جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

سورية العقد الأول.. نهضة أم كساد!! | بقلم: يزيد جرجوس
سورية العقد الأول.. نهضة أم كساد!!



بقلم: يزيد جرجوس  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
06-05-2020 - 1416

تنتشر أحيانا على بعض صفحات التواصل "مقالات" ومنشورات تتحدث عن العقد الأول من هذا القرن، وتصدر عليها أحكاما تبدو جاهزة، وبطابع قراءة الأثر الرجعي، فتوصف المرحلة بأنها كانت تسير نحو "لبرلة  الاقتصاد السوري" و"تنفيذ تعليمات البنك الدولي" وتصفها أيضا بالاقتصاد "الربيعي". كلمات وعناوين لا بد من البحث فيها، ليس بذاتها التي تبدو علمية وواقعية، ولكن في الواقع السوري، لنقتفي أثرها خلال السنوات العشر المقصودة، لنتبين حقيقة ما كان يجري، وبالتالي تبيان هل كانت هذه التوصيفات في مكانها، أن أنها تدس في دسم الحديث عن آلام المواطنين السوريين، ومعاناتهم اليوم.

بدأ الاقتصاد السوري عام ٢٠٠٠ بمعدل نمو دون الواحد بالمئة، ليقفز النمو في العام التالي إلى ٣،٨% وفي سنة ٢٠٠٢ بلغ ٤% ليحافظ بعدها على معدل نمو تراوح بين ٤ و ٦،٥% حتى العام ٢٠١٠ ليتضاعف إجمالي الناتج المحلي إلى ١٠٠ مليار دولار. هذه المعدلات من النمو، وخلال تلك السنوات كانت ضمن الأفضل عالميا، حيث فاقت معدل نمو الناتج العالمي المتراوح بين ٣-٤%

وقليلة هي الدول التي كانت تسير في هذا الركب، كالصين وروسيا والإمارات وسوريا.

بالنسبة للدين العام في سوريا، فكان قد بلغ رقم ٥،٥ مليار دولار سنة ٢٠٠٠ في حين تمت تسوية وسداد مجمل هذا الدين خلال السنوات الأولى من العقد، ليصير الدين صفريا. بمقارنة ذلك أيضا مع الدول آنفة الذكر، نجد أن روسيا سددت كل ديونها وبمواعيد سابقة للاستحقاق، في حين أن الإمارات دخلت العقد بدين صفري، لتخرج منه سنة ٢٠١٠ بديون تجاوزت ١٣٠ مليار دولار.

قفز أيضا متوسط الدخل في سوريا من حدود ٥٠٠٠ ليرة بداية العقد، إلى ما يقارب ١٥٠٠٠ ليرة سورية في نهايته. بينما تراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأمريكي، من ما يزيد عن ٥٣ سنة ٢٠٠٠ إلى ما ينقص عن ٤٧ سنة ٢٠١٠ أي أن قيمة الليرة ارتفعت بنحو ١٠%.

مع بداية العقد الأول، بدأت رياح تحرير الاقتصاد من قيود ولوازم المرحلة السابقة، (التي كانت تقدمت جزئيا في هذا المضمار، عبر قانون الاستثمار ١٠ سنة ٩٠) وتمثل التوجه الجديد، والذي يبدو أنه كان لا مناص منه، في فتح مجالات اقتصادية وتنموية واسعة، ركزت على التنمية البشرية والاقتصادية على الصعد المختلفة ثقافيا وماليا وتجاريا وصناعيا. فتم الترخيص والتشجيع لإنشاء عشرات الجامعات الخاصة، وعلى مساحة الجغرافيا السورية، تزامنا مع إنشاء المزيد من الكليات الجامعية العامة. إضافة إلى ترخيص عدد كبير من المدارس الخاصة، وفي كل المحافظات السورية، فكان قطاع التعليم في صدارة المشهد، فحتى الدراما السورية شهدت تطورا بني على تبنيها ودعمها من قبل الدولة، ما أوصلها لصدارة العالم العربي خلال بضعة سنوات.

في نفس السياق والتوجه تم السماح لقطاعي التأمين والبنوك الخاصة، ليدخلا السوق السورية، ويفتتحان عددا كبيرا من الفروع، ووفق ضوابط حكومية شديدة، لجهة التأمين على رؤوس الأموال، وتقييد حركتها بأنظمة وطنية سيادية، لحمايتها من الإفلاس أو حتى من التلاعب بحقوق وودائع المواطنين، الأمر الذي ثبتت نتائجه ليس في زمن السلم، ولكن حتى في زمن الحرب، حيث لم يفلس بنك واحد في سوريا.

بالانتقال إلى الصناعة، تم تشييد وإنشاء عدد من المدن الصناعية الضخمة، (بما فيها معامل السيارات، ووصول نسبة انتاج الدواء إلى حدود تلبية ٩٠% من اكتفاء السوق المحلية بوجود ٥٧ معمل أدوية)، في عدد من المناطق السورية، ووصلت مساهمة الصناعة في الناتج المحلي السوري إلى ما يزيد عن ٢٠% في حين تراجعت حصة النفط والتعدين من الناتج المحلي، في مؤشر إيجابي يدل على نمو وتنوع الاقتصاد. فحتى الناتج الزراعي شهد تحسنا كبيرا، خاصة في المحاصيل الاستراتيجية الكبيرة، فوصل انتاج القمح سنة ٢٠١٠ إلى ٣٠٨٣١٠٠ طن

أكثر من ثلاثة ملايين طن (٣٠٨٣١٠٠طن) لتصبح سوريا دولة مصدرة للقمح، مع دخولها في المراتب الثلاثة الأولى لمصدري زيت الزيتون والقطن، مع دول تفوق حج سوريا بعشرات المرات كالولايات المتحدة وإسبانيا.

كانت سوريا تطور ذلك التنوع الاقتصادي الكبير، وتخلق من خلال كل تلك الحقول الانتاجية التي افتتحتها أو دعمتها، أعدادا كبيرة من فرص العمل لتتراجع البطالة من رقم يتجاوز ١٨% إلى ما دوم ١٠% خلال ذلك العقد الذي يسعنا تسميته بالعقد الذهبي، ليس لأنه تم فيه إنجاز كل ما سبق فقط، ولكن لأن ذلك تم في ظروف فيها تحديات موضوعية ذاتية، ومحيطة سياسية، تم التغلب عليها والحفاظ على مسيرة النهوض. فلم يكن من السهل والمعتاد أن تحقق الدول انفتاحا اقتصاديا، بعد فترة من الاقتصاد المحافظ والمضبوط بشدة، دون السقوط في تدني سعر الصرف إن لم نقل انهياره، الأمر الذي حدث عكسه في سوريا، فارتفعت قيمة العملة الوطنية، وزادت احتياطيات سوريا من العملة الصعبة وفق سلة من العملات، لم تقتصر على الدولار، كما زيادة احتياطي الذهب ليصل إلى ٢٨ طن وتصبح سوريا في المرتبة ٥٥ عالميا والسادسة عربيا من حيث الاحتياط.

ومن ناحية أخرى نجحت سوريا في كل ذلك، وسط أمواج من العواصف المتتالية التي ضربتها هي ومحيطها والعالم، من احتلال العراق ٢٠٠٣ إلى اغتيال الحريري ٢٠٠٥ إلى حرب تموز ٢٠٠٦ وصولا إلى الأزمة المالية العالمية ٢٠٠٨.

نجحت سوريا في ذلك، لأن سياساتها كانت تحسن الاستثمار في طاقات المجتمع، وتبدع في إطلاقها. الأمر الذي أكدته الأرقام من جهة، والأحداث والوقائع من جهة أخرى، فلم يكن هناك تفسيرا له أصدق تعبيرا من وقوف أغلبية أبناء الشعب السوري مع دولتهم عندما هبت رياح "الربيع العربي" من عواصم الصهيونية السياسية والإعلامية، وبعد عقود من التهيئة والتحضير الميداني والاجتماعي، والذي كان يهدف دون رجعة، إلى إسقاط الدولة السورية تحديدا، وفشل، لأنها كانت قد استثمرت بنجاح في شعبها، فحماها هذا الأخير وتمسك بها، تمسك الابن بوالديه.

ولنسأل أنفسنا بعد مرورنا على كل تلك المعطيات والوقائع، كيف يمكن تسمية اقتصاد الصناعة والزراعة والتصدير والمدن الصناعية وصناعة السيارات "بالاقتصاد الربيعي"؟!!

كيف يكون اقتصاد الاكتفاء بالدواء والغذاء، هو "انصياع لرغبات الليبرالية الغربية"؟!

وكيف ولماذا ستسعى دولة غير مدينة، ولديها فوائض واحتياطيات، "لتلبية متطلبات البنك الدولي "؟! وما حاجتها له أساسا!!

ولماذا سيهاجم الغرب سوريا إذا كانت "تنتهج سياسات تنصاع لرغباته ولأوامر مؤسساته، وتقوم بتدمير المجتمع السوري"؟! كان الحري به أن يدعمها..

إن محاولات الهجوم بأثر رجعي يخلط نتائج الحرب وسنواتها ونتائجها الموضوعية من ترهل وفساد وتراجع لمنظومة القيم الاجتماعية والعامة، أدى مع سلسلة الهجمات والعقوبات والحصار إلى الحالة الصعبة جدا التي يعيشها السوريون ، بالعقد الذي سبقها، تبدو إما محاولات ينقصها الوعي والحكمة، أو أنها خبيثة كفاية، لتحاول النيل من سياسة الرئيس بشار الأسد النهضوية تلك، والتي على العكس مما تحاول أن تقول هذه المحاولات، كانت أهم أسباب النقمة الغربية على النموذج السوري، الذاتي والمتفرد وقتها في اجتراح تجربة النهوض والتطور، والتي تفسر أهم أسباب الحرب على سوريا من جهة، وتفسر وقوف الشعب السوري بمجمله مع دولته، لأنها كانت تبلي بلاء حسنا.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


الجامعة تصدر بياناً تدين فيه وصف ألمانيا لحزب الله بالإرهابي
بقلم: جامعة الأمة العربية

رسالة جوابية من حزب الله على بيان جامعة الأمة العربية
بقلم: العلاقات العربية والدولية في حزب الله



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب يزيد جرجوس |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//