جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

الكونفوشيوسية والخصوصية | بقلم: عبد الحسين شعبان
الكونفوشيوسية والخصوصية



بقلم: عبد الحسين شعبان  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
09-06-2018 - 1533

كان مجرد ذكر اسم كونفوشيوس إيجابياً في الصين يعني أنك ستصنّف في خانة "الأعداء"، لأنه حسب التوصيف السائد يعتبر "عدواً رجعياً". وهو ما جاء عليه زعيم الصين "التاريخي" المعاصر ماوتسي تونغ، في أكثر من مناسبة، وخصوصاً خلال التجمّعات الطلاّبية الغاضبة في فترة الثورة الثقافية 1965-1976.
وقد تم طي صفحات تلك الحقبة المتشدّدة، واتّجهت الصين منذ أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات لولوج مرحلة جديدة شهدت انفتاحاً تدرّجياً، ولاسيّما على التراث التاريخي ورموزه واستلهام ما هو إيجابي منه. وهكذا أعيد الاعتبار إلى الفيلسوف كونفوشيوس وأنتج فيلماً عنه، بصفته قائدا عسكرياً موهوباً ومعلماً كبيراً للقيم الإنسانية والمثل التقدمية.
وإذا كان ثمة تحوّل في الجانب الثقافي، فلأن الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية والإنسانية بشكل عام شهدت تطوراً ملحوظاً ، وخصوصاً وأن مسألة التفكير بالمستقبل والتطلّع إليه بقراءة منفتحة للتراث التاريخي الفكري والثقافي والفلسفي، كانت حاضرة جداً.
وحتى وإن بدا أن الأمر يحتاج إلى زمن لمحو ما تركته عملية التشويه والاستعداء لكونفوشيوس والكونفوشيوسية والقطيعة الأبستمولوجية مع التراث، إلّا أن التوجّه الجديد كان بمثابة صحوة للصين ترافقت مع تقدّمها العلمي والتكنولوجي وسياسة الانفتاح الاقتصادي التي اتبعتها، إضافة إلى علاقاتها الدولية الجديدة.
لقد استخدم اسم كونفوشيوس أداة مغرضة لمهاجمة "أعداء" الشيوعية أيام ارتفاع أعلام الثورة الثقافية وصخبها الذي هزّ الشوارع والميادين، ولاسيّما بملاحقة الضمائر ومحاربة التفكير الحر، تلك التي كانت ذريعة لتصفية الخصوم والمنافسين، لكنه بدا اليوم أن الاسم ذاته يعمل كأداة إيجابية ذات بعد أخلاقي في الصين الحالية. وكانت دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت العام 2008 في الصين مناسبة لتسليط الضوء على أفكار كونفوشيوس، وخلال حفل افتتاح الدورة الأولمبية تمت الإشارة إلى " المنتخبات الأدبية" لكونفوشيوس، وكانت مدرسة الكادر الحزبي في شنغهاي قد أقيمت على طاولة القراءة والكتابة الخاصة بكونفوشيوس كما تم تأسيس " المعهد الكونفوشيوسي"، وقد لاحظنا مثل هذا الاهتمام خلال زيارتنا للصين في إطار ندوة فكرية لـ "الحوار العربي - الصيني" بدعوة من المعهد الصيني للدراسات الدولية.
ولفت انتباهي الاهتمام الكبير، بل والشغف الخاص من جانب المنظمين حين جئت على ذكر كونفوشيوس في بحثي الموسوم: "الفلسفة التاوية وصنوها الفلسفة الصوفية: وحدة الوجود والحضور بالغياب" مع أنني تلمّستُ وجود بقايا تحفّظات لدى الجيل الأكبر الذي تأثّر بنقد "الماوية" لأفكار كونفوشيوس والفلسفة الكونفوشيوسية باعتبارها ضد النظريه الماركسية وتطبيقاتها الماوية أو ضد "تصيين الماركسية".
ويبدو أن الجيل الأكثر حداثة والأصغر سنّاً يميل أكثر من سابقه إلى التلاقح بين الفلسفة الصينية القديمة والفلسفة الماركسية، خصوصاً وإن القسم الأكبر من أعضاء الحزب الشيوعي الصيني الذي يربو عددهم على 80 مليون أخذ يتخلّى عن الفكر الماوي المتشدّد مع استمرار تقديره واحترامه لشخص الزعيم التاريخي ماوتسي تونغ. وقد شاهد كاتب السطور طوابير المصطفّين الذين يرغبون في زيارة ضريحه في العاصمة بكين في ساحة تيان آن من ، التي سبق وأن شهدت احتجاجات كبيرة وصدامات مع الشرطة العام 1989 بسبب المطالبة بالمزيد من الحرّيات .
ولم يكن الاهتمام بالفكر الكونفوشيوسي حكومياً فحسب، بل إن الاهتمام المجتمعي، وخصوصاً الأكاديمي كان أكبر بكثير، ولاسيّما من جانب المجتمع المدني، وذلك في محاولة لإضفاء الطابع الإنساني على النظام السياسي الشيوعي في الصين، والذي لا يزال يحمل ثقله المركزي.
ويكمن أحد أسباب الاهتمام بالكونفوشيوسية هو الشعور بالاعتزاز للخصوصية الصينية والانتماء إلى تراث عريق، لاسيّما بعد مرحلة عاصفة من النقد والتبشيع والتغييب، ومثل تلك الخصوصية تعني ابتداع طريق خاص ليس بالضرورة يمرّ عبر التجربة الغربية باعتبارها التجربة الديمقراطية الوحيدة على المستوى العالمي، فقد كانت هناك محاولات خلال العقد الماضي لمزاوجة الديمقراطية بالكونفوشيوسية ، والأمر لا يقتصر على التنافس الانتخابي، بل القدرة على الأداء والأهلية وشرعية المنجز التاريخي، أما ما يتعلّق الأمر بالمرونة والتواضع والعاطفة، فهذه يمكن أن تضع إطاراً ومقاربة أخلاقية للإجراءات السياسية والممارسات العملية انطلاقاً من جوهر الكونفوشيوسية وروحها.
فهل مثل هذا التوجّه سيجعل الصين أكثر قرباً من الديمقراطية الغربية أم ثمة مراجعات في إطار الديمقراطيات الغربية ذاتها؟ وهذه تحتاج إلى إعادة قراءة لأدائها، وهي التي يطلق عليها مرحلة "ما بعد الديمقراطية"، ولاسيّما بصعود الشعبوية اليمينية في العديد من بلدان أوروبا والولايات المتحدة ورمزها الأكبر هو دونالد ترامب.
ربما سيكون التوقف عند التجربة الصينية بما تحمله من امتدادات "شرقانية" على الرغم من أنها لم تخلع معطفها الماركسي القديم بعد، مفيداً لجهة مقاربة التجارب الأخرى، ولكن النجاح الكبير الذي حققته خلال العقود الأربعة الماضية كفيل بقراءة جديدة للموديل الصيني، فمن يدري ماذا سيُنتج تفاعل التجارب الكونية الأخرى؟ لعله قواعد أكثر انسجاماً وعمقاً وتلبية لمصالح الناس وحقوقهم، والمهم هو أن الخصوصية يمكن أن تكون عاملاً إيجابياً في رفد الكونية، مثلما تعطي هذه الأخيرة نفحة منعشة للخصوصية.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


الأعراب وحدهم يؤدلجون الدين الإسلامي
بقلم: محمد الحنفي

لماذا يوم القدس العالمي وما موقف أعداء القدس منه !!
بقلم: نايف حيدان



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب عبد الحسين شعبان |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//