حماية الهوية الوطنية من التصدع بفعل التدخل والمشاريع الخارجية التقارير والمقالات | حماية الهوية الوطنية من التصدع بفعل التدخل والمشاريع الخارجية
تاريخ النشر: 20-07-2020

بقلم: العميد د أمين محمد حطيط

في زمن تعصف فيه بأوطاننا ريح سموم سببتها الحرائق التي اضرمت تحت عنوان مزور كاذب قيل انه "ربيع عربي" وانكشفت حقيقته فتأكد انه مشروع خارجي جهنمي يتقاطع مع طموحات إقليمية شيطانية للعبث بمصير المنطقة و وجود أهلها و حقوقهم ، وتهديد الإنسان فيها وجودا وهوية وطنية لمصلحة المشروع الصهيواميركي نرى من الأهمية بمكان ان نتوقف عند المخاطر الخارجية التي تحدق بالهوية الوطنية ولنسلط الضوء عليها ، ونقدم نموذجا عنها يتمثل بالمشروع الخليجي الذي بات متكأ واضحا للمشاريع الخارجية و ما تمثله من اخطار تتهدد امن المنطقة واستقرارها .

لذا سنتناول الموضوع في عناوين أربعة نحدد في الأول المقصود بالهوية الوطنية ونعرض في الثاني للعناصر المؤسسة للهوية الوطنية والمؤثرة فيها وفي الثالث نعمد الى دراسة الاثر السلبي للعوامل الخارجية في الهوية الوطنية وأساليب الدفاع عنها في مواجهة تلك التدخلات والمشاريع ونعرض في الختام للمشروع الخليجي الذي يراد فرضه على المنطقة وما ينتجه من مخاطر وويلات عليها.

أولا: معنى الهوية الوطنية ونشأتها:

الهوية الوطنية هي مفهوم له ابعاد سياسية وقانونية واجتماعية تعني انتماء واتصال وتعيين، انتماء ال "هو" الى وطن وجد نفسه فيه واستمر متصلا به او محتضنا فيه او اختاره بإرادته وعاش فيه فكوّن في هذا التفاعل ذاتا تتميز عن سواها معينة بذاتها. أي ان الهوية الوطنية تكون نتاج جمع وتفاعل عنصرين أساسيين هما: ال "هو" أي الذاتالمكون الذي سينسب وينتمي الى عنصر اخر هو الوطن. ويتطلب تحديد الهوية الوطنية الوقوف على عناصر في ال "هو" تلزم للربط بعناصر في الوطن تبرر عملية الاتصال ويشكل جمع هذه العناصر منظومة الشروط او العناصر الأساسية او المؤثرة في بلورة الهوية الوطنية.

في هذا النطاق نتوقف في ال "هو" عند العناصر الضرورية التي تدفعه للبحث عن وطن وتتيح له اللقاء مع اخرين لتكوين الجماعة لوطن وتكفي لتمييزه عن سواه مما يشبه ويتداخل معه، وبالتالي يكون البحث في ال "هو" يعني التفتيش عن العناصر التي تضافرت حتى مكنت من قيام هذا المكون الذي وسم بطابعه الخاص المتمايز عن الاخر.

اما الوطن، فانه يحدد أولا بحيز جغرافي فيه من العناصر والخصائص ما يلبي احتياجات ال "هو" وجعلت ال “هو" يختاره دون سواه ليقيم فيه او لينتسب اليه ويتفاعل معه او لنقل ليتبادل معه المؤثرات والتأثير حتى

ينتج مكون خاص هو: ال "هو" الموسوم بوطن، فال " هو" صاحب حاجة، وما سيصبح وطنا هو خزان توفير هذه الحاجة. وهنا نتوقف مثلا عند لجوء الخائف الى الجبال ليعتصم بها، او لجوء الجماعات الى الأنهار للإقامة قربها من اجل الماء الذي منه كل شيء حي. وبعد ان نقف على ما في هذا الحيز الجغرافي بشمولية عناصره ومحتواه وتاريخه ونربطها بمتطلبات هذا ال "هو" نصل الى تحديد هوية الفرد الجماعة وننطلق الى تركيز بنية الهوية الوطنية.

فالهوية الوطنية هي نتاج تطور حالة واقعية عارضة تشكلت اراديا او قسرا بتأثير الحاجة ثم تطورت الى واقع قانوني ارادي منظم تضبطه معايير محددة تتشكل نتيجة ارتباط فرد جماعة بمكان جغرافي اختاره او ارتضى الانتماء اليه وبات مشدودا الى ذاك المكان حيث يقيم فيه استمرارا او تقطعا او قد يضطر لظرف ما الى مغادرته جسديا دون ان ينقطع عنه ذهنيا وعاطفيا والتزاما واهتماما. فالهوية الوطنية تستلزم في البدء عناصر اتصال مادي لأطلاقها ولكنها تستمر حتى ولو انقطع هذا الاتصال لانها تتحول الى حالة انتماء معنوي قانوني يتأثر بالمكان دون ان يكون اسير املاءاته بشكل كلي.

ومع وجود الوطن للجماعة وتطور الوجود الى مفهوم قانوني تنشأ المواطنية حيث يعتبر كل فرد من هذه الجماعة مواطنا وهنا يواجه المواطنون الذين انتموا الى وطن ما معضلة الانصهار والوحدة وتشكل الهوية الوطنية الواحدة التي لا يعلوها او يتقدمها هوية. وفي هذا الإطار يكون هؤلاء امام مسار من اثنين: اما ان يحققوا بعلاقاتهم البينية حالة الانصهار الوطني والتماسك البيني وتتبلور الوحدة الوطنية المتينة وينقلب الجمع الى شعب واحد متحد وهو الوضع الوطني الارقى والأفضل، او يعجزون عن الارتقاء الى بلورة هذه الوحدة ويستمرون كتلا متشعبة متساكنه يعملون يصيغه التعايش او العيش المشترك الذي لا يصل الى حالة الانصهار وهنا تكون الهوية الوطنية الواهنة التي تتقدمها هوية اهم منها هي الهوية التي قد تكون دينية او عرقية او إقليمية جغرافية او أي اثنية أخرى .و يكون الانتماء الى الوطن على درجتين أولها و أهمها الانتماء الى الجماعة الذاتية و ثانيها و اوهنها الانتماء الى الوطن .

ولكل حال من الحالين مسارات ونتائج ففي الوضع الأول تكون ديمومة الوطن واستمراره راجحة وتكون الهوية الوطنية ثابتة نهائية تتجذر مع الزمن، بينما تكون الأمور عكس ذلك في الحال الثاني وهنا يكون الوطن كمحطة قطار والفرد فيها متحفز لمغادرته عندما تحين الفرصة. ولكن وفي مرحلة الانتظار قد تتدخل عناصر أخرى لتحمل الجماعة هنا على مراجعة مواقفها عناصر تتصل بما يتكون بينها و بين الجماعات الأخرى في الوطن من تاريخ يصنع مشتركا او مكاسب ومصالح تنشأ مشتركة او تراث يصبح مشتركا، عناصر قد تدفع الجماعات تلك للارتقاء الى الحال الأول ونصل الى الهوية الوطنية الواحدة، او يحصل العكس فتتدخل عناصر التأثير من عرف او لغة او دين و تقاليد خاصة فتباعد بين الجماعات و تؤثر سلبا في علاقاتها ما يقود الى التفكك و ضياع الهوية الوطنية الواهنة أصلا و تقدم الهوية الأخرى لتصبح الهوية الواحدة .

وبالتالي نرى ان الهوية الوطنية هي نتاج منظومة من الخصائص والسمات يوسم بها كيان معين وتكون حصيلة التصاق او اتصال و انصهار ال “هو" بوطن تتبلور فيه سلطة تكون امينة على حماية تلك الهوية فاذا

كان ال "هو" المتصل هو شخص طبيعي انتمى الى وطن فان الهوية الوطنية التي تتشكل ستميز هذا الشخص عن سواه من البشر وتقوم على عناصر أساسية لا بد من تحققها ليمكن القول بقيام هوية او وجود هوية وطنية وبالتالي يكون الحديث عن وحدة وطنية يعني الحديث أولا عن وجود شعب اتخذ من حيز جغرافي محدد وطنا ، وترابط فيما بينه بأواصر جعلت منه وحدة اجتماعية قانونية تحكمه سلطة ، أواصر املتها بعض او كل العناصر الأساسية والعناصر المؤثرة فيها .

ثانيا: عناصر الهوية الوطنية.

تشكل الهوية الوطنية نتيجة تضافر عناصر أساسية لازمة لقيامها مع وجود عناصر إضافية مؤثرة في قوتها او وهنها واحتمال تصدعها فما هي هذه العناصر بفرعيها؟

أ. العناصر الضرورية المؤسسة للهوية وطنية:

1) الجغرافيا وهي العنصر الثابت والمبتدأ الذي هو المحل الذي يقوم فيه وطن ال "هو"

2) التاريخ ويلحظ وجود ال "هو" وتطورها في تشكل الجماعة في الماضي والحاضر والمستقبل.

3) المصالح المادية والاقتصادية المشتركة لل "هو" ربطا بالمكان وما يوفره من ثروات وقدرات.

4) إرادة العيش المشترك لدى ال "هو" طلبا لتوفير الحاجة والتزاما بأداء الواجب حيال الجماعة.

5) الخطر المشترك المحدق ب ال "هو" بقصد دفعه طلبا للأمان والطمأنينة التي توفرها الجماعة بالدفاع المشترك.

ب. العناصر التكميلية المؤثرة في الهوية الوطنية.

.1) النسب ورابطة الدم والقربى وهو المدخل الأساس لتكوين الجماعة بدءا من الاسرة وصولا الى الامة ويرى الكثيرون ان هذا العنصر هو الاساس في قيام الأوطان وتاليا لتحديد الهوية الوطنية

2) اللغة بصيغتها المكتوبة والمحكية او بواحدة منها، وهي ادة اتصال وتفاهم الجماعة واستمرارها والبعض يرى ان الأمم يكتفى بتشكلها بوجود اللغة الواحدة المشتركة بينها.

3) المعتقدات والدين

4) التراث الفكري والقيم

5) النظم والعلاقات الاجتماعي

هناك اراء متعارضة حول أهمية هذه العناصر بين المفكرين / فمنهم من يرى انها أساسية في تكوين الهوية والبعض الاخر ونحن منهم نرى انها لا ترتقي الى مصاف الأساسي الضروري بل تبقى في مرتبة المؤثر وأكثر من ذلك يشكل تعددها في وطن واحد مكامن وهن وتفسخ إذا اسيئ الاستعمال.

ولكن وفي كل حال نرى ان من يبتغي ان يحفظ هويته الوطنية وينميها وبجعلها بمنأى عن الاهتزاز والتصدع الذي يقود أحيانا الى اسقاطها وفقدانها نرى ان عليه ان يراعي العناصر التي منها وعليها وبها تتمظهر الهوية وتقوى حيث ان لكل عنصر مما ذكر حيثية ومفهوم ويتعرض للانتهاك والاضرار به من موارد شتى

لا سيما من الاعتداء الخارجي المقنع او المباشر ما يستوجب اتخاذ التدابير الحمائية الوقائية او العلاجية التي تحول دون الضغط على العنصر وتاليا تصدع الهوية الوطنية فكيف يكون ذلك؟

ثالثا: تأثير التدخل الخارجي على الهوية الوطنية ومواجهتها.

تكون الهوية الوطنية اوضح قياما واقوى كيانا وأكثر منعة على مواجهة المخاطر لا يسهل تصدعها إذا كانت نتاج عدد أكبر من العناصر المؤسسة او المؤثرة إيجابا فيها. وبالتالي تكون حماية المجتمع وصيانة الهوية الوطنية من التصدع موجبة للالتفات الى هذه العناصر لا يجاد أكثر قدر منها وتفعيله وتحصينه.

اما التدخل الخارجي والمشاريع الاجنبية التي تستهدف الوطن وجودا ووظيفة، فهي عوامل سلبية جدا تفعل ضد الهوية الوطنية وتشكل خطرا عليها من خلال امكانية المس بها او القدرة على تعطيل او تحوير او الغاء عنصر او أكثر من العناصر التي تقوم عليها الوحدة الوطنية او تؤثر فيها. فما هي وظائف العناصر المكونة للهوية الوطنية والمؤثرة فيها وما هو الخطر الذي يتهددها ومفاعيل هذه الاخطار على الهوية الوطنية وكيف يجب التصدي لها لحماية الهوية من التصدع؟

نعرض للإجابة في عنوانين الأول نخصصه تفصيلا لمواجهة الخطر الخارجي المهدد للعوامل المؤسسة للهوية الوطنية وفي الثاني نعرض لمواجهة الخطر الخارجي المهدد للعناصر المؤثرة في الهوية.

أ. مواجهة الخطر الخارجي المهدد للعوامل المؤسسة للهوية الوطنية.

1) الجغرافيا: حتى تقوم دولة ووطن لا بد من توفر عناصر ثلاثة: أساسها الشعب الذي يحل في ارض معينة فيحولها الى وطن له تقوم فيه سلطة تنظم أموره وتحميه ليبقى في ارضه وتدافع عنه وعن الأرض التي اتخذها وطنا.

وبالتالي ان الانتماء الى هذه الجغرافيا والتمسك بها يتبدى كوجه مؤكد من وجوه بلورة الهوية الوطنية وقد ارتقت أهمية المكان الذي يتحول الى وطن، في تحديد الهوية الى الحد الذي بات عند بعض الشعوب والأمم جزءا من هوية الفرد الشخصية لا بل هويته الأساس. كما هو الحال لدى فقهاء المذاهب الإسلامية او الفلاسفة والعلماء المشهورين فيسمى البخاري نسبة الى بخاري والنيسابوري نسبة الى نيسابور، والامام الخميني نسبة الى خمين وهكذا ...

اما الخطر الخارجي او المشاريع الخارجية التي تؤثر او تهدد هذا العنصر فيتمثل بشكل أساس بتجزئة إقليم الدولة الوطن والنزول من الاسم العام الى التسمية الجزئية او إلحاق قسم من الإقليم بدولة أخرى كما حصل مثلا في سورية باقتطاع لواء الإسكندرون وضمه الى تركية ما تسبب في المس بالهوية الوطنية للسورين سكان الإقليم والزامهم بحمل هوية ليست لهم ولم يريدونها ولا يبررها عنصر من العناصر التي تقوم عليها الهوية الوطنية أصلا،

اما الأخطر فهو احتلال الأرض المقرون بطرد الشعب كليا او جزئيا وتشتيته في اصقاع الدنيا ودمج بعضه او كله في مجتمعات أخرى فهنا يمكن ان تنشا حالة الازدواج في الهوية او الهوية الوطنية

المجمدة او المعطلة او قد يصل البعض الى حال التخلي عن الهوية الوطنية الأساس والأمثلة على هذا كثيرة بدءا من الحالة الأميركية وحالة سكان البلاد الأصليين وصولا الى فلسطين مرورا بشعوب أخرى كالأرمن مثلا.

اما مواجهة الخطر الذي يتهدد الهوية من باب الوطن والجغرافية فان فيه درجات. وتكون الدرجة الأفضل تحرير الأرض واستعادة المقتطع منها الى حضن الدولة وهنا يفعل الارتباط ويستعاد المفقود ويوضع حد للخطر، اما ان تأخر التحرير فينبغي اتخاذ التدابير التي تمنع التحول وتحد من مفاعيل التنازع بين الهويات ويبقي حبل الاتصال قائما مع الهوية الأصل وهنا نستطيع ان ننوه بتمسك اهل الجولان السوري المحتل والشعب الفلسطيني بالهوية الوطنية لكل منهما رغم الضغوط الهائلة التي يمارسها العدو "إسرائيل" لاسرلة البعض وتوطين البعض الاخر وطمس الهوية الاصلية في الحالين.

2) التاريخ: يشكل التاريخ عنصرا أساسيا من مكونات الهوية الوطنية لأنه يعكس مراحل تكون الأمم والشعوب التي تسكن ارضا فتحولها الى وطن لها ثم يعكس مراحل تطور تلك الأمم ربطا بأوطانها تلك ، و ، نظرا لما يزخر به التاريخ من احداث ويحفل به من متاعب او مصاعب او يختزنه من منارات ومحطات صنعها شعب او امة عبر الاجيال التي تتالت فقد بات التاريخ جزءا او عنصرا من العناصر الرئيسية لتحديد الامة و التعريف بها حيث يستقر القول بان الامة هي الشعب الذي مضى و من هو حاضر منه اليوم و من سيكون منه في المستقبل ، فتاريخ الامة يقيم ربطا و اتصالا بين الماضي و المستقبل عبر الحاضر و يشكل الماضي ارثا و ثروة و المستقبل طموحا و امل و تمنيات ، اما الحاضر ففيه المصالح و الحاجات و متطلبات الحياة ...

فالتاريخ بما يختزن من ارث و تراث يسم الهوية الوطنية بسمات تميزها عن سواها ثم يتحول الإرث التاريخي للأمم عنصرا يغري بالتمسك به فيفاخر الشخص بان يكون يونانيا حتى يقول انه سليل الحضارة اليونانية و يتباهى الشخص بان يكون فرنسيا حتى يستفيد من اضاءات تاريخ الامة الفرنسية و ثورتها و يتباهى الفرد بهويته المصرية لان لمصر تاريخ و محطات حضارية مضيئة ...و لهذا نجد أحيانا بعض الشعوب تحاول القفز فوق الهوية القائمة حاضرا لتسترجع ارتباطا بالماضي تراه او تعتقد انه يغنيها و يرفعها كما هو الحال مثلا في لبنان الذي ينزع بعضهم للتمسك بالهوية الفينيقية و اعتبار الهوية اللبنانية سليلتها .

اما الخطر الخارجي الذي يتهدد عنصر التاريخ في الهوية الوطنية فهو الفعل او السلوك الذي يتجه الى طمس تاريخ الامة والعبث بتراثها وتدمير اثارها حتى يبدو الماضي مقفرا من منارات تشد اليه، وهذا ما فلعلته على سبيل المثال قيادة الحرب الكونية التي استهدفت سورية والعراق من اجل طمس تاريخهما لانشاء كيانات تتنكر للهوية الوطنية العربية السورية والعراقية وهذا ما شهدناه بشكل خاص من تدمير الاماكن الاثرية تدميرا كليا او جزئيا قدر المستطاع.

وقد يتمثل الاعتداء بسرقة الاثار وإعادة نشرها حتى لا يكون الأثر ذاك حكرا على امة معينة ولأنه إذا توسع نسبه ضعف مفعوله ومن المعروف ان الاثار يعلو تأثيرها كلما كانت حصرية في وجودها وبقائها واستمرارها كما هو الحال مثلا بالنسبة للأهرام المصرية التي رغم السرقات والنهب المنظم

الذي شهدته الثروة الاثرية المصرية فان اليد المعتدية لم تصل الى سرقة الاهرام او تدميرها لاستحالة موضوعية تتصل بطبيعة الموضوع.

ونذكر بأعمال وجرائم الجماعات الإرهابية التي اعتدت واستباحت الثروات الاثرية لكل من العراق وسورية من اجل طمس التاريخ المشترك للامة والشعب واختلاق واقع لا ينشد للماضي من اجل طمس الهوية الحقيقية ولتسهيل صياغة هويات جديدة تقوم على فكرة التفتيت والتجزئة.

من هنا تبدو أهمية توثيق التاريخ وترسيخه في ذهن الأجيال وأهمية حماية الثروة الاثرية وصيانتها والمحافظة عليها في مكانها او في المتاحف والاثار واستعادة المنهوب منها مع توثيق مصور لكل ذلك حتى يدرك المرء ان ذلك يشكل جزءا او عنصرا من هويته الوطنية وان فقدانه او التفريط فيه أنما يسهل العمل على تصدع هذه الهوية،

3) المصالح الاقتصادية والمعيشية. ان اول هم يصادفه الكائن الحي في سعيه للحفاظ على حياته هو تامين متطلبات العيش والدفاع عن النفس. ويتردد المفكرون في ترتيب أولويات الفرد هنا بين الحاجة الى الحماية والدفاع عن النفس او الحاجة الى تامين متطلبات الحياة طرحا لسؤال: ايهما الأول، ولكن مهما كان من امر التراتيب بين اول وثاني فمما لا شك فيه ان الفرد لا يستطيع ومهما علا شانه وقدرته وامكاناته فانه لا يستطيع تامين حاجاته المادية والمعيشية والاقتصادية كلها بمفرده ويبقى بحاجة الى الجماعة لتوفر له ما عجز عنه، فيقدم لها شيئا مما لديه او مما يمكنه تأمينه وانتاجه من سلعة او خدمة مقابل ما توفر له من سلع وخدمات تعوزه.

هذا التعاون في سبيل تامين متطلبات الحياة فرض تكوين الجماعة أولا ثم فرض وجود هوية للجماعة المتعاونة ثم وربطا بالوطن الذي قامت الجماعة فيه يتكون العصب المادي الاقتصادي ليصبح عنصرا أساسيا فأعلا في تكوين هويتها. ويشتد انتماء المرء الى جماعته ويشتد تمسكه بهويتها أي الهوية الوطنية بمقدار ما توفره له تلك الجماعة وتلك الهوية من متطلبات العيش الكريم. والعكس هو الصحيح حيث ان تنصل الجماعة من تامين اجتياحات الفرد او عجزها عنه يحمله على تركها والبحث عن سواها وهنا يحضرنا قول الامام علي ع " الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن“ ومن هذا الباب نطل على العامل الخارجي او المشاريع او التدخلات الخارجية والضغوط الاقتصادية لتي تمارس على مجتمع ما قد يدفعه الى الوهن في التمسك بهويته والتوجه الى الهجرة التي إذا تعاظمت قد تصل بالمجتمع الى التفكك ان لم يستطع مواجهة الضغوط المعيشية. ونلفت هنا الى ما تقوم به اميركا اليوم من تدابير إجرامية عدوانية ضد الشعوب والدول التي لا تنصاع لإملاءاتها تحت عنوان الحرب الاقتصادية التي تمارسها من اجل "التجويع للتركيع " بشكل وجها من أبشع المس بالهوية الوطنية ويهدف الى تفكيك الأوطان فالحرب الاقتصادية خطر على الهوية الوطنية ان لم تواجه بسياسة التحمل الفردي والشعبي وبسياسة المواجهة الحكومية الحكيمة.

فالحرب الاقتصادية تدفع المواطن الى الإحساس بعجز دولته عن تامين احتياجاته وتكون ردة فعله سلبية ضدها ما يدفع البعض للهجرة طلبا للعيش الكريم، وبالمقابل نجد ان المواطن في الدول الغنية التي تؤمن له ارفع أنواع الحاجات المعيشية والمالية يظهر انه اشد تمسكا بهويته ومفاخرة بها. ولذلك نرى ان مواجهة الحرب الاقتصادية تعد وجها من وجوه الدفاع عن الهوية الوطنية فضلا عن كونها

حماية للمواطن في حاجاته ومتطلباته ومسؤولية مواجهة الحرب الاقتصادية مشتركة بين الشعب والدولة

4) الخطر والأهداف المشتركة.

الخطر والهدف هما من العناصر المؤسسة للمجتمعات وتاليا لبلورة الهوية الوطنية وتفعليها ثباتا واستمرارا، والبعض يرى ان الخطر قبل أي شيء ثم التطلعات والأهداف هي العنصر الذي يلي الجغرافية أهمية من حيث الترتيب بين العناصر التي يؤسس عليها الهوية الوطنية. فقد قيل ان المجتمعات الأولى انشاتها الاخطار التي لا يمكن للفرد دفعها بمفرده فلجأ الافراد الى بعضهم طلبا للحماية والدفاع المتبادل كما وعززت نشأتها الحاجات التي لا يمكن للفرد تأمينها كلها بمفرده فلجأ الافراد الى بعضهم طلبا لتأمينها. وكان المجتمع يشتد تماسكا إذا اشتد الخطر او الطموح لدى افراده. ونلفت هنا الى ا بعض المجتمعات ومن اجل استمرارها تختلق عدوا فان لم تجد في الواقع القائم اختلقت عدوا او خطرا وهميا وهذا ما نراه في العالم المعاصر وفيه أكثر من مثل.

و هنا نجد التدخل الخارجي او مشاريع الخارج المستهدفة لجهة ما تركز جهدها على قتل فكرة الخطر المشترك الحقيقي لدى الجماعة ، او تحويل اتجاه الحذر و الخوف من وجهة عدو خارجي فعلي لزرعه في الداخل و تخويف الجماعات في الوطن من بعضها ،فتتفسخ وحدة المجتمع و يحدث تصدع في الانتماء اليه حيث انه تتراخى الهوية الوطنية الجامعة المهددة بالخطر الخارجي و تقوى اكثر فاكثر الهوية العرقية او الاثنية الأخرى التي لا ترى في الخطر الخارجي الفعلي و الحقيقي لا ترى فيه أهمية توجب مواجهته و هذا ما حصل في لبنان مثلا عندما اتجه بعض اللبنانيين للاستعانة بإسرائيل ضد لبنانيين اخرين و تقدم الانتماء الطائفي ليكون بديلا للانتماء الوطني و في هذا مس كبير بالهوية الوطنية .و ان تحوير وجهة الاخطار عمل او استراتيجية قائمة على اكثر من مستوى و هذا ما يحصل اليوم بالنسبة لإيران و إسرائيل في العلاقة مع العرب حيث ان اميركا و من اجل تشتت كلمة العرب زرعت في ذهن البعض ان الخطر عليهم من ايران و ليس من إسرائيل في اكبر عملية تزوير و تحريف تشهدها المنطقة في الحقبة المعاصرة .

اما مواجهة خطط الخارج في هذا النقاط فتكون على مراتب ثلاث: حيث تكون الأولى منها عبر تنشئة وطنية موحدة جامعة تؤكد على العدو الحقيقي وخطره والصديق والمصلحة بالعمل معه، والثاني تعهدية وتكون بتعهد الحالة والشعور الوطني الجامع ووحدة النظرة الى العدو وخطره، والثالث علاجية حيث يجب ان تملك الدولة القدرات المختلفة لتصحيح الاعوجاج والانحراف والتصدع في الهوية الوطنية.

5) إرادة العيش المشترك للتمتع بالحقوق والالتزام بالموجبات المتساوية.

يشكل هذا العنصر الارادي في تكوين الهوية وجها من وجوه تطبيق المبدأ المعتمد في شرعة حقوق الانسان والمعروف بتعبير "حق تقرير المصير " وهنا ننوه في البدء بان اكتساب الهوية الوطنية يكون على وجه من اثنين، وجه لا رادي وهو الاوسع والاشمل، ووجه ارادي يعبر عنه بالتجنس والانتماء الى وطن يختاره الشخص بعد ان يرى فيه محلا يرتاح فيه ويلبي تطلعاته، بعد ان يلمس ان وطنه الأصلي الذي انتمى اليه بالولادة لم يحقق له ذلك. وهنا قد يحصل ازدواج الهوية الوطنية إذا شاء المرء ان يحتفظ بالسابقة او أحادية الهوية التي تطيح بالهوية الاصلية ويكون هذا وفقا لاختيار

الشخص الذي قد يتخذ من انتقاله هجرة واغتراب مع تمسك بماضيه، او يرى فيه استئصال وانقطاع لا يبقي لديه ما يشده الى ماضيه شيء.

فاذا استمر المرء بإرادته في العيش في مجتمع معين والانتماء اليه، فانه يكون قد ارتضى ان يقوم بواجباته حيال هذا المجتمع وتحمل أعباء الانتماء اليه بالتساوي مع غيره من المواطنين مقابل ما سيكون له من حقوق يكتسبها من خلال الانتماء واكتساب هذه الهوية الوطنية.

فمن هذه الزاوية تتجسد الهوية حقوقا تكتسب مقابل واجبات يلتزم بها وتجعل المواطنين متساويين فيها مساواة موضوعية وشخصية لا ثغرات ولا استثناءات فيها الا ما كان من شانه تعزيز امن المجتمع واهمية الهوية الوطنية. فإرادة العيش المشترك تدفع الفرد المتمسك بهويته على التشبث بوطنه والدفاع عنه والعمل على تطويره والحرص على ما فيه لأنه ينظر اليه نظرة المالك المنتمي وليس نظرة الضيف العابر، ويعلم انه يخدم ذاته في ذلك.

لكن أرادة العيش هذه قد يصيبها الوهن والتراجع نتيجة العامل الخارجي اغراءا وترهيبا فرديا وجماعيا. او نتيجة المشاريع الخارجية التي تفرض التهجير من الوطن الأصلي او التوطين خارج الوطن الأصلي و اضطرار الفرد للتخلي عن هويته الوطنية الاصلية و الزامه قسرا بهوية لم يبد إرادة في اختيارها كما ان الامر قد يحصل نتيجة عيوب الإرادة التي تحصل نتيجة الحرب النفسية التي يمكن ان يتعرض لها المرء ما يدفعه للبحث عن هوية غير تلك التي ارتضاها او اختارها او وجد نفسه عليها واستمر متمسكا بها فيتحول عنها الى هوية وطنية متفسخة عن الهوية الام هوية ترتكز الى عامل عرقي اوديني اثني اخر و هذا ما نشهده في دول عربية تعرضت للهيب الحريق العربي .

فمشاريع الخارج تؤثر في العنصر الارادي لتكوين الهوية الوطنية عبر الوسائل التي ذكرت ما يفرض التصدي لها عبر الوسائل المادية والمعنوية التي تسقط خطط الخارج وتثبت الهوية وهنا يكون دور مهم للأعلام الوطني ولحركة التوعية الوطنية التي يجب ان تقودها النخب الفكرية الى جانب الدولة حينا ومستقلة وبمبادرة منها أحيانا أخرى.

ب. مواجهة الخطر الخارجي المهدد للعوامل المؤثرة في الهوية الوطنية.

لحظت خمسة عوامل هامة تؤدي الى التأثير في الهوية الوطنية سلبا او إيجابا، وهي كما بات متفقا عليه:

النسب ورابطة الدم والقربى، اللغة، المعتقدات والدين، التراث الفكري والقيم والنظم والعلاقات الاجتماعي

ونقول هنا انها مؤثرة ولا نقول مؤسسة للهوية الوطنية كما يتجه بعض المفكرين للقول. ونذهب في موقفنا هذا الى ان حقيقة قائمة هي ان معظم حالات الواقع العملي لا تتوفر فيها هذه العناصر كليا او جزئيا ومع ذلك تنشأ المجتمعات وتقوم دول تقود وطن اتخذته تلك الجماعات مقرا لها فيه. والمثل الأكبر هنا مثل الولايات المتحدة الأميركية التي تشكلت من اقوام لا يتعارفون وينتمون الى قوميات مختلفة ولهم لغات متعددة وقيم اجتماعية متنافرة، ولكن توفر العناصر المؤسسة مكن من قيام دولة في وطن وتبلورت فيه هوية وطنية يسعى كثيرون للحصول عليها.

و هنا تطرح فكرة المجتمعات التعددية في مقابل المجتمعات المتجانسة خاصة في عناصر العرق و اللغة و الدين ، التعدد الذي يكون في عنصر واكثر من عناصر التأثير كما ان التجانس قد يكون كليا او جزئيو هنا نرى ان التدخل الخارجي الهادف الى تصديع الهوية الوطنية يهدف عادة الى العمل على عناصر الخلاف و دفع المجتمعات للتفسخ على أساس قومي او ديني او طائفي او لغوي او أي أساس اثني اخر ، و ينجم عن ذلك تراجع التمسك بالهوية الوطنية الجامعة ليتقدم الشعور بالهوية الخاصة الفردية و هنا تكمن المخاطر التي تحدق بالمجتمعات في دولة واحدة ووطن واحد.

وفي هذا المجال ينبغي الدفاع عن الهوية الوطنية وجماعيتها ومنع الوقوع فريسة التأثير السلبي لتلك العوامل والحؤول دون نفاذ الأجنبي من خلال تلك العناصر والتلاعب بالمجتمع ووحدته عن طريق الخطوات التالية:

1) منع التقوقع والحؤول دون نشكل المجتمعات المغلقة ضمن الدولة تحت عنوان طائفي او قومي او أي اثني اخر وتنمية الشعور الوطني الجامع على حساب الشعور الفردي المجزئ دون الوصول الى مستوى التنكر للقومية والدين والقيم الذاتية والاعراف الاجتماعية لكل فئة وجماعة بل احترام الخصوصية في ذلك دون ان يرتقي الاعتراف بها الى مستوى قيام المكون المستقل او المنغلق.

2) تجنب التمييز بين المواطنين في الحقوق والواجبات على أساس قومي او طائفي او أي اثني أخر وإرساء قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات بينهم وجعل الانتماء للوطن على درجة واحدة مواطنوطن خلافا لما يحصل في بعض الدول حيث يتم الانتماء على درجتين الانتماء الى الطائفة أولا ثم انتماء الطائفة الى الوطن ثانية. ما يجعل الفرد عضوا في طائفة قبل ان يكون مواطنا في وطن.

3) اعتماد اللغة الوطنية الواحدة على الصعيد الوطني الجامع والاعتراف باللغات المحلية للأعراق والاقوام دون ان يخل ذلك بموقع اللغة الوطنية الأساسية.

4) بلورة التراث الوطني المشترك الذي يكون نتاج جهود الجميع.

رابعا: المشروع الخليجي وخطره على الهوية الوطنيةالعربية.

بداية نوضح بان في الخليج 6 كيانات سياسية لا يملك بعضها مقومات الدولة بالمفهوم الحقيقي للدولة وقد انشات معظمها بعد الحرب الثانية وتم إيلاء الحكم فيها الى عائلات اوكلت اليها مهمة حراسة الثروة النفطية المختزنة لديها لصالح الغرب. ويكون الحديث عن مشروع خليجي إقليمي دولي قائم بذاته انما فيه بعض التجاوز ويكون الاصح الحديث عن دور وظيفي لهذه الدول الست المصنفة بين ممالك وامارت.

في خطوة موحى بها من الغرب الاوروبي/الاميركي انتظمت الدول الخليجية الست في تجمع إقليمي ذو اهداف اقتصادية، ثم تطورت هذه المنظومة الإقليمية لتكون ذات اهداف سياسية غير معلنة وادعت ان ما يدفعها الى ذلك هو الحاجات الدفاعية ولتأكيد ذلك انشات قوة عسكرية أسمتها درع الجزيرة وراحت تلك الدول تسرف في الانفاق العسكري حتى ان الامارات والسعودية تقدمتا لاحتلال المراكز الأولى عالميا في الانفاق العسكري بعد الدول الكبرى وهنا يطرح السؤال عن اسباب ذلك؟

اما الإجابة عن ذلك فقد حصرت في امرين : الأول يتصل بالسياسة الاميركية الغربية القائمة على سلب دول الخليج أموالهم النفطية الوفيرة باعتبارهم حراس النفط وليسوا مالكوه وإلزامهم بدفع اثمان باهضه ثمن الأسلحة التي تشترى من غير جدوى و الثاني ظهر جليا خلال السنوات العشر الأخيرة و اكثر تحديدا خلال ما اسمي "الربيع العربي" حيث لعبت دول الخليج دورا محوريا ، فكان تدخلها ناسفا لأمن و استقرار اكثر من دولة عربية ، تدخل كان عبر منظمات إرهابية انشاتها و سلحتها كما حصل في سورية و العراق او كان تدخل عبر الاستعانة بالحلف الأطلسي ليقوم بعملية التدمير المباشر كما حصل في ليبيا و او تدخل بالعدوان المباشر كما حصل في اليمن حيث شكلت السعودية تحالفا "عربيا" عسكريا لغزوه . وهنا نسأل ما هو المشروع الخليجي في المنطقة؟

ب. مضمون المشروع الخليجي ضد دول المنطقة.

نعود ونؤكد ان لدول الخليج مهمة وظيفية تترجمها بمشروع تنفذه خدمة للمشروع الصهيواميركي ويرمي الى تثبيت عائلات الحكم الخليجي في مواقعهم و تمكينهم من السيطرة على المنطقة العربية بقيادة خليجية تابعة للغرب لتمكين ارباب المشروع الصهيواميركي من تنفيذ مشروعهم بتمكين إسرائيل من الاستمرار قوية و مكونا قياديا في المنطقة و تمكين اميركا من التحكم والسيطرة لتامين استمرار تدفق النفط بالشروط المناسبة للغرب والتحكم بالممرات المائية الأساسية ، و منع تشكل حركات التحرر المقاومة للهيمنة الغربية و عليه يرمي المشروع الخليجي الوظيفي الى :

1) ضرب الدول العربية القوية المركزية ذات الموقع الريادي في قيادة الامة العربية وتهميش دورها في العمل العربي المشترك ونحدد هنا بشكل خاص كل من مصر وسورية والعراق والجزائر.

2) منع تشكل الموقف العربي المشترك المناهض لاميركا والصهيونية وتفكيك الأنظمة والكيانات وحركات المقاومة التي تواجه للمشروع الصهيواميركي.

3) اختلاق عدو وهمي للعرب يكون بديلا للعدو الحقيقي الفعلي المتمثل بالعدو الصهيوني لصرف النظر عن الخطر الصهيوني وهذا ما يجري حاليا في تقديم إيران عدوا للعرب بدل إسرائيل.

4) الصلح والتطبيع مع إسرائيل وتصفية القضية الفلسطينية عبر مشروع صفقة القرن.

5) تفتيت العالم العربي على أساس عرقي ومذهبي وتشجيع الحالات الانفصالية فيه.

6) الاستئثار والتحكم بالثروة النفطية العربية والحرص على استمرار تدفقها للغرب بشروط تناسبه.

اما ميادين ووسائل التدخل العربي ضد الدول العربية وعملها في المس بالهجوية لوطنية نجدها عبر ما يلي:

- المس بالجغرافيا عبر دعم الحركات الانفصالية لتقسيم عربية مركزية خاصة سورية والعراق والجزائر كما حصل مع السودان.

- طمس عنصر التاريخ عبر دعم المنظمات الإرهابية في تدمير الاثار وسرقتها،

- تشويه او تحوير عنصر الخطر المشترك: بتزوير الحقيقة والواقع وطمس الخطر الإسرائيلي وحجب العداء لإسرائيل لا بل وابداله بصداقة ليحل محله بشكل ملفق الخطر الإيراني.

- استعمال التعددية والاختلاف في عناصر العرق والدين والمذهب من اجل اثارة الفتن وإشاعة أجواء عدم الاستقرار والاقتتال الداخلي.

يشكل المشروع الخليجي خطرا على الامة العربية و على الامن و الاستقرار في البلدان العربية لانها بما يتضمن من سعي الى انشاء قيادة واهنة للامة العربية تابعة للمشروع الصهيواميركي و أداة له ، و من تفريط بالحقوق العربية عامة و بفلسطين خاصة ومن هدر للثروات العربية في اتجاهات لا طائل منها .و هو يقوم من اجل ذلك بتفريق الصف العربي ، و العمل مع أعداء الامة العربية و طمس الهوية الوطنية لمنع تشكل الدولة العربية القوية التي تتيح لها جغرافيتها السياسية احتلال الصفوف او المقاعد الأولى في الامة في حين ان الجغرافية السياسية لدول الخليج خاصة في العنصر الديمغرافي تمنع هذه الدول من الوصول الى ما تريد رغم انها تملك الأموال و الثراوات الكبرى للأنفاق على تلك الأهداف .وهنا نتكمن الماساة العربية حيث ان مال العرب بدل ان يستعمل للبناء يستعمل للتدمير و القتل و التشريد.

وفي الختام نقول ان من يبتغي العيش الكريم الامن ويحفظ نفسه في ذاته وقيمه ومعنوياته وماله، عليه ان يتخذ وطنا وينتمي اليه ويحمل هويته الوطنية ويحميها من الاخطار والاخطار الخارجية تحدق بها بدافع العدوان وعلينا الوقوف على هذه الاخطار ومواجهتها في معركة الدفاع عن الذات الفردية والجماعية.


تنويه | المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع

جميع الحقوق محفوظة لموقع جامعة الأمة العربية © 2021 - 2013