جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

إعادة اعتبار | بقلم: د.صفية أنطون سعادة
إعادة اعتبار



بقلم: د.صفية أنطون سعادة  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
16-07-2019 - 2005

(بمناسبة مرور سبعين عاماً على إعدام أنطون سعادة من قِبل السلطات اللبنانية في الثامن من تموز 1949).
يداهمني السؤال: هل كان ذلك عدلاً؟ وكيف نقوّم العدالة في ظرف كهذا؟
العدالة مفهوم نسبي يرتبط بدرجة التقدم التي وصل إليها المجتمع، فالعدل في المجتمعات القبلية مغاير تماماً لمفهومه في الدول الحديثة.
أمضى سعادة 44 حولاً من حياته محاولاً نقل أمته إلى مصاف الأمم الحية المبدعة والخلّاقة، تراءت له جامعة لكل صفات الحق والخير والجمال إن فُكت القيود الخارجية والداخلية عنها. أضحى تحريرها همّه الأوحد، فهو اعتبر أن «الحياة دون الحق والحرية عدم» وأن «الانتصار لا يكون إلا بالحرية، فالحرية صراع» (1).
صراع مرير أمضاه في مواجهة الاحتلالين الفرنسي والبريطاني لوطنه السوراقي، رافضاً تقسيمه، ومحذّراً من ضياع فلسطين إن لم تتصدَّ كل دويلات سوراقيا للهجمة الاستعمارية والصهيونية الاستيطانية، وصراع آخر أشد مرارة مع سياسيي الداخل المتواطئين مع الخارج لمنع المجتمع من التحرر والتقدم.
ثار على رجال الإقطاع الذين يعاملون الفلاحين كالعبيد، وثار على أنظمة الحكم في الدويلات السوراقية التي تريد أتباعاً لا مواطنين، فتمنع الحريات الشخصية والسياسية، ومنها حرية إبداء الرأي، وحرية الاجتماع، وسعى لاستبدال الدويلات الطائفية بدولة وطنية قومية علمانية سوراقية تفصل ما بين الشؤون الدينية وشؤون الدولة المدنية، ذلك أن الدولة العادلة عليها أن تؤمّن المساواة الكاملة بين المواطنين والمواطنات بمعزل عن دينهم ومعتقدهم وعرقهم وجندرهم. نادى بدولة القانون، القانون الوضعي العقلاني الذي يتناسب ورقي المجتمع، ورأى أن السياسة تُبنى في العالم الحديث على تنافس الأحزاب وبرامجها المختلفة لا على تناحر الأشخاص ومصالحهم الخاصة، إلا أنه قبل كلّ ذلك شدد على «التراحم الداخلي الذي هو أساس كلّ مجتمع لا يريد أن يخرب».
أراد سعادة تغيير أسس المجتمع وتطويره كي لا يبقى رهينة الاستعباد، وكي يعيش مواطنوه حياة هادفة متقدّمة رائدة؛ بعبارة أخرى، أراد سعادة الأفضل والأجمل لوطنه السوراقي، فشنّ حربه على جبهتين: مقالات يومية تهاجم المشاريع الاستعمارية الغربية وتفضح أدواتها، وحرب داخلية على التخلف والتفسخ ضمن مجتمع منقسم إلى طوائف تتناحر إلى حدّ تدمير الوطن فيستحيل لقمة سائغة في فم المستعمر.
عمل سعادة على تطوير الوعي المجتمعي الموحّد، إلا أن القوى التي كانت متسلّطة على الحكم قررت القضاء عليه قبل أن تقضي أفكاره عليها.
الطريقة التي قُبض بها على أنطون سعادة والطريقة التي أُعدم بها تُظهر كم هو متخلّف مفهوم العدالة في بلادنا، فلا رئيس جمهورية سورية آنذاك توانى عن تسليمه غيلة إلى السلطات اللبنانية بعدما أعطاه الأمان، وعده ضيفاً مكرماً، ولا بعض رجالات الحكومة اللبنانية احترم أبسط قواعد حقوق الإنسان، فطُلب من مدير الأمن العام قتله على الطريق ما بين المصنع وبيروت، فأبى مدير الأمن القيام بالمهمة وسلمه للقضاء اللبناني.
خضع القضاء لضغوط السياسيين الذين يريدون التخلّص من رجل يريد بناء دولة حديثة تلغي مزارعهم ومحاصصاتهم، كما خضعت الحكومة لموقف الدول الغربية التي أرادت القضاء على مقاوم للاستعمار ورافض للكيان الصهيوني، فليس صدفة أن سعادة أُعدم مباشرة بعد قيام دولة «إسرائيل» عام 1948.
تمت محاكمة صورية باعتراف الجميع، ولم يؤخذ بالمهل القانونية للمرافعة والدفاع، وصدر الحكم في اليوم نفسه الذي سُلم به سعادة. ويظل يحز في نفسي سؤال مؤلم: هل كانوا تجرأوا على تصفية أنطون سعادة فيما لو كان قائداً طائفياً متحزباً لطائفته؟ فالرجل السياسي الوحيد الذي أعدمته السلطات اللبنانية منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا هو أنطون سعادة بالرغم من ارتكاب بعض السياسيين مجازر بشعة خلال الحرب الأهلية (1975-1990).
إن إعادة الاعتبار لسعادة هي إعادة الاعتبار للوطن وللمواطن، ولحرياته الأساسية من حرية معتقد وحرية اجتماع ورأي.
إعادة الاعتبار هي الوقوف في وجه الطائفية التي تحطم أواصر الصلة بين المواطنين وتمنعهم من الارتقاء إلى حياة أفضل.
إعادة الاعتبار هي في رؤية بلادنا قد تحرّرت من قيود الاستعباد والذل، وداست على معاهدات المستعمرين الذين أمعنوا فيها تقطيعاً وتقسيماً، وسارت على طريق الأمم المستقلة الحية والراقية.
آنذاك يكون قد وصل أنطون سعادة حقه، إذ أنه أحب بلاده أكثر من نفسه، وهو القائل: «نحن أمة تحب الحياة لأنها تحب الحرية، وتحب الموت متى كان الموت طريقاً إلى الحياة» (2).

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


آليات القانون الدولي الانساني لحماية البيئة أثناء النزاعات المسلحة
بقلم: KATAIA, Ben Younes

هكذا تتقدم الصين الشعبية لتتصدّر الاقتصاد العالمي
بقلم: جورج حداد



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب د.صفية أنطون سعادة |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//