جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية المقاومة القانونية | توثيق جرائم الصهيونية

الإرهاب بالاستيطان: جريمة تبدأ باسقاط أوسلو | بقلم: د. رفعت السيد أحمد
الإرهاب بالاستيطان: جريمة تبدأ باسقاط أوسلو



بقلم: د. رفعت السيد أحمد  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
13-08-2018 - 1904

قصّة الاستيطان الصهيوني في فلسطين، تؤكّد أننا إزاء إرهاب مُمنهَج من قِبَل دولة عدوانية مزروعة عبر التآمر الدولي الذي لايزل يحميها. إن هذا الإرهاب الاستيطاني ليس منفصلاً عن مجمل استراتيجية العدو لاحتلال فلسطين، وفرض الإرهاب الدموي على شعبها، وأحد أبرز وسائلهم في ذلك هو الاستيطان، والذي يعني زرع أرض فلسطين بمئات المستوطنات المبنية على مفارق طُرق، وعلى مواقع استراتيجية تحول دون التواصل الجغرافي لفلسطين، وتؤدّي إلى تهديد وإزالة الهوية العربية للشعب الفلسطيني، وعزله في كانتونات مُتباعدة، ولعلّ في مُتابعة مراحل وتاريخ الاستيطان وأهدافه الخبيثة، ما يؤكّد مخاطره على فلسطين البشر والأرض والقضية.
إن الحقائق الجارية اليوم من قِبَل سياسات الاستيطان الإسرائيلي على أرض فلسطين العربية، تؤكّد أننا أمام جريمة حرب بكل ما تعنيه من معانٍ ودلالات، فالاستيلاء على أرض الغير وطردهم منها، بل وفي الغالب قتلهم فيها، ثم تجريف بيوتهم وحقولهم وزرع مستوطنين بديلاً عنهم فوق هذه الأرض، يُعدّ جريمة أقسى في فعلها من الجرائم التي تُرتَكب إبان الحروب المسلّحة، فالأبعاد النفسية والأخلاقية والسياسية هنا أشدّ إيلاماً مما هي في حال الحرب المسلّحة، والحقائق التي تُبني على الأرض أشدّ مرارة من تلك التي تخلّفها الحرب المسلّحة.

إن جريمة الاستيطان الصهيوني في فلسطين اليوم في عام 2018 زادت وتعقّدت في أجواء ما سُمّي بالربيع العربي، واقترب عدد المستوطنات في الضفة الغربية من 300 مستوطنة رئيسية فضلاً عن 250 موقعاً استيطانياً عشوائياً آخر. إن هذه المستوطنات تقضم حوالى 50% من مساحة الضفة الغربية ويقطن فيها نصف مليون إسرائيلي، أقيمت بيوتهم ومستوطناتهم بطُرق التوائية غير شرعية مثل الكيان الصهيوني ككل، والذي جعل من فلسطين كلها مستوطنة كبيرة غير شرعية، يستلزم لمواجهتها، المقاومة المسلّحة طويلة المدى وليس فحسب المقاومة السلمية، لأننا وبصراحة إزاء حُكم عنصري بامتياز، ولنتأمّل قانون القومية الإسرائيلي الأخير ودلالاته الاستراتيجية، وهو حُكم يُقام فوق وطن يلفظه، ومحيط عربي وإسلامي يقاومه رغم مُهادنات الحُكّام وتبعيّتهم.

إن قصّة الاستيطان الصهيوني في فلسطين، تؤكّد أننا إزاء إرهاب مُمنهَج من قِبَل دولة عدوانية مزروعة عبر التآمر الدولي الذي لايزل يحميها. إن هذا الإرهاب الاستيطاني ليس منفصلاً عن مجمل استراتيجية العدو لاحتلال فلسطين، وفرض الإرهاب الدموي على شعبها، وأحد أبرز وسائلهم في ذلك هو الاستيطان، والذي يعني زرع أرض فلسطين بمئات المستوطنات المبنية على مفارق طُرق، وعلى مواقع استراتيجية تحول دون التواصل الجغرافي لفلسطين، وتؤدّي إلى تهديد وإزالة الهوية العربية للشعب الفلسطيني، وعزله في كانتونات مُتباعدة، ولعلّ في مُتابعة مراحل وتاريخ الاستيطان وأهدافه الخبيثة، ما يؤكّد مخاطره على فلسطين البشر والأرض والقضية.

يُحدّثنا التاريخ أن الاستيطان الصهيوني قد مرّ بأربع مراحل، وما نعيشه اليوم هو المرحلة الخامسة والأخيرة من مراحل الاستيطان وفيها :

المرحلة الأولى بدأت منذ انعقاد مؤتمر لندن عام 1840 بعد هزيمة محمّد علي، واستمرّت حتى عام 1882، وكانت هذه المرحلة البدايات الأولى للنشاط الاستيطاني اليهودي، إلا أن مشاريع هذه المرحلة لم تلق النجاح المطلوب بسبب عزوف اليهود أنفسهم عن الهجرة إلى فلسطين، والتوجّه إلى الولايات المتحدة الأميركية أو الانخراط في مجتمعاتهم، ومن أبرز نشطاء هذه المرحلة اللورد شافتسبوري، واللورد بالمرستون، ومونتفيوري.

المرحلة الثانية بدأت عام 1882 واستمرّت حتى بداية الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1920، وفي هذه المرحلة بدأ الاستيطان الفعلي في فلسطين، وشهدت الموجات الأولى والثانية من الهجرة اليهودية إلى فلسطين خصوصاً من أوروبا الشرقية وروسيا، ومن أبرز نشطاء هذه المرحلة لورنس أوليفانت، وروتشليد، وهرتزل، وفي هذه المرحلة بدأت المؤتمرات الصهيونية العالمية وأسّست المنظمة الصهيونية العالمية.

المرحلة الثالثة هي مرحلة الانتداب البريطاني على فلسطين، وفي هذه المرحلة تم تكثيف عمليات استملاك اليهود للأراضي الفلسطينية، وتدفّق الهجرة اليهودية، حيث شهدت هذه المرحلة الموجات الثالثة والرابعة والخامسة.

المرحلة الرابعة بدأت منذ إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 حين استولوا على 77% من مساحة فلسطين والتي شُرّد أهلها وذُبحوا ذبحاً، وصولاً إلى العام 1967، وفيه تمكّنت إسرائيل من الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتوافُد المهاجرين اليهود بكثرة ليصلوا إلى قرابة الـ 5 ملايين مستوطن.

أما المرحلة الخامسة فهي التي نعيشها اليوم والتي للأسف قام فيها فريق من الفلسطينيين بمساعدة العدو الصهيوني بزيادة وتيرة الاستيطان، وكان هذا الفريق من دُعاة التفاوض والحلول السلمية والذين ازداد عددهم للأسف بعد ثورات الربيع العربي، كان ولايزال؛ دوره –هذا الفريق-هو التغطية على الاستيطان، وإعطائه شرعية من خلال الإصرار على المفاوضات التي لا توصل إلى نتيجة، الأمر الذي دفع العدو لمزيد من زرع المستوطنات في ظل اتفاق أوسلو عام 1993 ومفاوضاته المستمرة طيلة 25 عاماً تم خلالها - وبغطاء سياسي من أصحاب هذا الاتفاق - زرع قرابة الـ 100 ألف مستوطن في الضفة الغربية. بل إن الاستيطان زاد في عهد نتنياهو أربعة أضعاف عما كان في الأعوام السابقة، وفق أحدث تقرير للمنظمات الصهيونية ذاتها ومنها حركة السلام الآن الإسرائيلية، إننا إذن وفي أجواء السلام الوهمي هذا، أمام جريمة كبرى تُرتَكب في حق الشعب الفلسطيني، وبمساعدة فريق من أبنائها، إنها جريمة الاستيطان التي هي ذبح مُنظّم لفلسطين، الأرض، والبشر، والقضية!!.

إن جريمة الاستيطان، في كافة أرجاء فلسطين، سواء الخاضعة مباشرة للاحتلال أو تلك المُحاصَرة عبر المعابر المُغلقة مثل قطاع غزّة تحتاج لمواجهتها، إلى استراتيجية للمقاومة نقترح أن تتضمّن الآتي:

أولاً: المقاومة بكافة أنواعها، وهي لكي تُسمي مقومة لابدّ أن تبدأ بالوقف الفوري لهذا العبث السياسي والتاريخي الذي يُسمّى خيار المفاوضات واتفاق أوسلو، والذي بإجماع الخبراء الفلسطينيين والعرب، وفّر غطاء كثيفاً من الشرعية لهذه المستوطنات، التي يُسمّيها شعبنا الفلسطيني ومعه حق المُغتصبات وإسقاط هذا الاتفاق أصبح اليوم وبعد تنامي وتيرة الاستيطان والعدوان وتعذيب الأسرى - 6 آلاف أسير وأسيرة- يُعدّ ضرورة وطنية وأخلاقية وسياسية.

ثانياً: لوقف الاستيطان إذا اتفقنا على أنه جريمة حرب، وهو بالواقع المُعاش والقانون كذلك، فإن الرد الأساسي عليه يكون عبر تصعيد المقاومة المسلّحة ضدّه، وهذه المقاومة أضحت في إمكان قوى المقاومة الفلسطينية التي أربكت العدو الصهيوني أثناء سلسلة الاعتداءات الأخيرة على غزّة واستطاعت أن تصل بصواريخها "غراد وفجر وغيرها" إلى تل أبيب ذاتها، ومن يصل إلى تل أبيب يستطيع أن يصل وبقوّة أكثر إلى أية مستوطنة صهيونية في الضفة الغربية.

ثالثاً : لابدّ وأن يُصاحب إسقاط خيار المفاوضات، وتصعيد المقاومة المسلّحة، إعادة اللحمة الوطنية عبر المُصالحة الواسعة على أساس خيار المقاومة وليس خيارات التسوية البائسة، وبناء الوحدة والمُصالحة الوطنية يحتاج إلى إخلاص النوايا وإدراك الخطر، والبُعد عن أجندات دول وحكومات الأقاليم ومخطّطاتها لبناء شرق أوسط جديد بقشرةٍ إسلاميةٍ، شرق أوسط تعقد فيه الصفقات باستخدام ورقة فلسطين ولعلّ ما يجري في بعض العواصم العربية هذه الأيام مع الفصائل الفلسطينية تحت إسم المُصالحة يحتاج إلى تأمّل وحذر شديدين، إن صفقات الحُكم لمرحلة ما بعد ما يُسمّى بثورات الربيع العربي تستهدف من جملة ما تستهدفه إنهاء وتضييع فلسطين بالكامل مقابل إعطاء بعض الجماعات والتيارات السياسية فرصة حُكم بلادها، كما جرى مع تجربة حُكم الأخوان المسلمين الفاشل في مصر عامي 2012-2013، إن الهدف كان ولايزال هو إضاعة فلسطين وإسقاطها بالكامل، فإذا لم تقم المُصالحة والوحدة على خيار المقاومة من أجل فلسطين فلا خير فيها وسيزدهر الاستيطان وينمو للأسف الشديد.

رابعاً: إن المقاومة المسلّحة لجريمة الاستيطان واقتلاع البشر من أرضهم وتاريخهم، لا تعني الاستغناء عن وسائل النضال السلمي والقانوني الدولية والاقليمية، وفي أيدي الفلسطينيين مئات الوثائق والحقائق الدامِغة التي ترجّح انتصارهم القانوني، وإلى جوارهم تقف عشرات المواثيق والاتفاقات الدولية، لنذكر فقط المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تُتيح محاكمة المستوطنين كمًجرمي حرب، إن انتصار أهل فلسطين حتمي إن هم دخلوا بقوّة هذه المعركة على الصعيدين الاقليمي والدولي، وهي معركة نبيلة تستطيع – بل يجب – أن تشارك فيها كافة منظمات المجتمع المدني الدولية، لأننا أمام حقوق تُمتهَن وأراض تُغتصَب، وأوطان تضيع، وهي تحديات تفرض على الشرفاء في تلك المنظمات والهيئات الدولية دوراً جديداً وهم قادرون بالفعل عليه.

وبعد.. إن الاستيطان الصهيوني في فلسطين العربية، ليس فحسب جريمة ضد الإنسانية، ولا فقط جريمة حرب بالمعنى القانوني للكلمة بل هو أيضاً وبالأساس جريمة ضد التاريخ، ومَن يقف معها يقف ضد التاريخ وهو حتماً سيخسر، وستنتصر " فلسطين " التي نعرفها ويعرفها تاريخنا العربي الممتد لآلاف السنين، إنها وباختصار دال ومعبر؛ فلسطين التي من البحر إلى النهر؛ الطاهرة من دَنَس الاستيطان وعنصريته.


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//