جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

تشويه معنى التضامن الدولي | بقلم: عبد الحسين شعبان
تشويه معنى التضامن الدولي



بقلم: عبد الحسين شعبان  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
11-06-2019 - 1550

أعادني اجتماع نابولي لحقوقيي البحر المتوسط إلى عقود خلت، كان فيها لكلمة التضامن وقع شديد وتأثير فاعل، ولا سيّما في الأوساط الحقوقية والقانونية، وتحسب لها السلطات ألف حساب، وخصوصاً لردود الأفعال التي قد تترتّب عليها داخلياً وخارجياً. وكان للتضامن الدولي دوره الكبير في تغيير اتجاه أو التراجع عن خطوة أو التوقف عن إجراء يتعلق بقضايا سياسية أو تحسين معاملة لسجين رأي أو إطلاق سراح معتقل أو غير ذلك.
وقد روى لي المناضل الفلسطيني الراحل تيسير قبعة يوم كان سجيناً في الأرض المحتلة، مدى التأثير والتأثّر الذي حصل في تعامل سلطات الاحتلال معه، جرّاء الحملة التي انطلقت في عواصم عالمية وعربية لتوضيح مصيره ومن ثم المطالبة بحرّيته، كما كانت حملة التضامن العالمي وراء القوة المعنوية التي امتلكها نيلسون مانديلا الذي استمر حبسه 27 عاماً، خصوصاً في «اللحظة السحرية» حين كان يعلم فيها انطلاق حملات تضامن حقوقية معه، وكان لسلوكه الإنساني اللاحق دور كبير في سيادة قيم التسامح والسلام والتعايش وعدم الانتقام أو الثأر أو الكراهية.
ويمكنني القول: إن التضامن أصبح حقاً من حقوق الإنسان في البلدان التي يكون فيها الرأي العام صوتاً مسموعاً، خصوصاً بصدور قرار الأمم المتحدة رقم 55 لعام 2005، بخصوص الحق في التضامن، سواء كان مع الشعوب أم مع بعض الجماعات والقوى أم مع الأفراد، وهو ما يتطلّب إجراءات وقائية وأخرى حمائية، ووضع استراتيجيات لمنع حدوث الانتهاكات والتجاوزات.
وبقدر ما أصبح التضامن ضرورة لا بدّ للمجتمع الدولي من الاضطلاع بها، فإن بعض تطبيقاته امتازت بالتوظيف السياسي، والأمر شمل الضحايا واللاجئين والمهمشين والبيئة والأوبئة والأمراض والحروب والاتجار بالبشر والمخدرات وتجارة السلاح والتعصب والتطرف والعنف والإرهاب. وبعد انتهاء الحرب الباردة في أواخر الثمانينات وهيمنة قطب واحد على العلاقات الدولية، ضَعُفَ دور التضامن وتأثيره، وتصدّعت جبهة المتضامنين، وخشي الكثير منهم من التشويه الذي يمكن أن يلحق به، كما لم تعد الحكومات تعيره الأهمية ذاتها التي كان يحتلها يوم كانت تأخذ بنظر الاعتبار حجمه وامتداده، بما يؤثر في سياستها الداخلية ومواقفها إزاء بعض القضايا الدولية، حتى اعتُبِرَ من يتضامن مع المقاومة ويدافع عن حقوق الشعب العربي الفلسطيني العادلة والمشروعة «إرهابياً» أو يُحسب على ملاك «الإرهاب»، ولا سيّما بعد تشويه صورة التضامن وإلصاق التهم جزافاً بمن يتضامن، وتلك مفارقة حقيقية.
ولعلّ أبرز وأهم حملة تضامن بعد انهيار جدار برلين في ال 9 من نوفمبر / تشرين الثاني عام 1989 والإطاحة بأنظمة أوروبا الشرقية، وتحلّل الاتحاد السوفييتي، كانت عشية الحرب على العراق (عام 2003)، والتي شملت أكثر من عشرة ملايين إنسان وعشرات العواصم والمدن الأوروبية، وكانت مطالبها الأساسية منع الحرب وحماية السكان المدنيين الذين عانوا من الحصار لنحو 12 عاماً، فضلاً عن زيف ادعاءات القوى والبلدان التي تريد شنّ الحرب بزعم وجود أسلحة دمار شامل، وعلاقة نظامه الديكتاتوري السابق بالإرهاب الدولي، والسعي لإيجاد نظام ديمقراطي بديل عنه.
وعلى الرغم من محاولات التضليل والخداع التي كانت تمارس بأشكال مختلفة للحيلولة دون أن يصل التضامن إلى مبتغاه، فإن الكثير من الحقائق باتت جلية وواضحة، الأمر الذي سيعيد إلى التضامن بريقه الباهر وصورته البهية، سواء على الضحايا أو على المرتكبين، وذلك لعدة دلالات:
أولها: أن حملات التضامن حتى وإن لم تؤتِ ثمارها في اللحظة المعينة، لكنها تشكّل رصيداً مستقبلياً يمكن المراكمة عليه، لتأكيد عدالة القضية التي يتضامن معها العالم.
وثانيها: أن التضامن معيار أخلاقي لرفض الظلم والدعوة إلى تحقيق العدالة بغض النظر عن الموقف السياسي، مثلما هو تعبير عن شراكة إنسانية وصداقة قائمة أو محتملة لما يتركه فعل التضامن من تأثير في النفس.
وثالثها: أن الشعوب والحركات والأفراد الذين يُتضامن معهم يشعرون بالقوة في مواجهة التعسف، لأنهم ليسوا وحدهم في المعركة.
ورابعها: أن الأطراف المرْتكِبَة حتى وإن أظهرت عدم اكتراثها بأصوات التضامن وازدراءها للحملات التضامنية، لكنها لا بدّ أن تعيد حساباتها، والمسألة مرتبطة بتصاعد حركة التضامن وامتداداتها لتصل إلى داخل صفوفها، وهو ما لا يمكن تجاهله إلى ما لا نهاية.
ولذلك كان إعلان نابولي الذي صدر عن اجتماع حقوقيي البحر المتوسط منسجماً مع المعايير الأربعة، حين أكّد على حقوق الشعب العربي الفلسطيني، وفي المقدمة منها حقه في تقرير المصير، وعلى احترام الإرادة الحرة لشعوب المنطقة، وعلى تصدّيها للإرهاب الدولي، وحقها في التنمية المستقلة، وإدانته وشجبه سياسة الرئيس الأمريكي ترامب، بشأن اعتبار القدس عاصمة ل «إسرائيل»، خلافاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 478 لعام 1980، أو اعتبار الجولان السورية «إسرائيلية» بالضد من القرار رقم 497 لعام 1981، كما اعتبر الإعلان «إسرائيل» بممارساتها العنصرية بؤرة حرب مستمرة وخطراً على السلم والأمن الدوليين. وفي ذلك فعل من أفعال المواجهة لتأكيد عدالة القضايا الإنسانية، وترابطها على المستوى الكوني.

drhussainshaban21@gmail.com

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


مناظرة بين المذكر والمؤنث
بقلم: د. ونسة الأسعد

الشعوب العربية ليست كما كانت سابقاً
بقلم: محمد فؤاد زيد الكيلاني



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب عبد الحسين شعبان |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//