جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

في راهن العلاقة بين إسرائيل وأميركا وماضيها | بقلم: معين الطاهر
في راهن العلاقة بين إسرائيل وأميركا وماضيها



بقلم: معين الطاهر  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
14-09-2019 - 1343

تترادف مفردتا الصهيونية والإمبريالية الأميركية، أو إسرائيل وأميركا، في الوجدان السياسي العربي. ونادرًا ما تُذكر إحداهما من دون اقترانها بالأخرى، ويرجع ذلك إلى التاريخ الطويل من التأييد والمساعدات والدعم الأميركي اللامحدود للكيان الصهيوني في فلسطين، حتى أصبح الحديث عن تلك العلاقة العضوية ما بينهما بمثابة مسلّمة في السياسة العربية، أكان ذلك لدى النظام العربي الرسمي الذي اعتبر على الدوام أن 99% من أوراق الحل والربط في يد الولايات المتحدة الأميركية، أم عند قوى المقاومة والمعارضة التي اعتبرتهما جبهة واحدة، لا يمكن اختراقها أو التأثير فيها، وأن العداء لأحد أطرافها يوجب العداء للطرف الآخر. وهي المعادلة التي تحاول هذه المقالة الغوص فيها، والتأكد منها، في محاولة لتتبع تطورها، وإدراك مخاطرها، واستشراف إمكانات تحوّلها "النسبي" ضمن التطورات التي تحيق بالمنطقة وبالقضية الفلسطينية.
دفعت إدارة الرئيس دونالد ترامب العلاقات الأميركية - الإسرائيلية إلى مرحلة جديدة واكبت رؤية مختلفة بشكل جوهري عن الإدارات التي سبقته للقضية الفلسطينية والمنطقة ودور إسرائيل فيها، إذ تجاوز الرئيس الأميركي، ترامب، مواقف من سبقوه، عندما اعترف بالقدس عاصمة موحدة للكيان الصهيوني، كما اعترف بضمّها الجولان السوري المحتل، وسعى جاهدًا إلى إلغاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وأعلن عن نيته إطلاق ما عُرف بصفقة القرن، لتسوية الصراع العربي - الصهيوني، على قاعدة حل اقتصادي متوهَّم وممول من أنظمة عربية، سعى لترويجه عبر ورشة فاشلة عُقدت في المنامة.
تقوم الفكرة الرئيسة لمشروع ترامب على إلغاء جميع المرجعيات والقرارات والمبادرات السابقة لحل هذا الصراع، بما فيها التي التزمت بها الإدارات الأميركية على مرّ العقود، وإيجاد قواعد جديدة لعملية السلام يحكمها منطق فرض الأمر الواقع والاعتراف به كحقائق قائمة لا سبيل لتغييرها، بالاستناد إلى منطق القوة، وليس إلى منطق الحق والعدل والشرعية الدولية.
الثابت أن هذه المبادرة، والتي يتم تعديلها باستمرار لتتواءم ورغبات رئيس الحكومة
"علاقة ترامب بنتنياهو لن يكون حالها أفضل من علاقة زعماء غربيين مع دولة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا"
الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، واليمين الصهيوني المتطرّف التي لا تنتهي، ستتضمن اعترافًا بالاستيطان والاحتياجات الأمنية المزعومة، وستنسف بشكل نهائي ما عُرف بحل الدولتين، وتضمن سيطرة صهيونية مطلقة على مناحي الحياة كافة في المناطق الفلسطينية المحتلة.
لا تتطابق هذه السياسات غير المألوفة مع سياسات الإدارات السابقة المنحازة أيضاً لإسرائيل، ففي عام 1956، وقف الرئيس الأميركي دوايت إيزنهاور موقفًا حازمًا من العدوان الثلاثي على مصر، وأجبر الكيان الصهيوني على الانسحاب من سيناء وقطاع غزة. كما أن التسليح الأميركي للجيش الصهيوني لم يبدأ إلا بعد عام 1967، بعد أن كان السلاح المستخدم فرنسيًا. أما الرئيس الأميركي، رونالد ريغان، فقد أطلق مبادرته المعروفة باسمه، وتضمنت انسحابًا إسرائيليًا من الأراضي المحتلة، مع تعديلاتٍ متبادلة على الحدود، ووقف أمامها عائق التمثيل الفلسطيني، على الرغم من المحاولات العربية والفلسطينية لتوأمتها مع المبادرة العربية.
وفي حرب الخليج الأولى، أنهى الرئيس الأميركي، جورج بوش، دور إسرائيل شرطياً يحرس المصالح الغربية في المنطقة، عندما استثنت الولايات المتحدة الجيش الصهيوني من التحالف الواسع الذي أقامته، بل ومنعته من الرد على الصواريخ العراقية التي انطلق بعضها باتجاهه، وامتنعت عن استخدام الأراضي والأجواء التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني في عملياتها العسكرية، ليعقب هذه الحرب مؤتمر مدريد القائم على معادلة الأرض مقابل السلام، والمستند إلى قراريّ مجلس الأمن 338 و242، وهي السياسة الرسمية الأميركية المعتمدة لدى جميع الإدارات الأميركية السابقة.
أضف إلى ذلك كله حكاية الوديعة التي أودعها رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين لدى الإدارة الأميركية، ويتعهد فيها بالانسحاب من الجولان السوري المحتل، شرطاً لبدء مباحثات سلام سورية – إسرائيلية. وإلى تمرير إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في نهاية ولايته قرارًا لمجلس الأمن يدين الاستيطان الصهيوني، في سابقةٍ لم تحدث سابقًا أو لاحقًا، إذ إن أكثر من 60% من الحالات التي استخدمت فيها الولايات المتحدة حق النقض في مجلس الأمن كانت تتعلق بالقضية الفلسطينية ولصالح الكيان الصهيوني.
سياسة ترامب الذي أصبح، كما يبدو، عضوًا في جناح نتنياهو في حزب الليكود، كما أصبح نتنياهو جزءًا من جوقة ترامب في الحزب الجمهوري، قائمة على نسف سياسة الدولة الأميركية بشكل كامل في قضايا داخلية وخارجية. ففي قضية الشرق الأوسط نسف السياسة السابقة المنحازة أصلًا، بما فيها جميع القرارات والمرجعيات، لتصبح هذه القضية من دون ملامح واضحة، تقرّرها شريعة الغاب وسياسات الأبارتايد والتمييز العنصري. في مسعى يهدف إلى إعادة دور الشرطي الإسرائيلي في المنطقة، عبر تطبيع علاقاته مع النظام العربي الرسمي، وعبر إحلال العداء مع إيران بديلًا لحالة التناقض مع العدو الصهيوني، وهي سياسة تتضح معالمها أكثر فأكثر كل يوم، وتنعكس على منطقتنا، كما تنعكس على السياسات الداخلية في أميركا.
جديد ما حرّر في هذا المجال كان انتقاد ترامب الأميركيين اليهود الذين يصوّتون للحزب
"انتقد ترامب الأميركيين اليهود الذين يصوّتون للحزب الديمقراطي، معتبرًا أنه تصويت يمسّ بولائهم وانتمائهم"
الديمقراطي، معتبرًا أنه تصويت يمسّ بولائهم وانتمائهم، بعد رفض الحكومة الإسرائيلية زيارة عضوي مجلس النواب الأميركي، من الحزب، رشيدة طليب وإلهان عمر، الأراضي الفلسطينية، بتحريض من ترامب نفسه، ما أدّى إلى استنكار زعماء الحزب الديمقراطي، ومطالبة بعضهم، ومن ضمنهم المرشح للرئاسة (وهو يهودي) بيرني ساندرز، بوقف المساعدات الأميركية لإسرائيل، ما أوجد حالة من الرفض، حتى في صفوف اليهود الأميركيين ضد تغريدات ترامب الذي يعتبر أن ولاءهم مفترض أن يكون لإسرائيل، ما اضطرّهم مراراً إلى تذكيره بأنهم مواطنون أميركيون.
وعلى الرغم من إقرار قوانين تتعلق بمنع مقاطعة إسرائيل، وإصدار وزارة الخارجية الأميركية تعريفًا لـ"اللاسامية"، يمنع أي مقارنة بين جرائم النازيين وممارسات الاحتلال الصهيوني، إلا أن حملات المقاطعة الأكاديمية في الجامعات الأميركية تنمو باضطراد، وثمّة تحوّل لافت في صفوف الأميركيين اليهود من ممارسات الاحتلال وسياسات ترامب، وهي السياسات التي تعصف بنواحٍ مختلفة في الداخل الأميركي.
وفي منطقتنا، تحمل هذه السياسة من جهة بذورًا لخلافات لم تبرز بعد مع الجانب الإسرائيلي، ومصدرها جانبان: يتعلق الأول بأنه لا حدود للأطماع الصهيونية، ومهما تطابقت سياسات ترامب معها، ثمة مزيد يُطلَب منها دائمًا. أما الجانب الثاني، فهو المتعلق بالدور الإسرائيلي المطلوب في المنطقة، إذ تصطدم الولايات المتحدة التي تريد أن تستخدم إسرائيل شرطياً له مهمات في حماية بعض الأنظمة وفي مواجهة النفوذ الإيراني، هنا بعقبتين: أن إسرائيل لا ترغب في مواجهة النظام الإيراني منفردة، بل تسعى إلى إقحام الولايات المتحدة وأنظمة عربية أخرى في هذه المواجهة. وأن قدرة الولايات المتحدة على تطبيع علاقات النظام العربي مع الكيان الصهيوني تبقى محدودة، وأن بإمكان الجماهير العربية أن تُفشل مثل هذه المحاولات، وأن تعزل أصحابها.
قد يكون من أهم عوامل تغيير ميزان القوى الراهن العمل على تغيير مسار العلاقات الأميركية – الإسرائيلية، وهذا ممكن، بالاستناد إلى المتغيرات المتوقعة داخل الولايات المتحدة ذاتها نتيجة السياسات الترامبية، وإلى إجهاض عمليات التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني، والأهم هو الصمود الفلسطيني واستمرار المقاومة، حيث يكفل ذلك إبقاء جذوة القضية الفلسطينية مشتعلة. أما علاقة ترامب مع نتنياهو، فلن يكون حالها أفضل من علاقة زعماء النظام الغربي سابقًا مع دولة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، ولن تواجه غير المصير نفسه الذي سيواجه آخر نظام احتلال كولونيالي وأبارتايد وتمييز عنصري في العالم، وهو الأمر الذي يتعاظم في كل يوم.

 

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


حماية النساء زمن الحرب في ظل أحكام القانون الدولي الإنساني
بقلم: الدكتورة رتيبة الميلادي

" أموال صهيونية لتجنيد شباب أمازيغ" بالمغرب..؟!؟
بقلم: عزيز هناوي



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب معين الطاهر |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//