جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

المتباكون على “الخلافة العثمانية” | بقلم: الدكتور ابراهيم علوش
المتباكون على “الخلافة العثمانية”



بقلم: الدكتور ابراهيم علوش  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
01-10-2019 - 2015

يطلع علينا بين الفينة والأخرى من يتباكى على قرون التجمد الحضاري خارج التاريخ في ظل الاحتلال العثماني، بذريعة أن ما تلاها كان تجزئة واحتلالاً وتبعية للغرب، والمؤسف أن بعض هذه الأصوات محسوبةٌ على محور المقاومة، وتتبنى موقفاً مناهضاً للصهيونية وللهيمنة الغربية على المنطقة. لذلك لا بد من تصويب السجل التاريخي والسياسي في هذه المسألة نظراً لخطورة مثل هذا الطرح، لا سيما عندما يصدر عن جهات ذات مصداقية وطنية ما عدا ذلك…

أولاً:كان التأخر الحضاري الذي فرضه العثمانيون، والانكماش السكاني والضعف العسكري والسياسي والاجتماعي المواكب له، هو العامل الرئيسي الذي مكّن الغرب من احتلال شمال إفريقيا برمته، ومن التغلغل في المشرق العربي، لا سيما التغلغل الصهيوني في فلسطين في ظل عبد الحميد الثاني (كما سنظهر لاحقاً). ففكرة أن العثمانيين حمونا من الاحتلال الغربي عبارة عن هراء.

ثانياً: كان العثمانيون في معظم القرن التاسع عشر حلفاء لغرب أوروبا في مواجهة روسيا، وحلفاء للأوروبيين في مواجهة مشاريع النهضة العربية، ولننتبه جيداً أن جيوش خمس دول أوروبية (كافرة؟) احتلت بلاد الشام، وأخرجت إبراهيم باشا منها، وسلّمتها للخلافة العثمانية، فما سمح باستمرار الخلافة العثمانية في القرن التاسع عشر هو الغرب “الكافر” نفسه، في مواجهة القومية العربية، العدو الحقيقي للغرب.

ثالثاً:عندما نشبت الثورة العربية الكبرى، كانت “الخلافة العثمانية” قد أطيح بها، وكان الاتحاد والترقي قد وصل للسلطة عام 1908، ورسمياً عام 1909، وكان مشروع التتريك قد أسفر عن وجهه الدموي، وكانت النزعة الطورانية قد أصبحت قانوناً رسمياً بعد أن كانت تتخفى بعباءة دينية، فقصة أن العرب ثاروا على العثمانيين ليست دقيقة، فالمعركة كانت مع الاتحاد والترقي.

رابعاً: حقيقة تعاون قيادة الثورة العربية الكبرى مع الاحتلال البريطاني تجعل من تلك القيادة خائنة لمبادئ الثورة العربية نفسها، ولا تجعل من مشروع الوحدة العربية والتحرر من أي احتلال، سواء كان عثمانياً أم غربياً، فكرة “خيانية”.

خامساً: من ينشرون الحنين للمشروع العثماني الرجعي المتخلف المحمي من قبل الاستعمار الأوروبي خلال القرن التاسع عشر يقدّمون غطاءً للهيمنة التركية المعاصرة على بلاد الشام والعراق، لا سيما السعي الحثيث لتتريك شمالهما اليوم، فانتبهوا.

سادساً: بعض الإخوة في محور المقاومة ممن يقدّمون مثل هذه الطروحات يصبون في خانة محاربة الهوية العربية لبلادنا، وبالتالي يصبون في مشروع “الشرق أوسطية”، سواء تحت غطاء إسلاموي أم مشرقي أم صهيوني أم غربي، لا يهم، لكنهم يحملون معول التهديم الذي يتقاطع مع المشروع الأمريكي-الصهيوني، عن حسن أو سوء نية، وهنا يجب أن لا نتردد بالدفاع عن هويتنا العربية، مع كل المحبة والاحترام لمن نتقاطع معه في أي قضية استراتيجية أو تكتيكية ما عدا ذلك.

سابعاً: الأغرب طبعاً تلك القصة التي يتسلى البعض بروايتها عن السلطان عبد الحميد وزعمهم رفضه تسليم فلسطين لليهود، والغريب في تلك القصة العجيبة أن السلطان عبد الحميد:

1) كان في حالة تفاوض مع ثيودور هيرتزل حول تقديم ديون للدولة العثمانية.

2) سمح بأول ثلاث مستعمرات يهودية أن تبني في فلسطين في ظل حكمه، وهي: ريشون ليتسيون، وبتاح تكفا، وزخرون يعقوب في القرى العربية الفلسطينية التالية بالتوالي: عيون قارة، ملبس، زمارين (وقد تبين من أبحاث لاحقة قام بها آخرون أن عدد المستعمرات التي تم تشييدها في عهده هو 33 مستعمرة، بالإضافة للبنية التحتية للدولة الصهيونية).

3) سمح بالهجرة اليهودية إلى فلسطين، وقد جاءت موجة الهجرة اليهودية الأولى إلى فلسطين عام 1882، وبدأت موجة الهجرة اليهودية الثانية حوالي عام 1895، حسب معظم المراجع التاريخية، ومنها مثلاً كتاب الدكتور عبد الوهاب الكيالي “تاريخ فلسطين الحديث” (الفصل الثاني). أي أن تينك الهجرتين جاءتا في فترة حكم السلطان عبد الحميد الواقعة ما بين عامي 1876 و1909، وخلالها بدأ تأسيس المستعمرات اليهودية الأولى، وخلالها أيضاً عادت الهجرة الصهيونية إلى الاشتداد عام 1905، واستمرت حتى عام 1914. وساء الأمر بالتأكيد بعد وصول جماعة “تركيا الفتاة”، الصهيونية النزعة، إلى الحكم في عام 1908.

4) سمح لليهود بتملك الأراضي في فلسطين، ويشار في هذا الصدد أن كل جهود الحركة الصهيونية حتى عام 1948 لم تسفر عن السيطرة على أكثر من 5,6 بالمئة من أرض فلسطين التي تزيد عن 27 ألف كيلومتر مربع بقليل، ولكن سجلات الطابو تظهر حسب أكثر من مرجع، ومنها كتاب ناجي علوش “الحركة الوطنية الفلسطينية أمام اليهود والصهيونية”، أن ما بين 420 ألفاً و650 ألف دونم من الأراضي العربية في فلسطين سيطر اليهود عليها خلال فترة الاحتلال العثماني.
(مقتطف من مقالتي “الاحتلال العثماني والحنين للتخلف”، 2008)..

عبد الحميد طبعاً تحوّل إلى إحدى تخاريف بعض الإسلاميين الذين ما برحوا يتحدثون عن “تضييع القوميين العرب لسيناء والجولان إلخ…”، ففي ظل عبد الحميد، الذي حكم بين عامي 1876 و1909، احتُلت مصر عام 1882، واحتُلت السودان عام 1898، واحتُلت الصومال عام 1884، وفرضت إسبانيا وفرنسا الوصاية على المغرب عام 1906، وفي ظل من قبله من السلاطين تم تأسيس أول مستعمرة يهودية في فلسطين عام 1856 المسماة “مشروع موسى مونتيفيوري”، وفي ظل عبد الحميد والاتحاد والترقي ارتفع عدد اليهود في فلسطين من 7 آلاف إلى 80 ألفاً مع بداية الحرب العالمية الأولى.

وكانت بريطانيا قد فرضت الوصاية على كل إمارات الخليج العربي في القرن التاسع عشر، بعد استئصال النفوذ البرتغالي والهولندي منه، وأخضعت الساحل العماني لنفوذها عام 1820، واحتلت عدن عام 1839 ضمن استراتيجية تطويق تمدد محمد علي باشا في المشرق العربي، وكانت فرنسا قد احتلت الجزائر احتلالاً استيطانياً كاحتلال الصهاينة لفلسطين عام 1830. إذاً أسطورة حماية العثمانيين للعرب من الغزو الأوروبي عبارة عن كتلة من الهراء الذي لا يصمد أمام أي تدقيق جاد.

كلمة أخيرة عن المدعو “أرطغرل”:

المدعو “أرطغرل” شخصية ملتبسة لم يذكرها مؤرخو القرون الوسطى العرب والبيزنطيون، وتمثّل إسقاطاً أسطورياً للطموح العثماني التوسعي.. ويعود تاريخ الكتابة الحالية المنقوشة على مقبرة منسوبة إليه في مدينة سكود إلى عام 1886-1887م، وذلك أثناء عملية ترميم سابقة قام بها السلطان عبد الحميد الثاني كجزء من عملية إحياء “التراث المجيد” الموهوم للعثمانيين، ولو كانت المسألة مسألة “احترام القوة”، لكان من الأجدر بالعرب الذين يمجّدون المدعو أرطغرل أن يحترموا المغول المتوحشين الذين هرب أرطغرل وقبيلته من أمامهم إلى الغرب ليلتحقوا بخدمة سلاجقة الروم!.

فما ورد عنه هو دراما تركية موجهة سياسياً في خدمة مشروع توسعي… مجرد دراما، والحقيقة غير ذلك، لو نظرنا جيداً…

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


موجز عن النظرية المؤسساتية
بقلم: مجموعة من الدارسين في السياسة والاستراتيجيا

هل الطب له علاقة بالسياسة ؟
بقلم: الدكتور : فيضي عمر محمود



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب الدكتور ابراهيم علوش |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//