية حصاد العدس في الحسكة//