جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

المناورة الإسرائيليّة الأكبر للحرب أم لأهداف أخرى؟ | بقلم: العميد د أمين محمد حطيط
المناورة الإسرائيليّة الأكبر للحرب أم لأهداف أخرى؟



بقلم: العميد د أمين محمد حطيط  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
13-05-2021 - 1489
تُعتبر المناورات العسكريّة التي تُجريها الجيوش جزءاً رئيسياً من برنامجها التدريبي لرفع جهوزيتها القتالية والتيقن من حسن أدائها لمهامها في ظروف تشبه إلى حدّ بعيد ظروف الحرب التي تتوقعها أو تخشاها أو تعدّ لها، وغالباً ما تكشف المناورات التي تجري تحت رقابة ومراقبة مشدّدة الثغرات في البنية العسكرية وفي الأداء العملاني أو اللوجستي للجيش ما يفسح المجال للمسؤولين للقيام بمعالجتها حتى لا تقع في المحظور أثناء الحرب.
هذا في الهدف الرئيسي من المناورات، لكن هذا ليس كلّ شيء، فللمناورات أهداف أخرى لا يمكن الاستهانة بها، وهي تبدأ من فكرة عرض القوة التي يوجّه بها رسائل للعدو، مروراً برسائل إلى الداخل لرفع المعنويات وأشعار المدنيين بمدى الجهوزية العسكرية لقواتهم المسلحة وقدراتهم القتالية المركبة في الدفاع والهجوم، وصولاً إلى إفساح المجال أمام الصديق بالوقوف على قدرات حليفه العسكرية ليتعامل معه على أساسها.
أردت في بداية هذا المقال أن أذكر هذه المسائل لأقول إنّ المناورات العسكرية التي تجريها الجيوش تدور أهدافها بين التدريب والإعداد للحرب من جهة وبين إرسال الرسائل المتعددة للعدو والصديق والداخل من جهة أخرى، من دون إسقاط فرضية التحوّل في الأهداف أثناء المناورة من فئة من الأهداف إلى فئة أخرى إذا وجد القائد المسؤول عن المناورة فرصة سانحة يمكنه استغلالها في لحظة معينة واستصدر من السلطة التي تملك قرار الحرب قراراً بذلك.
وفي حال العدو «الإسرائيلي»، فإنه من المعروف أنّ جيشه ينفذ برنامج مناورات عسكرية سنوية دورية متفاوت السقوف ومتعدّد الوجوه بحيث لا يمرّ شهر واحد من دون أن يكون لديه مناورة صغرت وتقلصت عناصرها أم توسّعت وطالت، فالقيادة العسكرية «الإسرائيلية» لديها جدول من المناورات زمني سنوي دائم يصار إلى تحديده في مطلع كلّ عام، ولديها أيضاً جدول طارئ يُصار إلى بلورته وفقاً لما تدعو الحاجة خلال عمليات التدريب وفقاً للجدول العام أو من خلال ما يظهر من ثغرات في الأداء العسكري والأمني على الحدود أو في الداخل أو في العمق (تتعامل «إسرائيل» مع جبهات الحدود الشمالية والجنوبية، وجبهة الداخل، وجبهة العمق أيّ الجوية خلف خطوط العدو) وهنا نلفت إلى أنّ العدو يمكن أن يطوّر مناورة دورية مخططة في برنامجه السنوي وينفذها بشكل استثنائي طارئ أيّ انه يجمع في التنفيذ بين الجدولين الدائم الثابت والاستثنائي الطارئ.
على ضوء ما تقدّم يمكن تفسير المناورة العسكرية «الإسرائيلية» التي بدأت يوم الأحد في 9 أيار/ مايو 2021، والتي كما تسرّب عنها حتى الآن ستكون المناورة الأضخم والأطول في تاريخ العدو «الإسرائيلي»، حيث سيشارك فيها أكثر من 16 ألف عسكري، من الأسلحة والأذرع العسكرية الإسرائيلية الأربع (قوى البر والبحر والجو والخاصة) وتمتدّ لشهر كامل وتحاكي عمليات مركبة فيها العمليات الدفاعية والعمليات الهجومية والعمليات الخاصة وعمليات العمق، وتحاكي عمليات التصدي للخطر في حرب شاملة وعلى جبهات القتال الثلاث (جبهات الحدود الشمالية والجنوبية والجبهة الداخلية وجبهة العمق) وتركز بشكل خاص على 3 أنواع من الأخطار: خطر الصواريخ ومنصاتها المتعددة المواقع والأمكنة، وخطر اقتحام الحدود الشمالية والقتال على أرض الجليل المحتلّ، وخطر انفجار الوضع الأمني والعسكري في داخل الأرض المحتلة.
بيد أنّ هناك نقطة لا بدّ من الإلفات إليها تتعلق بمرجعية القرار في المناورة ومرجعتيه في الحرب، ففي المناورة يعتبر المستوى العسكري هو المرجعية النهائية والحصرية في تخطيط المناورات وتنفيذها، ولا يمكن أن يتدخل المستوى السياسي إلا استثنائياً لإلغائها أو تأجيلها اذا رأى أنّ مصلحة الدولة العليا تفرض ذلك، أما الحرب وشنّها فإنه قرار يتخذه المستوى السياسي الذي يسترشد أو يهمل نصح أو آراء المستوى العسكري إلا اذا كان الرأي بحجم القول بالعجز عن شنّ الحرب لاعتبارات عسكرية تتصل بجهوزية القوى وقدراتها القتالية وتخلفها عن تحقيق النصر.
في ظلّ هذه المعطيات نعود إلى السؤال الأساس لماذا تقوم «إسرائيل» بمناورة «مركبات النار» هذه ولمدة شهر كامل، وإصرار كوخافي على إجرائها في موعدها وفقاً لما كان مخططاً قبل 5 أشهر أيّ منذ وضع برنامج التدريب السنوي، ودونما اكتراث للوضع المتفجّر في القدس أو ما يحصل في الإقليم من تطورات مختلفة؟
لقد حذّر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مما قد تتدحرج إليه هذه المناورة ويستغلّ العدو التحشيد والجهوزية التي حققها من أجل المناورة ويطور الأهداف وينقلب إلى شن حرب حقيقية تستهدف جبهتي الجنوب ضدّ غزة والشمال ضدّ لبنان والمقاومة فيه، خاصة أنّ من أهداف المناورة المعلنة العمل ضدّ حماس وحزب الله، فهل الأمر ممكن؟
في العلم العسكري قاعدة ذهبيّة تتصل بالتوقع وتقدير الموقف تقول «على القائد العسكري البناء دائماً على التوقع الأسوأ»، وعملاً بهذه القاعدة يكون تحذير السيد قائد المقاومة في لبنان والمقترن برفع جهوزية المقاومة إلى الحدّ الأقصى في محله السليم والمنطقي خاصة أنه في مواجهة عدو يمتهن الغدر والخداع ولا يمكن أن يوفر فرصة للعدوان إلا ويغتنمها، ثم أن هذا العدو يعيش حالة من الأرق والإرباك والقلق من منظومة الصواريخ التي تمتلكها المقاومة من عادية ودقيقة ووصل إلى قناعة أنّ أحداً في العالم لن يستطيع تفكيكها أو تعطيلها وتحييدها، وان تعويله على مفاوضات الملف النووي الإيراني لتحقيق أهدافه فيها ذهب أدراج الرياح ولم يعد لديه إلا العمل العسكري الذاتي الذي يعالج هذا الخطر ويعيد إلى «إسرائيل» حرية القرار بالحرب على أعدائها. وبالنتيجة يمكن تصور العدو ينطلق مباشرة من المناورة إلى الحرب اذا وجد الظرف لدى العدو يتيح له ذلك.
وعليه نرى أنّ رسالة السيد في يوم القدس شكلت عامل ردع دفاعي فاعل وقطعت الطريق بنسبة عالية على العدوان ومنعته من الذهاب إلى الحرب وأفهمته بأنّ المقاومة في أعلى جهوزيتها على كلّ الصعد المعنوية والميدانية والقتالية وطبعاً سيكون من شأن هذه الرسالة إفهام العدو أنّ طريق الحرب غير سالك بشكل آمن، وألزمه بإبقاء مناورته في إطار التدريب ليس أكثر. ونجمل الموقف هنا بالقول إنّ الحرب التي يتمنى العدو شنها لا تزال بعيدة المنال لأنّ ظروف نصره فيها في هذه الفترة لا تزال غير متحققة. وتكون المقاومة بحنكتها وإتقانها إدارة المواجهة وملفاتها قد حمت لبنان مرة أخرى من عدوانية العدو، وتحقق الدفاع بأعمال قاعدة الردع الاستراتيجي الفاعل.
ومع استبعاد تحول المناورة إلى حرب يبقى أن نتوقف عند بعض الأهداف إلى يريد كوخافي تحقيقها من مناوراته الفضفاضة هذه، ونجد فيها أولاً أسباباً عسكرية محضة تتعلق بمعالجة الواقع العسكري «الإسرائيلي» الذي وصل الى ادنى مستوياته خلال تاريخ «إسرائيل»، حيث تزخر التقارير والدارسات حول تردّي المعنويات، وتراجع القدرات القتالية لقوى البر وانعدام الثقة بجهوزية المظليين للعمل خلف الخطوط وانتفاء صفة السلاح الحاسم عن سلاح الطيران، ونعتقد أنّ كوخافي يريد أن يقلب هذه الصفحة السوداء التي ارتسمت في ظلّ رئاسته لأركان الجيش، ويريد أن يظهر نفسه بصورة من أعاد الاعتبار لـ «جيش إسرائيل».
أما السبب الثاني فهو يتصل بالخارج من صديق أو عدو، وترمي المناورة إلى إظهار «إسرائيل» قوية وأن قدراتها العسكرية عالية وجاهزة لتحقيق أهدافها والتصدي للأخطار التي تهدّدها وأنها قادرة على معالجة خطر الصواريخ بمفردها بعد أن خذلتها مباحثات فيينا.
لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


((مكالمة مع الملائكة ))
بقلم: جامعة الأمة العربية

الانتخابات الرئاسية السورية، درس في احتقار الغرب
بقلم: نارام سرجون



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب العميد د أمين محمد حطيط |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//