جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

عُسْر الديمقراطية عربيا | بقلم: عبد الحسين شعبان
عُسْر الديمقراطية عربيا



بقلم: عبد الحسين شعبان  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
09-01-2021 - 1051

«العربي يُعجب بماضيه، وأسلافه، وهو في أشد الغفلة عن حاضره ومستقبله». هذا ما كتبه جمال الدين الأفغاني، قبل قرن ونيف من الزمان، فماذا يمكن أن نقول الآن، والعديد من البلدان العربية تواجه تحديات مختلفة تعيق انتقالها إلى فضاء المشروعية القانونية والدستورية ومناخ الشرعية السياسية المقترنة برضا الناس والمنجز التنموي الذي يلبي حاجاتهم الأساسية المادية، والروحية.

وخلال العقد الماضي شهدت العديد من البلدان العربية أحداثاً كبرى وضعت نُظمها السياسية في موقف حرِج للغاية، فترنح بعضها بين التشبث بالبقاء، وبين الانتقال والتغيير، خصوصاً أنه لم يكن هناك حامل اجتماعي جاهز، ولا وجود لبرنامج سياسي متفق عليه للتطبيق لمرحلة الانتقال، وكل ما حصل هو إنهاء شكل من الاستبداد، لكن ثمة أنواع جديدة منه بدأت تتصادم مع تطلعات الناس للتغيير الجذري، فالثورة ليست شعارات وأحلاماً وردية وتمنيات، وإنما هي «حَفر في العُمق، وليس نقراً في السطح»، على حد تعبير المفكر السوري ياسين الحافظ.

ومع بدايات ما يسمى ب«الربيع العربي» تدفقت بعض المصطلحات إلى ساحة العمل السياسي مثل «التحول الديمقراطي»، و«مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية»، و«التغيير الديمقراطي» لدرجة فاض بها المشهد حد الطوفان، وعلى الرغم من أنها لا تزال متداولة وسارية، إلا أن بريقها بدأ يخفت بالتدرج، فصخرة الواقع كانت صلدة جداً، فليس مجرد الإطاحة بالأنظمة الفردية، أو التسلطية، أو الاستبدادية، سيفتح الباب أوتوماتيكياً أمام التطور الديمقراطي، فثمة عقبات وعراقيل جمة حالت، وتحول دون إنجاز، أو استكمال عملية التغيير المنشودة؛ منها أن القوى المخلوعة لا تزال قوية ومؤثرة لدرجة يمكنها إعاقة عملية التغيير؛ كما أن المحيط الذي يتم التحرك فيه لم يكن مؤهلًا لاستيعاب عملية التغيير، داخلياً، أو خارجياً، إقليمياً ودولياً، بسبب استقطابات دينية وصراعات طائفية، ومذهبية، وإثنية، فضلاً عن علاقات عشائرية، وعادات وتقاليد ثقيلة وبالية تحول دون ذلك، وبعد ذلك فالانتقال الديمقراطي يحتاج إلى بيئة ديمقراطية، وتُربة خصبة لبذر بذورها، ووعي ديمقراطي، وثقافة أولية ديمقراطية، وهذا يحتاج إلى إعادة النظر بأنظمة التعليم والمناهج الدراسية، للقضاء على الأمية والتخلف، وهو غير المناخ والبيئة التي شهدت تحولاً سريعاً نحو الديمقراطية كما حصل في أوروبا الشرقية.

وهكذا ظلت صورة الديمقراطية ضبابية، لا سيما حين يتم اختزالها بإجراء الانتخابات، أو بعض هوامش حرية التعبير، أو غيرها، حتى أن القوى الراغبة في التغيير واجهت خلافات حادة عند أول منعطف يصادفها، يتعلق بعضها بالدستور، وصياغاته، ولا سيما علاقة الدِين بالدولة، حيث لعبت حركات الإسلام السياسي دوراً مؤثراً في فرض رؤيتها المحافظة بخصوص عدد من القضايا، منها قضايا الحريات، وحقوق المرأة، والموقف من التنوع والتعددية الثقافية الدينية، والإثنية، وغيرها.

ولأن حركة الاحتجاج مفاجئة وعفوية، ولم تتوفر لها مستلزمات التغيير، فقد تصدر المشهد على نحو سريع تيار الإسلام السياسي الوحيد الذي كان الأكثر تنظيماً وحضوراً، وتمكن بشعارات عامة، وعاطفية، وشعبوية، التأثير في صناديق الاقتراع، والإمساك بالسلطة، كما حدث في تونس، ومصر، وقبل ذلك في العراق بعد الاحتلال، وفاز في انتخابات المغرب، وحاز على مواقع في الكويت، إضافة إلى الأردن، كما حاول أن يلعب دوراً مؤثراً في سوريا، وليبيا، واليمن، إثر اندلاع حركات الاحتجاج والانقسامات الداخلية.

يقول محمد عبده «حين ذهبت إلى الغرب وجدتُ إسلاماً ولم أرَ مسلمين، ولما عدت إلى الشرق وجدت مسلمين ولم أجد إسلاماً». كتب ذلك في عام 1881، وقبله عاش في باريس رفاعة الطهطاوي أربع سنوات، من عام 1826 - 1830 وكان شيخاً أزهرياً، فأدهشه ما رآه من تطور في فرنسا عزاه إلى نظامها السياسي، والقانوني المنفتح على الحريات، وموقع المرأة، إضافة إلى نظام التعليم والتثقف بالعلوم، فدعا إلى إصلاح المعاهد الدينية على طريقة هوبز الذي كان قال: «أي إصلاح مفتاحه بإصلاح الفكر الديني»، وحذا حذوهما أحمد أمين، وعلي عبد الرازق، وطه حسين، وخير الدين التونسي، وعبد القادر الجزائري، وعبد الحميد بن باديس، ومحمد حسين النائيني.

الديمقراطية نتاج تطور تاريخي طويل الأمد، فما زالت بلادنا العربية تعاني صدمة الاستعمار، وتأثيراتها مستمرة في الوعي، والثقافة، وما نحتاج إليه هو تهيئة البيئة المناسبة والبُنية التحتية من دستور، وقوانين، وقضاء، وتعليم، وفاعلين سياسيين ومجتمع مدني في إطار مواطنة متكافئة تقوم على قاعدة الحرية، وأساسها المساواة، والعدالة، والشراكة، ومثل هذا يحتاج إلى تراكم تدرجي طويل الأمد، وليس مجرد تغيير نظام بنظام، لأن طريق الديمقراطية لا يأتي دفعة واحدة، بل هو شائك، وتدرّجي، وعسير.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


الصراع مستمر في أميركا
بقلم: صبحي غندور

بين الأهداف والاستراتيجية والتكتيك
بقلم: منير شفيق



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب عبد الحسين شعبان |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//