جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

ماذا لو سقطت أميركا ؟ | بقلم: جميل مطر
ماذا لو سقطت أميركا ؟



بقلم: جميل مطر  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
01-05-2020 - 1205

لفيروس كورونا «كوفيد 19 » فضل علينا، بل أفضال. من هذه الأفضال أن بعض الناس عرفوا كم كانت جميلة المدن وكريمة الطبيعة قبل أن يعيثوا فيها فسادا. من الأفضال أيضا أن بدونه، وأقصد الفيروس، وفى غيبته الطويلة لم يكن معتادا أن يجلس كاتب أو باحث ويكتب مقالا أو خطة دراسة عنوانها، ماذا لو سقطت أمريكا؟! حذرنى زملاء عديدون من استخدام هذا العنوان أو الكتابة فى هذا الموضوع. كانت ردودى وما تزال صريحة وواضحة بافتراض صدق وموضوعية النوايا. أكاديميا أرى الموضوع مشروعا. كتب فيه علماء السياسة عديد المرات فى السنوات اللاحقة لحصول عشرات المستعمرات على استقلالها. كانوا يسألون إن كانت هذه المستعمرة أو تلك تستطيع أن تستمر كدولة بعد اعتراف العالم لحكامها الوطنيين بالسيادة. تعلمنا أن الدول صغيرة أو كبيرة ليست خالدة، إنما تولد وأحيانا كالبشر بعمليات قيصرية وتسقط بأمراض خاصة بها وكثير منها ينتقل بالعدوى.
نحن أنفسنا فى عالمنا العربى نشأنا كتلاميذ فى رحاب العلوم السياسية والسؤال الحائر بدون جواب بيننا وبيننا وبين أساتذتنا كان المتعلق بمُكنة أقطار عربية، نشأت بانسحاب قوات الاستعمارين الإنجليزى والفرنسى، على الصمود أمام مسئوليات ترتبت على قادتها نتيجة الاستقلال. أذكر أن البحث عن إجابة عن هذا السؤال كان وراء اهتمام بعضنا بجامعة الدول العربية ثم وراء خيبة أملنا فيها. إذ أثبتت الجامعة بما لا يدع مجالا للشك أن بعض هذه الأقطار حديثة الاستقلال ما كانت لتبقى طويلا دولا مستقلة أو تنمو ويشتد عودها وتعتدل فى وقفتها لو لم تكن حازت على عضويتها ومقاعد فى مجالسها. لدينا أمثلة معروفة نعود إليها كثيرا للاستدلال على أوزان الأسس التى قامت عليها الدولة العربية الحديثة، ومنها عضويتها فى الجامعة العربية. هذه الجامعة على ضعفها وعجزها عن أداء أبسط أدوارها كانت أيضا ضرورة أو شرطا كامنا فرضته الدول العظمى لقبول هذا البعض من الدول العربية حديثة الاستقلال أعضاء فى الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة.
***
هذا السؤال كان على الدوام مشروعا بالنسبة لأوضاع دول فى أقاليم أخرى غير الشرق الأوسط، أقاليم لم تتطور فيها الكيانات تاريخيا وسياسيا واجتماعيا بشكل طبيعى وبدون تدخل خارجى لتصير دولا ذات سيادة. السؤال أيضا مبرر فى أجواء نعيشها الآن فى مرحلة هجمة الفيروس الكورونى على دول عديدة. نسأل السؤال كلما حاصرتنا إحصاءات تلاحق الفيروس. نقترب منه ومن غزواته فينتقل إلى مناطق ودول أخرى. نقترب أكثر فيشدد قبضته معلنا بكل الثقة الممكنة أنه فى هذا الصراع

يكسب أرضا بينما تفشل حتى تكاد تسقط دول عديدة الواحدة بعد الأخرى. بعض هذه الدول لم ينفعها فى هذه الحرب ضد الفيروس استقلالها ولا الدساتير المنظمة للحكم فيها ولا درجة تحضرها وتقدمها ولا الصواريخ الباليستية وحاملات الطائرات. كنا قبل أيام قليلة شهودا على فيروس احتل حاملة طائرات بعد أن أوقع فى حباله عددا غفيرا من بحارتها ومن ضباط وجنود البحرية الأمريكية. كانت فرصة نادرة لنشهد حالة فزع رهيب فى صفوف قيادات الدولة الأعظم. تابعناهم يحاولون التعتيم على ما دار من جدل مبرر حول قيمة هذه القطعة الحربية من القوة الجبارة وتكلفة تشغيلها فى مواجهة فيروس يكاد لا يرى. للحق أعترف بأن الرئيس ترامب، وهو الرئيس الذى أخطأ تقريبا فى كل قرار اتخذه فى الشهور الأخيرة، لم يخطئ حين وصف نفسه بأنه رئيس دولة عظمى فى حالة حرب تشبها برؤساء عظام فى التاريخ الأمريكى مثل روزفلت وودرو ولسون.
***
فى الوقت نفسه ما زلنا فى حال انبهار لما حققه هذا الفيروس من انتصار ساحق على دولة كانت دائما من النماذج البارزة على أهمية القوة الناعمة فى حسابات توازنات القوة فى العلاقات الدولية. رأينا الصدام على أشده فى ميلانو وغيرها من مدن البيدمونت فى شمال إيطاليا. لن نجافى الحق والعدل إن كنا حكمنا للفيروس بالنصر فى معركته ضد إحدى أهم قلاع الفن فى تاريخ البشرية. هناك حاصر البشر وأفرغ المدن من أصواتهم المزعجة وزحمتهم الخانقة. كانت فرصة نادرة تمتعت فيها التماثيل والمبانى العريقة بأجواء حضارة أصيلة وغناء الناس لأنفسهم فى بيوتهم.
فى ظنى أن السؤال يبقى أيضا مشروعا ما بقيت دول وقامت علاقات بينها أو نشبت صراعات. ألم يكن أبناء جيلى شهودا على سقوط ألمانيا للمرة الثانية فى أقل من ربع قرن وسقوط النمسا وبلاد التشيك بدون قتال قبل نشوب الحرب العالمية الثانية. كانوا أيضا شهودا وربما ضحايا أو ثمرات سقوط الإمبراطوريتين العثمانية والسوفييتية. ألم تسقط امبراطورية المغول فى الهند على أيدى حفنة من موظفين وضباط مرتزقة فى شركة الهند الشرقية فى عام 1858 بعد عمر ناهز الثلاثمائة عام، وسقطت امبراطورية الصين على أيدى حفنة مغامرين من تجار الشاى والأفيون الإنجليز ليلتقطها الزعيم «صن يات صين» قبل أن تنفرط اقطاعيات متحاربة.
***
سقطت دول غير قليلة. سقطت دولة الأندلس وممالك أخرى فى أوروبا. سقطت امبراطورية مالى فى إفريقيا وأكثر من امبراطورية للهنود الحمر فى الأمريكتين. سقطت أكثرها نتيجة تخريب داخلى أو إهمال أو فساد أو فقدان العصبية وكلها اعتبرها قبل مئات السنين ابن خلدون شروطا لسقوط الدول. قضيت ساعات عديدة خلال الشهور القليلة الماضية، وساعات أخرى قضاها زملاء ومراقبون من مختلف الجنسيات والأعراق، قضيناها نراقب ما يغرد به رئيس أمريكا أو يصرح وما أصدره من قرارات وأقره من سياسات وخطط. خرجنا من هذه الرحلة واثقين من أنه ما من رئيس عاقل ومحب لبلده يفعل بها ما فعله السيد ترامب بأمريكا. أكتب هذه السطور وأمامى على شاشة أخرى جداول بأرقام الحال المتدهورة للولايات المتحدة الأمريكية. تحتار وأنت تقارن. قوائم بأرقام تعلن تدهور أغنى اقتصاد بالعالم وقوائم بأعداد المصابين بالفيروس وقتلاه وتسأل لماذا تكون الدولة الأغنى والأكثر تقدما وتحضرا ونصيبا فى الثروة العالمية هى الدولة التى تجاوز عدد موتاها على يد الفيروس الملعون ثلث موتاه فى العالم بأسره بينما لا يزيد نسبة سكانها إلى مجمل سكان الكوكب عن 5%.
***
هذه علامات قليلة من علامات كثيرة تثير جميعها وبإلحاح الرغبة فى الحديث عن مستقبل دولة عظمى واحتمالات سقوطها. يبقى أيضا مثارا السؤال التالى، لو كانت العلامات بالفعل جادة وخطيرة وليست مجرد فصل فى سردية افتراضية فما العمل؟

دار الشروق 

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


استعمال التعابير السياسية الخاطئة
بقلم: الدكتور علي محمد فخرو

الجامعة تصدر بياناً تدين فيه وصف ألمانيا لحزب الله بالإرهابي
بقلم: جامعة الأمة العربية



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب جميل مطر |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//