جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

إن لم تكن سوريا عربية فماذا تكون!؟ | بقلم: فيصل جلول
إن لم تكن سوريا عربية فماذا تكون!؟



بقلم: فيصل جلول  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
31-12-2018 - 1414

نشرت صحيفة لبنانية منذ ما يزيد عن السنتين مشروع دستور لـ"سوريا" بعد الحرب يجرّد الجمهورية السورية من صفتها العربية. قيل حينذاك أن المنشورَ مُسرّبُ من جهةٍ ما في روسيا، قد تكون وزارة الخارجية المعنية مباشرة بالمفاوضات من أجل حل سياسي للحرب على سوريا. سنجد إشارة ثانية من المصدر نفسه أواخر العام 2017 عبر مسودّة روسية عُرِضت على أطراف التفاوض في أستانة وتنطوي على استبعاد صفة "العربية" عن الجمهورية السورية في المستقبل.
تختلف مبادرة موسكو عن المنشور الأول في تسريب إسم المعارض السوري قدري جميل بوصفه الطرف الذي صاغ المبادرة. بعد أقل من شهر سيتبنّى الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا مبادرة من 12 بنداً لا أثر فيها لعروبة الدولة السورية ولا إشارة إلى دين رئيس الجمهورية.
ثمة مَن تحدّث عن وجوب إلغاء الصفة العربية عن "الجيش العربي السوري" وصولاً إلى الشاعر والمفكّر المعروف أدونيس الذي صرّح مؤخّراً بوجوب الإمتناع عن الحديث عن "الشعب العربي في سوريا" لأن في البلد إثنيات أخرى تضمّ مواطنين سوريين.
تبدو المسألة في ظاهرها وكأنها تقنية لا تستدعي جدلاً واسعاً لا سيما بعد تحالف قبائل النفط البدوية ضد سوريا و"تهاوشها" على ما ذكر حمد بن جاسم على "الطريدة" السورية وذلك بإسم العرب والعروبة. هذا بعد طرد دمشق من "جامعة نبيل العربي" في حينه.
أطراف عديدة لا تريد سوريا بلداً عربياً. في المُقدّمة إسرائيل والدول الغربية التي انشأت في مخطّط سايكس بيكو دولة سوريا فجعلها حزب البعث عربية. أما إسرائيل فهي كانت تشكو من حزام عربي: مصري سوري أردني على حدودها تمكّن في هزيمة 1967 من إنقاذ مصر من الانهيار وساعد سوريا ومصر في العام 1973 على الخروج من الحرب بانتصار جزئي شاركت فيه دول المشرق والمغرب وانقطع النفط الخليجي عن الأسواق العالمية.
في عُرف إسرائيل يجب خلق بيئة آمنة في محيطها تَعيشُ مُفتّتة ومُحتَرِبة ومُطَّيفة تماماً كحال العراق الذي يغرق في الرمال الطائفية المتحرّكة ومصر التي كانت جمهورية عربية متّحدة فانتزعها السادات من التوحيد ومَصَّرها.
حال سوريا، بعرفها، يجب ألّا تكون مختلفة. هي ليست عربية أيضاً وفق المستشرق الفرنسي أرنست رينان. بل محتلّة من العرب. هي سريانية. بيزنطية. أشورية وكلدانية وفينيقية. ليست عربية أبداً. هل يمكن حسب هذا المنطق أن تكون عربية وقد أهرقت قبائل النفط البدوية دماء الناس في مدنها العريقة؟ هل يمكن أن تكون عربية وقد فلحت داعش رموزها الحضارية من تدمر إلى معلولا فالغوطة وحلب إلى حمص وصيدنايا؟.
هذا المنطق يصبّ الماء في طاحونة بعض الذين دافعوا عن سوريا حتى الموت ودفعوا أثماناً باهظة ومن بينهم الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يتبنّى أيديولوجيا قومية سورية متصالحة مع القومية العربية لكنها ترى أن لسوريا هوية قومية سوريّة لا بدّ من التاكيد عليها وهي الجديرة وحدها بهزيمة إسرائيل وما يُسمّى بـ"عربان الخليج".
لا تسلْ عن بعض العلمانيين الماركسيين الذين لا يقيمون وزناً يُذكَر للقوميات "البورجوازية". أما "الإخوان المسلمون" فهم يتطلّعون إلى حُكمٍ إسلامي أممي عابِر للقوميات. وتلك حال الكرد الذين يتحدّثون باسم القومية الكردية المظلومة والقومية العربية الظالِمة.
في حسابات الدول الكبرى لا بدّ من اكتمال هلال الطوائف ودسترتها من لبنان إلى سوريا والأردن وصولاً إلى العراق فتنصرف للعمل ضدّ بعضها البعض وتحتاج دائماً إلى قرار خارجي لتشكيل حكوماتها وإدارة اقتصاداتها فضلاً عن انحسار عقيدة جيوشها نحو الأمن الداخلي والشرطة المحلية. وفي حسابات تركيا لا بدّ من معاقبة القومية العربية التي ساهمت بتهديم السلطنة العثمانية. إن المشروع التركي ينهض على أشلاء العرب و"السلاف" جيران تركيا التاريخيين وينحسر في كل مرّة يستعيد العرب والسلاف وحدتهم وقوّتهم.
أما روسيا التي وزّعتْ سرّاً وعلناً مشروع الدستور الذي يستبعد عروبة سوريا، فهي تقّدم خدمة لأطراف عديدة ومنها إسرائيل التي تحرص على أمنها، ناهيك عن أن المشروع القومي العربي لا يريده أحدٌ البتة في الشرق الأوسط وبالتالي من السهل استبعاد الإحالة إليه في الدستور السوري.
يطرح ما تقدّم مشكلة في غاية الخطورة بالنسبة إلى سوريا ما بعد الحرب، فهي إن لم تكن عربية ماذا ستكون؟ يزيد حجم العرب في سوريا عن ال 90 بالمئة، فما المصير الذي ينتظرهم ؟ البعض يراهم طوائف مسلمة لكل منها حساباتها ومصالحها وبالتالي ليسوا عرباً، فتكون حالهم كحال الطوائف والإثنيات في العراق ولبنان. وهذا يناسب إسرائيل وقبائل البدو النفطية التي تعتبر أن كل مشروع عربي يستهدف بالضرورة الثروة النفطية ويسعى لأن يكون "نفط العرب لكل العرب" وليس لقبائل وعائلات هامشية هنا وهناك وهنالك.
لا أعرف كيف سيردّ السواد الأعظم من السوريين الذين قهروا حرباً دولية عاتية على بلادهم. ما نراه حتى الآن في وسائل التعبير المختلفة هو تمسّك لا يلين بصفة "العربية" في الجمهورية السورية والجيش العربي السوري. هو اختيار منطقي، ذلك أن الحرب أرداتْ تجريد سوريا من هوية تَجْمعُ أهلها وتتيح الدفاع عن أرضها بواسطة جيش لم تفكّكه الهويات الفرعية التي مابرحت أضعف من الهوية العربية.
لقد نجحت سوريا إلى حدٍ كبيرٍ في تشييد بيئة إجتماعية عربية مستندة إلى هرمية تصنّف الهويات الفرعية حيث يجب أن تكون من دون أن تلغيها أو تطيح بها، ما خلا الهوية الكردية. فالكرد يخوضون صراعات شاملة في المنطقة، للانفصال عن مجتمعاتها، وتشكيل دولة قومية كبرى غير عابئين بالإندماج العربي الكردي الذي عاش لأكثر من 1400 سنة.
إن إلغاء صفة العروبة عن الجمهورية والدولة والجيش تطلب احتلالاً وتدميراً شاملاً للعراق وتصنيعاً طائفياً بمليارات الدولارات للمجتمع اللبناني منذ القرن التاسع عشر، فلماذا يصطّف السوريون في هذه السيرورة وهم يتأهبون لهزيمة المشروع التفتيتي الذي استهدفهم طيلة السنوات السبع الماضية؟.
لا نظير في المنطقة العربية للصيغة الاندماجية السورية التي تعترف بالآخر المختلف ضمن الثقافة والحضارة العربية. لا نظير في المنطقة لتجربة اجتماعية ناجحة في تنوّعها الديني والمذهبي والإثني.
ليست الهوية العربية السورية عنصرية. إنها رِحبة ومُتسامحة ولو كانت "عنصرية" لما بقيت في سوريا إثنيات وقوميات أخرى غير العربية.
ليست الهوية العربية ملكية حصرية لقبائل النفط. إنها لنا جميعاً في فضاء عربي حضاري يحتاج لكي ينهض إلى رؤوس مرفوعة بدأت ملامحها تتشكّل في بلاد الشام ومنها سرعان ما تنتقل العدوى إلى أربع بقاع أراضي العرب.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


بدء الحج إلى دمشق..سورية تنتصر
بقلم: نظام مارديني

السباحة عكس التيار.. تعني إستقلالية الفكر والقرار
بقلم: صبحي غندور



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب فيصل جلول |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//