جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

أزمة التعليم، واندلاع المعركة بين الشعب وصندوق النقد الدولي! | بقلم: جنات بن عبد الله
أزمة التعليم، واندلاع المعركة بين الشعب وصندوق النقد الدولي!



بقلم: جنات بن عبد الله  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
07-05-2018 - 1468
نشر صندوق النقد الدولي الاسبوع الماضي على موقعه الالكتروني وثيقة في صيغة سؤال وجواب يشخص فيها الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي في تونس، مؤكدا فيها على ان القرارات الاقتصادية التي تتخذها حكومة الشاهد هي قرارات سيادية ويقتصر دور الصندوق على تقديم توصيات.
ويتزامن نشر هذه الوثيقة مع تواصل اشغال اللجنة الفنية المنبثقة عن اجتماع الموقّعين على وثيقة قرطاج، اشغال لم تحسم بعد في النقاط الخلافية التي اثارها الاتحاد العام التونسي للشغل الرافض لخيارات الحكومة في ملف المؤسسات العمومية والتفويت فيها الى جانب رفضه لآليات اصلاح الوظيفة العمومية والصناديق الاجتماعية... وهي نقاط نصّت عليها وثيقة قرطاج، مرجعية عمل حكومة الشاهد.
وبقطع النظر عن بوادر انفراج ازمة التعليم التي لا تزال تخيّم على المشهد العام في البلاد، والتي تعود الى تمسك الجامعة العامة للتعليم الثانوي بمطالبها واصرار وزير التربية على رفض هذه المطالب باعتبار انعكاساتها المالية على ميزانية الدولة التي تعاني عجزا متفاقما، فقد كشفت هذه الازمة عن حدود تحرك حكومة الشاهد في ظل قانون المالية لسنة 2018 الذي يستند الى سياسة تقشف مبنية على التزاماتها تجاه صندوق النقد الدولي في باب الضغط على عجز ميزانية الدولة من جهة، والتحكم في التوازنات المالية الخارجية المتعلقة بعجز الميزان التجاري من جهة اخرى مقابل الحصول على قرض بقيمة 2.9 مليار دولار في اطار اتفاق «تسهيل الصندوق الممدد» على ثمانية أقساط يسبقها قيام خبراء الصندوق بمراجعات دورية تصل الى 4 مرات في السنة في سابقة هي الاولى من نوعها في تونس من منظور عدد المراجعات.
ففي مستوى الضغط على ميزانية الدولة التزمت حكومة الشاهد بدعم موارد الميزانية عن طريق الزيادة في الضرائب والأداءات والضغط على النفقات عن طريق تخفيض الدعم وتخفيض كتلة الاجور من خلال تجميد الاجور وتجميد الانتدابات من جهة، واعتماد نظام المغادرة الاختيارية والتقاعد المبكر في اطار ما يسمى باصلاح الصناديق الاجتماعية، من جهة اخرى مع العمل على الترفيع في سن التقاعد كإجراء بعيد المدى.
كما يوصي الصندوق بالضغط على عجز ميزانية الدولة واصلاح المؤسسات العمومية من خلال تطهيرها ماليا والتفويت في مساهمات الدولة فيها تحت غطاء البحث عن شريك استراتيجي.
اما في باب التحكم في التوازنات المالية الخارجية والضغط على عجز الميزان التجاري فقد أوصى الصندوق باتباع سياسة مرنة لسعر صرف الدينار كآلية للتشجيع على التصدير واعطاء قدرة تنافسية للمنتوج التونسي في الاسواق الخارجية، مقاربة لا يمكن ان تجد لها صدى في واقع الاقتصاد التونسي باعتبار هشاشة منظومة الانتاج والضغوط الضخمة التي تواجهها هذه المنظومة انطلاقا من مصادر التمويل البنكية التي تشكو شحا في السيولة فضلا عن نسبة فائدة في ارتفاع متواصل باعتبار توصية صندوق النقد الدولي الداعية الى الترفيع الدوري في نسبة الفائدة المديرية للبنك المركزي على خلفية الضغط على الاستهلاك للضغط على الاسعار، وهي مقاربة لا يمكن ان نجد لها صدى في واقع الاقتصاد التونسي.
في المقابل تتلخص مطالب الجامعة العامة للتعليم الثانوي في التخفيض في سن التقاعد، وتصنيف مهنة التدريس كمهنة شاقة بما يسمح لهم بالتقاعد الاختياري في سن 55 سنة، وتمتيع الاساتذة بمنح خصوصية تمكنهم من تجاوز تدهور مقدرتهم الشرائية فضلا عن مطلبهم المتعلق بالنظر في تدهور الوضع التربوي بصفة عامة بما في ذلك ملف اصلاح المناهج التربوية.
وفي تعاملها مع هذه المطالب التي اتخذت منحى تصعيديا وصل بالجامعة العامة للتعليم الثانوي الى حجب اعداد التلاميذ كرد فعل على وزير التربية، قرر مجلس وزاري انعقد يوم الاربعاء 21 مارس 2018 اعطاء كامل الصلاحيات لوزير التربية لاتخاذ «كل الاجراءات التنظيمية والقانونية والادارية» لرفع قرار حجب الاعداد.
وبعيدا عن التدقيق في طبيعة الاجراءات التنظيمية والقانونية والادارية التي ضبطها وزير التربية ولم يتسن له تطبيقها، يتضح ان حكومة الشاهد قد انتهجت سياسة المغالطة والمراوغة وتحويل الوجهة عن الصراع الحقيقي القائم بينها وبين الجامعة العامة للتعليم الثانوي من جهة وبينها وبين الاتحاد العام التونسي للشغل من جهة اخرى، وحاولت الاختفاء وراء قرار حجب اعداد التلاميذ لضرب كل من يطالب باجراءات تتناقض وتتضارب مع وصفة صندوق النقد الدولي ومع وثيقة قرطاج خاصة وان هذه الحكومة قد قبلت وبرضى بحلول خبراء صندوق النقد الدولي اربع مرات في السنة للتدقيق في مدى التزامها برزنامة الاصلاحات.
ففي الوقت الذي نصت فيه وثيقة قرطاج من ناحية، واوصى به صندوق النقد الدولي من ناحية ثانية من تجميد للاجور وترفيع في سن التقاعد وتقليص لكتلة الاجور، تخرج الجامعة العامة للتعليم الثانوي مطالبة بعكس ما التزمت به حكومة الشاهد تجاه الصندوق ضاربة بذلك ما تعهدت به الحكومة في الرسائل التي توجهت بها الى المديرة العامة للصندوق كريستين لاغارد ومهددة بذلك أسباب وجودها كحكومة وحدة وطنية مختزلة في وثيقة قرطاج.
ومن هذا المنطلق كشفت أزمة التعليم الثانوي وما وصلت اليه من انسداد في أفق الانفراج بما تطلب تدخل رئيس الجمهورية، ان المعركة الحقيقية تتجاوز الجامعة العامة للتعليم الثانوي، وتتجاوز حكومة الشاهد. ان المعركة الحقيقية التي ساهمت الجامعة العامة للتعليم الثانوي في اندلاع شرارتها الاولى، هي بين الشعب التونسي ومن يمثله، واتضح ان الاتحاد العام التونسي للشغل بقي وحيدا في غياب الاحزاب السياسية، وبين صندوق النقد الدولي الذي يواصل في التمسك باصلاحات خربت عديد البلدان ومنها اليونان الذي عانى ويلات سياسة التقشف التي فرضت عليه وترجمت الى تجميد الاجور وتجميد الانتدابات في الوظيفة العمومية والترفيع في سن التقاعد وتقليص جرايات التقاعد والترفيع في نسبة الاداء على القيمة المضافة من ٪19 الى ٪23 وصولا الى تجميد الاتفاقيات المشتركة في الوظيفة العمومية وسن قوانين تحد من الحرية النقابية.
ورغم ما بشّر به صندوق النقد الدولي والمفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي وهي الجهات الممولة لبرامج الاصلاحات التي تقوم على سياسة التقشف من آفاق واعدة للاقتصاد اليوناني، وبعد 8 سنوات على تطبيق اول مخطط تقشف لا يزال اليونان غارقا في ركود اقتصادي أدى الى أزمات انسانية شكلت موضوع أبحاث قامت بها المنظمة العالمية للصحة كشفت عن ارتفاع عدد وفيات الرضع بـ‰43.4 خلال السنتين الاوليتين من تطبيق سياسة التقشف. كما كشفت دراسة ثانية قام بها باحثون يونانيون وأمريكيون خلال الفترة 1983 ـ 2013 ونشرت بمجلة طبية بريطانية، عن ارتفاع هائل لحالات الانتحار نتيحة سياسة التقشف المتبعة خلال السنوات الأخيرة.
ان انخراط الاتحاد العام التونسي للشغل اليوم في طريق يوحي بانفراج أزمة التعليم الثانوي والدعوة الى العودة الى الدراسة، يجب ان لا يخفيا عنا حقيقة المعركة التي رفع لواءها الاتحاد في غياب احزاب اختارت سياسة النعامة، وشكلت ازمة التعليم اولى جولاتها، معركة حول خيارات دولة وليس حكومة باعتبار ان التعهد مع الصندوق هو تعهد دولة وليس تعهد حكومة، خيارات تقوم على ضرب القطاع العمومي وفتح الحدود امام المستثمر الأجنبي ثم التمهيد لدخوله بضرب العملة الوطنية على خلفية اتباع سياسة صرف مرنة باعتبار ان هذا الشعب تحول الى عبء على ميزانية اصبحت عاجزة عن توفير التعليم العمومي بكل مراحله بما في ذاك العالي، والنقل العمومي، والصحة العمومية...
لقد كان امام حكومة الشاهد فرصة للاصطفاف وراء الشعب التونسي الذي رفع الراية الحمراء بسبب انهيار المقدرة الشرائية وتدمير قطاع الانتاج، الا انه فضل التمسك بخيارات اثبتت التجارب في بلدان اخرى خطورتها على الوحدة الوطنية ومصير دولة الاستقلال.
لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


البنتاغون: استخدمنا آلاف قذائف اليورانيوم ضد تنظيم الدولة
بقلم: وكالات

المقالة الثالثة: حق العودة مقدس، وليس للتفريط أو التبديل أو المقايضة
بقلم: محمود كعوش



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب جنات بن عبد الله |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//