العالم العربي بعد مائة عام من اتفاقية سايكس بيكو التقارير والمقالات | العالم العربي بعد مائة عام من اتفاقية سايكس بيكو
تاريخ النشر: 01-04-2016 / 22:44:46

بقلم: روعة قاسم
| ما يشهده العالم العربي ليس وليد اللحظة والحديث عن تقسيمه الى دويلات او كانتونات عرقية وطائفية ليس مشروعا حديثا في اطار «سايكس بيكو جديد»، بل انه اعادة استحضار خرائط قديمة تمّ وضعها للمنطقة قبل اكثر من مائة عام من قبل القوى الاستعمارية المتصارعة حينها على النفوذ واقتسام تركة «الرجل المريض» .
عشر خرائط عرضها امس سفير لبنان لدى تونس د. بسام عبد القادر النعماني خلال ندوة الجامعة العربية حول « الوطن العربي بعد 100 عام من اتفاقية سايكس بيكو ..قراءة في الخرائط»، تحصل عليها من ارشيف وزارة الدفاع البريطانية ، مقدما مقاربة جيوسياسية لأبرز المحطات التي مرّ بها العالم العربي منذ سايكس بيكو عام 1916 الى الآن ..وذلك بحضور عدد من سفراء الدول العربية لدى تونس وثلة من المفكرين والسياسيين التونسيين والعرب .
وقد اكد امين عام جامعة الدول العربية المساعد عبد اللطيف عبيد ان سايكس وبيكو «قاما بتفريقنا وعلينا توحيد الجهود لاعادة اللحمة لهذه الامة التي سئمت التفكك والتشرذم رغم كل الصعوبات».

   تقسيم الهلال الخصيب  
قال سفير لبنان د. النعماني ان ما يعرف باتفاقية سايكس بيكو عام 1916 هي عبارة عن سلسلة اتفاقيات وتفاهمات سرية بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الامبراطورية الروسية تهدف الى اقتسام الامبراطورية العثمانية في منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا . وكان الجو العام الشعبي والرسم العربي حينها مشحونا ويعكس حالة خيبة الامل العميقة من الوعود البريطانية المخالفة التي وردت في مراسلات حسين – مكماهون والتي تثبت الاعتراف بدولة عربية مستقلة واحدة في حال ثار العرب على الاتراك. وكان الكشف عن هذه الاتفاقيات السرية قد جاء بعد اسابيع قليلة من صدور اعلان بلفور الذي تعهدت به بريطانيا بتسهيل اقامة وطن قومي يهودي في فلسطين.
واشار النعماني الى ان روسيا قد ضمنت الحصول على القسطنطينية وضفتي البوسفور ومساحات كبيرة في شرق الاناضول فيما تم تقسيم منطقة الهلال بين فرنسا وبريطانيا . ولفت النعماني النظر الى ان خريطة تقسيم سايكس بيكو كما نعرفها اليوم مرت بعدة مراحل وتعديلات قبل ان يتم التوافق على نسختها الاخيرة بين القوى العظمى في عام 1916 .
واوضح ان المذكرات وقعها سايكس وبيكو في سرية تامة وبمعزل عن الشريف حسين الذي لم يكن يعلم عن الاتفاقية او الخريطة شيئا . وكانت مراسلات حسين مكماهون قد تطرقت الى مصالح فرنسا وبريطانيا في بعض المناطق ولكنها لم تعلن جهارا بان هناك مشروعا لوضع اليد ولتقسيم المنطقة بين الدولتين . ولم يعلم الشريف حسين بالاتفاقية الا بعد قيام الثورة البلشفية في روسيا في نوفمبر من عام 1917 واعلان الشيوعيين عن المعاهدات السرية التي وقعتها روسيا القيصرية من بينها سايكس بيكو .

   خرائط سرية  
واوضح النعماني ان اول خريطة تصويرية لاتفاقية سايكس بيكو نشرت عام 1926 وذلك في المجلد السادس لمجموعة رسمية امريكية جمعت كافة الاوراق الرسمية المحفوظة لدى ورثة الرئيس الامريكي ويلسون حول مؤتمر باريس للسلام . وقال النعماني :»كان الرئيس ويلسون قد ذهل باتفاقية سايكس بيكو وكافة الاتفاقات السرية الاخرى ذات الصلة ،مما حدا به الى اعلان النقاط الاربع عشرة لإحلال السلام العالمي. ومن بين ابرز نقاطها التخلي عن الدبلوماسية السرية والمعاهدات السرية التي تتسبب بالحروب واعتماد حق تقرير المصير للشعوب وانشاء عصبة الامم .
ويقول النعماني ان الخريطة الحالية منقولة عن الخريطة الاصلية لانها مرسومة بخط اليد وظلت خريطة سايكس بيكو الاصلية والخرائط الرسمية التي استندت اليها محفوظة بشكل سري وغير منشورة حتى عام 1960 . اما باقي الخرائط التي كانت تنشر فهي اما منسوخة او اعيد رسمها عن الاصل.
واضاف ان خرائط التقسيم الجديدة للمنطقة قديمة تعود الى 1916 حيث كان هناك اقتراح لتقسيم الهلال الخصيب الى عشرة دول . واكد النعماني ان الحديث عن خرائط جديدة غير صحيح بل ان هناك خرائط قديمة تتم الاستعانة بها من ارشيف الدول الاستعمارية لتواكب مصالح الدول الكبرى.
من جهته قال السفير التونسي السابق محمود سرور ان هناك عدة مشاريع لاعادة ترسيم الحدود ليس فقط في الشرق الاوسط بل ايضا في شمال افريقيا . واوضح انه منذ اتفاقية سايكس بيكو ظهرت خرائط عن الدبلوماسية الاسرائيلية التي طرحت فكرة اعادة رسم حدود المشرق العربي . ويرى ان المحطة الثانية ظهرت في سنة 2006 مع احد الخبراء في التخطيط الاستراتيجي في البنتاغون حيث خرج بخرائط لاعادة حدود كامل المنطقة العربية وليس فقط الشرق الاوسط. اما المحطة الثالثة فهي من صحفية اسرائيلية مختصة في الشؤون الامنية اخذت الفكرة نفسها وطرحتها لاعادة تقسيم ليبيا ومصر وايران والعراق وسوريا وغيرها من دول المنطقة الى دويلات .
واليوم بعد مرور مائة عام على اتفاقية سايكس بيكو ونحن نشهد تحولات كبرى في المنطقة وحروبا ودمارا في اكثر من بلد ، تطرح عديد التساؤلات لعل اهمها ما هو الدور الامريكي في هذا التقسيم الجديد – المعدل للمنطقة . وهل ان الارهاب او تصاعد داعش هو احدى ادوات تنفيذ هذا المخطط ؟ والى اي مدى سيظل العرب خارج دائرة الفعل وخارج التاريخ في حين ان مصير اراضيهم ومقدساتهم وثرواتهم وتاريخهم وحضارتهم بيد القوى الكبرى في العالم؟

تنويه | المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع

جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013