تأسس صندوق النقد الدولي International Monetary Fund في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وتحديداً في 27 كانون الأول / ديسمبر 1945، لمراقبة النقد الدولي في عالم ما بعد الحرب، ومساعدة الدول الأعضاء التي تصادف مصاعب اقتصادية، ولكن دوره كمراقب للنقد كان قليل التأثير منذ التأسيس، كما أنه كان من أهدافه تشجيع التعاون النقدي الدولي وتوسيع التجارة الدولية والعمل على تثبيت وتنسيق نظم التعامل والتبادل بين الأعضاء ومنع التنافس على تخفيض قيمة العملات، والمعاونة في إلغاء القيود على العملات الأجنبية. ولتحقيق أهدافه كان يبيع الصندوق النقد الأجنبي للأعضاء لمساعدتهم على مواجهات صعوبات ميزان المدفوعات ويقدم المشورة للحكومات بشأن المشكلات المالية.
وكان تقرر بعد الحرب العالمية الثانية أن أفضل وسيلة للعمل على تحقيق الرخاء الاقتصادي الدولي هي تشكيل نظام نقد دولي يضمن استقرار تبادل العملة. وتحقق ذلك من خلال الاتفاقيات التي وضعت آنذاك في بريتون وودز في الولايات المتحدة...إذ تم الاتفاق على أسعار تبادل العملات الدولية الهامة في العالم بالنسبة للعملات الأخرى وكذلك – وهذا هو الأهم – بالنسبة للذهب.
كانت مهمة صندوق النقد الدولي أن يضمن الحفاظ على أسعار تبديل العملة تلك لأطول فترة ممكنة، وأن تخفيض قيمة العملة أو رفع قيمتها يجب أن يكون منظماً، وألا يحدث إلا إذا اقتضت الضرورة القصوى. ولكن مع بداية السبعينيات من القرن المنصرم، استبدل نظام السعر الثابت للعملات بتعويم العملات لأن الدولار الأميركي أصبح مرتفعاً ارتفاعاً كبيراً مقابل الذهب، إلا أن حكومة الولايات المتحدة كانت قد أصدرت عدداً كبيراً من الدولارات لدرجة أنها لم تعد تستطيع مواجهة جميع المطالب الأجنبية مقابل ما لديها من احتياطي الذهب. وهكذا أوقف العمل بتحويل الدولار الى الذهب وخفضت قيمة الدولار. وطبقاً للنظام الجديد فإن أسعار تبادل العملة تعوّم بصورة حرة مقابل بعضها، ويتحدد سعرها بعوامل العرض والطلب في أسواق العملة الدولية. ومن حين إلى آخر تتدخل الحكومات ببيع أو شراء عملتها، أو عملات أخرى، في محاولة للتأثير في قيمتها، إلا أن الأسعار تتقرر بصفة عامة من خلال العوامل التجارية والمضاربة، وليس لصندق النقد الدولي دور مباشر في هذا الصدد.
يشكل صندوق النقد الدولي مصدراً للمال للدول التي تواجه مشاكل تتعلق بالمدفوعات الدولية، ورغم عدم وجود قاعدة ثابتة، فإن الكثير من المصارف الدولية تنتظر حتى يوافق الصندوق على صفقة معونة لدولة ما، قبل أن تبدي هذه المصارف استعداداً لإقراض المال، والتمويل من الصندوق، بخلاف المعونة التي يقدمها البنك الدولي، هو هيئة شقيقة للصندوق، يهدف الى مساعدة الدول التي تواجه مشاكل مؤقتة في المدفوعات.
قروض بشروط لديها عواقب سياسية
عندما يقدم الصندوق قروضا فإنه يضع شروطاً معينة، وقد يكون لها عواقب سياسية. ومثال ذلك أن يحاول أن يجعل دولة ما تواز حساباتها الداخلية، او قد يطلب تخفيضا في المصروفات العامة واتخاذ إجراءات مباشرة للحد من التضخم المالي، كتجميد الأسعار، في سبيل ضمان أن حكومة ما تنفذ التزاماتها فقد يبقى فريق من المسؤولين في الصندوق في ذلك البلد لفترة طويلة.
ويعمل صندوق النقد الدولي من خلال مجلس المحافظين حيث تعين كل دولة عضواً محافظاً ومناوباً له. ويتكون المجلس من هؤلاء المحافظين. وهو مركز سلطة الصندوق. وهناك 15 مديراً تنفيذياً تعين الدول صاحبة الأنصبة الكبرى خمسة منهم أما الباقون فينتخبهم مجلس المحافظين وللصندوق مدير إداري ينتخبه المديرون التنفيذيون. أما كبار المساهمين في الصندوق فهم: الولايات المتحدة، فرنسا، المملكة المتحدة، اليابان، ألمانيا، إيطاليا. أما عدد الأعضاء فهو 190 دولة، ويعمل في الصندوق 2900 موظفاً من 150 بلد. والمقر الرئيسي للصندوق فهو واشنطن.