أبرزت (الحرب الروسية -الاوكرانية) ضرورة البحث عن المصدر البديل لإمدادات الغاز الروسي إلى اوربا بشكل مستدام وأمن ،ومن مناطق تمتلك خزين احتياطي كبير ..وقبيل حرب ( ولادة الأقطاب العالمية الجديدة ) ، انشغلت مراكز صنع القرار و الدراسات الاستراتيجية في امريكا وأوربا في الرد لإطلاق ضربة استراتيجية لمستقبل إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوربا.
ومن أهم البدائل المتاحة هو
1- خط الغاز البحري الإسرائيلي الذي يجري التخطيط له ليكون بديلا عن الغاز الروسي إلى اوربا بالمستقبل القريب، والذي بدأت الحكومة الإسرائيلية باعداد دراسات اقتصادية و فنية له.
يبدأ الخط الرئيسي من آبار غاز طبيعي بمخزون استراتيجي موجودة ضمن المنطقة المتنازع عليها في حوض البحر الأبيض المتوسط الشرقي بين لبنان، و إسرائيل، و قبرص، و سوريا و تركيا. وعلى غرار الخط الروسي (نوردم ستريم 1 و2) ، تخطط إسرائيل لمد أنابيب نقل تحت مياه المتوسط من الآبار إلى قبرص فاليونان، و منها بخطين إلى إيطاليا و بلغاريا والذي يتم توزيعه إلى ألمانيا وشرق اوربا ، مع إمكانية التوازن في إمدادات الغاز إلى اسبانيا و فرنسا من الجزائر ، ومنه تتوزع لبقية دول الاتحاد الاوروبي.
تواجه اوربا وامريكا مشكلة سياسية كبيرة في أن الحقول الكبرى التي تحتوي على احتياطات غاز عملاقة تصل إلى ( 125 تريليون قدم ) مكعب من الغاز الطبيعي ، تقع في منطقة متنازع عليها بين حلفاء أميركا ( إسرائيل و قبرص )، و حلفاء روسيا ( سوريا و حزب الله المؤثر في لبنان )، إضافة لمصر و تركيا اللاعبون الإقليميون شرق البحر الابيض المتوسط الذين يتمتعان بعلاقات متوازنة مع الجميع..
2- تخطط بعض المراكز الاستراتيجية على ربط حوض الغاز العراقي العملاق في المناطق الغربية العراقية و الشمالية مع الخط الإسرائيلي بغية التحكم في الأسعار وفي سوق الطاقة العالمي ، وذلك لقطع محاولأت قطر في إعادة (خط الغاز الخليجي ) ، والتي سبقت وأن حاولت مده عبر الأراضي السورية عام 2010 ،و رفضت دمشق إمراره بشكل قطعي بتأثير الحكومة الروسية ، والذي كان أحد أهم أسباب اندلاع الحرب في سوريا ، و السبب الرئيسي في التدخل الروسي العسكري ، الذي ساهم في بقاء الرئيس (بشار الأسد) في السلطة..
و ليس من قبيل الصدفة أن تدعم إسرائيل اوكرانيا في المسالك الخفية ، لأنها تدرك بأنها ستواجه روسيا مجبرة في حال بدء المشروع مع استمرار الحرب .. و قد يكون الضوء الأخضر لحلفاء الروس من العرب جاهزا" بالرد على الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة في سوريا و لبنان و فلسطين والعراق تمهيداً لتغير كبير في السياسات الروسية - الاسرائيلية.
وبالرغم من أن
الجبهة الشمالية لإسرائيل تشهد منذ سنوات نشاطاً كبيراً ، و لا تحتاج سوريا لحجة للبدء بإسقاط مقاتلات اسرائيلية بدعم من العسكريين الروس و الايرانيين حينما تكون الظروف السياسية مناسبة لذلك بعد أن يشرع الإسرائيليون بذلك ..
لقد أصبح واضحا"لدى الحكومة الأمريكية و حلفائها في الناتو على ضرورة ترتيب ( الشرق الأوسط ) من جديد ، لأن منصات الغاز الإسرائيلية شرقي المتوسط هدف ثابت سهل الاستهداف إن كان من السواحل السورية أو من اللبنانية أو حتى من سواحل غزة مما يعيق عمل خط الطاقة الجديد.
تكمن صعوبة إطلاق مثل هذا المشروع غياب التوافق الدولي في منطقة قابلة للاشتعال بأي لحظة مثل الشرق الأوسط وصعوبة إشراك الصين في هذه الترتيبات ..
قد تشهد المفاوضات الأمريكية-الايرانية عبر أطراف متعددة توافقات جديدة قد تطلق يد إيران في الخليج ، و قد تترتب أوضاع العراق السياسية القادمة في ظل توافق المصالح بين ايران و امريكا تارة و عبر أطراف خليجية بدأت باللعب السريع تارة" أخرى..
المؤسف ، أن الكتل السياسية غائبة و بعيدة عن التأثير لتكون طرف في اللعبة السياسية الدولية القادمة، لأنهم منشغلون بعديد الوزارات الذين يستولون عليها ، وتهريب النفط ، و السيطرة على المنافذ ، و الاستحواذ على العقود و عقارات الدولة ، واستملاك جامعات أهلية ووووووو، في حين أن العالم يتشكل من العراق لو كان في العراق ساسة مخلصين و ليس مثل المتسولين حين يذهب بعضهم إلى تل أبيب و لندن ليستجدون دورا" في القادم من الصراعات و يضعون الغاز العراقي في كردستان تحت تصرف المستعمرين القدامى و الجدد...
ربنا انصرنا على القوم الظالمين..
واعنا على حرب المتجبرين..