جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية المؤتمرات والبيانات

نحنُ عربٌ ولسنا أعراباً | بقلم: عاصم المصري
نحنُ عربٌ ولسنا أعراباً



بقلم: عاصم المصري  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
31-12-2018 - 2644

أوّلاً: مصدرها المنسوب لأبرشية أرثوذكسيّة
تأتي في خضمّ مسعى الكيان الصهيوني الاستيلاء على أملاك الوقف الأرثوذكسي في فلسطين، وتتضمَّن إقحام الطائفة الأرثوذكسيّة العربية العريقة شُبهة وسمها بالخروج على الوطنية العُروبيّة، ذلك لصلابتها ولمواقف روّادها الجليّة والجليلة؛ في تأكيدهم الانتماء الجذري للعُروبة، وتحدّي الصهيونيّة، منهم: المرحوم المطران هيلاريون كبوشي، وراعي أبرشية سبسطية (نابلس- فلسطين) للروم الأرثوذكس الأب عطا الله حنا، الذي يصدح يوميّاً على كافّة المنابر في الدفاع عن العُروبة. بهذا تصبّ الرسالة بمضمونها وصياغتها التلفيقيّة في خدمة الفتنة ضدَّ الأرثوذكس والمسيحيين العرب، وخدمة للصهيونيّة والامبرياليّة، وتلتقي مع أعراب الوهابيَّة وأمراء النفط، روّاد «الخريف والتصحُّر الأعرابي»؛ في تسليك مشروع الشرق الأوسط الجديد، بـ«الفوضى الخلّاقة» (انظر عاصم المصري: «ناقوس النفط وخطر النضوب»، دار الفرات للنشر والتوزيع، بيروت).

 

ثانياً: لفظة عرب
وفقاً للمعنى الحركيّ ولمنهج دلالات الحروف (للمزيد، أنظر كتب عاصم المصري: «الأبجديّة ودلالاتها بين النظرية والتطبيق»، و«جدليّة الثنائي وآليّة الاشتقاق»، و«النظام اللغويّ وجدليّة التناقض» دار الفرات للتوزيع والنشر، بيروت)، حرف الـ«عين» الذي يعني المعاينة، وحرف الـ«راء» الذي يعني التكرار، والـ«باء» الذي يعني الانبثاق المفتوح، يمكن إرجاع لفظة عرب إلى بنيتين:
الأولى: (ع×رب) «معاينة الربوبية» حيث لفظة «رب» التي هي سِمة لربِّ البيت ولربِّ الكون، تعني أنْ لا شيء مُغلق أمامه، وأنّ كلّ شيءٍ وكلّ حركةٍ تتكرّر انفتاحاً، لذا فلفظ «عرب» هنا بدلالة الإِعراب والوضوح (معاينة بحركة العين، وتكرّر الرَّاءُ، تعني: النظر في جزئيات المجال المفتوح بالباء).
الثانية: (عر×ب)؛ المُعرَّى (عريّاً) والمُعتر حاله ظاهر ومكشوف بالباء لكل ناظر، أي للمعاينة تكراراً. وهي سمة وصف بها سكان البادية، لعريهم المكشوف.
في المقابلة بين بنيتي اللفظين يتضح تمييز «الإِعراب» عن «الأَعراب»، وفي التمييز بينهما، ذهب القرآن إلى لفت النظر، في عدّة موارد، إلى نفاق الأَعراب. كما في سورة التوبة: «الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ».
يتضح لنا أنّ العرب من الإعراب وهو منسوب لمتعلّق هو المكنون والمضمر في الفكر والكلام وغيره؛ وأنَّ اللسان العربيّ منسوب للإِعراب والوضوح لا لجنس أو عرق. وأنَّ اللُّغة لا تنسب لجنس، لأنّها عمود الثقافة والهويّة لا العكس.
نتوقّف عند القول المنسوب للأب ثيودورس: «نحن وإنْ نتكلم العربيّة فلسنا عرباً ولا نشبه العرب بشيء، لا بالفكر ولا بالذوق ولا بالحضارة» ففيه خلط بين الثقافة والعرق، ذلك أنْ ليس في العالم عِرق متأصّل بجيناته لا يشوبه الاختلاط. بما يفرض التمييز بين الهويّة الثقافيّة والجغرافيا السياسيّة. فالأصح أن يقول: «نحن عَرَبٌ ولسنا أعْراباً».
وقد أكّد الحديث النبوي على هذا، بقوله: «... ألا وإنَّ العربيّة ليست لكم بأبٍ ولا أُمٍّ إنَّما هي لسانٌ، فمن تكلّم بالعربيّة فهو عربيٌ» (عن أبى سلمة بن عبد الرحمن (مرسلاً)، أخرجه ابن عساكر (24/224). جامع الأحاديث 25702- (ج 23/ ص 12)، وكنز العمال في سنن الأقوال والأفعال 33936 (ج 12/ ص 47)).

 

الهوية العُروبيّة ليست إثنيّة أو عرقيّة بل ثقافيّة
الهوية العروبية تضمّنت الدين والثقافة والتراث بوعاء اللغة العروبية ــ من الإعراب والتي تشمل الألسن الشقيقة المسمّاة زورا «لغات ساميّة» (عاصم المصري: «الأبجديّةُ ودلالاتها بين النظرية والتطبيق»، دار كنعان للدراسات والنشر، دمشق، ودار الفرات للنشر والتوزيع، بيروت، سنة 2013، الهامش ص 8).
فالتاريخ قد بدأ من هُنا، من هذا الوطن، وحمل لغة واحدة بألسنٍ متقاربة اللهجة، وفكرٍ دينيٍّ منذ ديانة «الأم الكبرى»، وعبادات سومر وأكاد وبابل، وديانة مصر الفرعونية، وتوبع بأنبياءٍ ورسُلٍ يدعون إلى المحبة والسلام ونبذ المُلكية؛ باستثناء أصحاب «يهوه» فربّهم هذا كما ورد في نصوصهم محارب يدعو إلى إقصاء الآخرين، فهم «شعبه المختار». وما هم إلّا بقايا قبيلة أعرابيّة، بمسمّى «عبرانيّة»، غزت متسلّلة بعض المدن الكنعانيّة الجنوبيّة قبل أنْ يسبيَهم الآشوريون، ليعود الفرس ويستخدمونهم ويزرعونهم كحامية متقدّمة جنوب فلسطين، في وجه مصر، تماماً كما استجلبهم البريطانيون خدمة لمشروعهم الامبريالي (ناقوس النفط وخطر النضوب، ص 161-162). هؤلاء حاورهم المسيح، والقرآن، في محاولة لبناء ثقافة ودين يوحّد ولا يفرّق.
وعليه يتضح أنّ المسميات التي ذكرها ونسب لها الحضارة والشرف: سومري/ سمّري/ أكدي وأكاديّ، آشوري وبابلي، إبلائي، أوغاريتي/ أوغاريتي، سبأي، آرامي/ إرمي، كنعاني، سرياني، عبري، بربري، أثيوبي...إلخ لا تعني جنساً أو عرقاً وإنّما تعني سمة بهويّة ثقافية منسوبة لأماكن ومدن. وعليه فالسوري، والعراقي، والمصري، واللبناني والأردني والفلسطيني كل منهم فرد في مجتمعات تنسب إلى مناطق ومدن ومواقع جغرافيّة، تجمعها وحدة ثقافية لغوية هي العروبة.

 

ما سمّاه بالغزو العربيّ
لم ينشأ انبثاق الإسلام من العدم، بل لمتابعة وإكمال مهام من سبق، حاله كحال المسيح، الذي سعى متعفّفاً لتنميط سلوك المحبة، ولبناء مجتمع الإلفة. كان من مسيحيي العرب من أَبى تاريخيّاً الخضوع لهيمنة بيزنطة وروما، ودمج المسيح بعبادة الشمس، بدءاً من المجمع المسكوني الأوّل في نيقية سنة 325م وبمتابعة من مجمع إفسس سنة 432م ثمّ مجمع خلدونيا سنة 451م، التي أعقبها انفصال النساطرة واليعاقبة.
لهؤلاء ولغيرهم من مسيحيّي العرب الدور الأساس في تحرير الوطن العربيّ من سلطتي روما وفارس، اللتين كانتا تتنازعان الهيمنة والاستحواذ على وطننا. والشاهد التاريخيّ يتمثّل في سرعة التحرير للمناطق الجغرافيّة الممتدة من وادي الرافدين إلى تخوم الأطلسيّ، والتي كانت تدين بالمسيحيّة. ففي هذه المناطق لسان عروبيّ وهويّة قوميّة. أمّا بلاد فارس وبيزنطة فقد استعصت على الانضمام إلى هذه الدعوة، فما سمّاه بالغزو ليس إلّا دعوة قوميّة تحت راية دين اعتبره العديدُ من المسيحيين العرب مكمّلاً لما تعلّموه وآمنو به، وأنّه الكَلِمة، «في البدء كانت الكلِمَةُ» ـــ التي افتُتحت بها الأناجيل.
والخلاصة، قد يكون من المفيد أن نذكّر، كما يطلبه الدكتور زياد منى: بـ«حقيقة يجب ألا تغيب عنّا، مع تجنّب فخّ الوقوع أسرى لها: الغرب، الاستعماري، يعدّ بلادنا (مهد الكتاب المقدس) و(أرض التوراة)، احتلها «غزاة جلف كفرة قادمون من الصحراء مسلَّحون بدين ابتدعه شيطان رجيم يُسمَّى مَهُمِت»، وهو ما يشرح إطلاقه مصطلحاً توراتيّاً على مشروع اغتصاب فلسطين، هو «الاستعادة» Restoration، وهو استرجاع للمفردة «التوراتية» الأصلية، بصيغة إسبانية/ برتغالية، في الوقت ذاته هو نفسه مصطلح «الاستعادة»، الاسترداد Econquista» الذي أطلقه من قبل على حرب الأندلس (أي استعادة هذه عند مرور ثمانمئة سنة على انتقالها من البربرية الأوروبية إلى الحضارة التي أحضرها العرب والمسلمون معهم من الشرق وبلاد العرب! وبعد مرور ألف سنة في فلسطين» (مقتطف من مقالة له في موقع «الجزيرة»).
وختاماً لمن هم خلف هذه الرسالة، نقول: إنّ تاريخنا حافلٌ بالطامعين، ولولا احتفاظ هذه الأمّة بهويتها العروبية ـــ لغة وثقافة دينية ـــ لما دأبت معاول الهدم على بذر الفتن, فما تغليف القبليّة الأعرابيّة بالمظهر الديني، سواءً اليهويّ أم الوهابيّ، إلّا خداعاً استُعين له بشيطان النفط خدمةً لإبليس الامبرياليّة. وعليه فإنّ مقوّمات بنياننا العروبيّ، بنسيجه اللغويّ والدينيّ والحضاريّ، لا يزيده هذا إلّا مِنعة وثِقة.


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//