جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

الجيوش الإفريقية تتحدث العبرية | بقلم: حسن العاصي
الجيوش الإفريقية تتحدث العبرية



بقلم: حسن العاصي  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
27-08-2017 - 1564
يحتل الجزء العسكري والأمني الصدارة في أولويات العلاقات الإفريقية الإسرائيلية، إذ بدأت المساعدات العسكرية الإسرائيلية لبعض الدول الافريقية  حتى قبل استقلال هذه الدول، فقد قامت كل من أوغندا وغانا في العام " 1962 " بإرسال عسكريين وضباط للتدرب في إسرائيل، وبالمثل أرسلت تنزانيا مجموعة من الضباط للتدرب في المعاهد الحربية الإسرائيلية، كما دربت إسرائيل أول مجموعة من الطيارين من أثيوبيا وغانا وأوغندا، ودربت طيارين مدنيين من نيجيريا، وفي العام "1966 " أنشأت إسرائيل أول كلية حربية في غانا، حيث كان يتواجد  فيها "100 " ضابط إسرائيلي كخبير ومدرب، وتواجد في أوغندا أكبر بعثة اسرائيلية في العام " 1965 " وكان ضباط وجنود الجيش والشرطة وجهاز الاستخبارات الأوغندية يتلقون تدريبهم على يد ضباط من الجيش الاسرائيلي، وهنا من الجدير ذكره أنه حتى خلال الفترات التي تم فيها قطع العلاقات من قبل الدول الإفريقية مع إسرائيل ، لم تؤثر على مستوى هذا التعاون العسكري بين الطرفين .
 وترتبط اسرائيل بمعاهدات عسكرية وأمنية سرية مع العديد من الدول الإفريقية، تتضمن تدريب الجيوش وأجهزة الاستخبارات في تلك الدول، وذلك للحفاظ على استمرار الأنظمة الديكتاتورية في إفريقيا التي تجد فيها إسرائيل ضالتها لتحقيق أهدافها .
فعلى سبيل المثال لا الحصر، قامت إسرائيل بتوقيع معاهدة سرية للتعاون العسكري مع زائير التي طلبت مساعدة إسرائيل على أثر محاولة الانقلاب الفاشلة فيها، وقامت إسرائيل بمساعدة الجيش الليبيري في قمع التمرد على النظام، وعقدت معها صفقة عسكية بملايين الدولارات، ويقوم الخبراء الإسرائيليين بتدريب الجيش الكاميروني ، وباعت لها إسرائيل طائرات من نوع  "كفيرو عرافا "، ناهيك عن التعاون العسكري الإسرائيلي مع أثيوبيا التي تحتل موقع الصدارة في اهتمامات قادة اسرائيل كونها البلد الوحيد الغير عربي المطل على البحر الأحمر .
وعلى امتداد السنوات الماضية، إضافة إلى حصدها الأموال من النزاعات الدموية في القارة الافريقية، قامت إسرائيل بتوظيف علاقاتها المميزة مع العديد من الضباط في المؤسسات العسكرية والأمنية الإفريقية، لاختراق القارة وللحفاظ على مصالحها الاستراتيجية فيها على المدى البعيد .
وقد نقلت إسرائيل سياستها في إشعال فتيل الحروب والنزاعات، وإذكاء التناقضات المتعددة، وممارسة الخداع والابتزاز، وإثارة النعرات القومية والمذهبية، نقلت كل هذا الميراث البغيض الذي كان يشكل بالنسبة لها نهجاً منتظماً في علاقاتها مع محيطها العربي طوال عقود إلى القارة الإفريقية، ولاتتردد إسرائيل في عمل كل شيء في سبيل تحقيق أهدافها، فتراها تستغل على سبيل المثال، النزاعات الإرتيرية وحالة الفوضى الأمنية السائدة في الصومال من أجل تعزيز علاقاتها مع أثيوبيا التي قامت بالحصول على كميات كبيرة من الأسلحة الإسرائيلية بهدف تأزيم منطقة القرن الإفريقي التي تعاني بالأصل من أزمات متفجرة متعددة.
نتيجة للدعم الإسرائيلي غير المحدود يصنف الجيش الإثيوبي ثالث أهم جيش في القارة الإفريقية بعد مصر والجزائر، ويحتل الموقع 42 عالمياً، بامتلاكه 2300 دبابة، و800 مركبة، 200 صاروخ متعدد، 90 طائرة مقاتلة، 43 طائرة مروحية، بحسب الأرقام التي نشرها موقع "جلوبال باور فاير".
نعود قليلاً إلى الوراء، فبعد قيام دولة إسرائيل في العام 1948 عاشت الدولة الجديدة عزلة  مع محيطها العربي والإفريقي، هذا التهميش الذي تعرضت له إسرائيل من قبل جيرانها جعلها تستنبط أساليب جديدة لكسر هذه العزلة، فظهرت فكرة المساعدات للدول الإفريقية المجاورة الفقيرة، فبدأت إسرائيل بطرق أبواب القارة وتقدم نفسها على أنها فاعل خير، وبدأت مساعداتها تصل إلى بعض الدول الإفريقية وفي مقدمتهم إثيوبيا، ومع وصول هذه المعونات الإسرائيلية تباعاً إلى إفريقية كانت إسرائيل تنفذ إلى قلب القارة، وكان وجودها يتبلور ويتعزز في إفريقية خاصة في إثيوبيا لتصبح حليفة إسرائيل المطلة على البحر الأحمر.
في بداية الستينيات من القرن العشرين أرسلت إسرائيل عدد من المستشارين العسكريين كي تقوم بتدريب المظليين الإثيوبيين، وكذلك تدريب وحدات خاصة لمكافحة التمرد والشغب، كما قامت إسرائيل بتدريب جنود وضباط الفرقة الخامسة في الجيش الإثيوبي لمواجهة جبهة التحرير الإرتيرية.
في العام 1973 قطعت العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وإثيوبيا تضامنا مع مصر والعرب، لكن استمرت إسرائيل بإرسال قطع الغيار للطائرات والذخيرة للأسلحة أمريكية الصنع التي يملكها الجيش الإثيوبي، وكذلك استمر تواجد عدد كبير من المستشارين والخبراء العسكريين الإسرائيليين في أديس أبابا، ولم يتغير هذا الوضع حتى مع وصول الرئيس الإثيوبي ذو التوجه الماركسي "مانجستو هيلا مريام"  للسلطة في العام 1974 من القرن العشرين، لكن هذا الوضع تغير في العام 1978 حين قام الرئيس "مانجستو" بطرد جميع المستشارين الإسرائيليين من إثيوبيا على أثر انكشاف علاقة البلدين مما اعتبر خرقاً لقرارات مجلس الوحدة الإفريقية ووضع إثيوبيا في حرج شديد من الدول الإفريقية.
في العام 1983 ورغم استمرار قطع العلاقات الدبلوماسية بين إثيوبيا وإسرائيل، قامت الأخيرة بتدريب عسكري وأمني للحرس الرئاسي ولجهاز الشرطة الإثيوبي ولرجال بعض الأجهزة الأمنية ومنها المخابرات.
ثم بدأت إسرائيل في استقبال يهود الفلاشا الذين هاجروا من إثيوبيا بناء على اتفاق بين الحكومتين في العام 1985 مقابل مساعدات عسكرية تقدمها إسرائيل لأديس أبابا، ولغاية العام 1987 كانت إثيوبيا  تلقت معونات عسكرية بقيمة 85 مليون دولار مكافأة لها على السماح ليهود الفلاشا بالهجرة إلى إسرائيل، وأرسلت تل أبيب 300 مستشار وخبير أمني وعسكري إلى إثيوبيا، وقامت خلال هذه الفترة بتدريب 40 طياراً إثيوبياً في إسرائيل، في العام 1989 من القرن العشرين تم إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتم افتتاح السفارة الإسرائيلية في أديس أبابا، وقدمت إسرائيل المزيد من المساعدات العسكرية لإثيوبيا.
في العام 1990 قدمت إسرائيل حوالي 150 ألف بندقية للجيش الإثيوبي بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، وتوسعت مساعدات إسرائيل لتضم معونات صحية وأدوية، وكذلك أرسلت خبراء في مجال الري والزراعة، وفي العام 1991 قامت إسرائيل بنقل 15 ألف يهودي من الفلاشا مباشرة عبر جسرجوي من أديس أبابا إلى إسرائيل، ودفعت للرئيس الإثيوبي مبلغ 35 مليون دولار قبل أن يطيح به انقلاب شعبي ضده فهرب إلى زيمبابوي، وبحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام فإن إثيوبيا لاتبلغ ميزانيتها العسكرية سوى 0,8 في المائة، إلا أنها أصبحت ثالث أقوى جيش في القارة السمراء بفضل الدعم العسكري الإسرائيلي.
أصبح من المؤكد أن إسرائيل استطاعت وعبر برنامج المساعدات العسكرية بشكل رئيسي، والإنمائية بدرجة أقل، استطاعت أن تفسد العلاقات التاريخية بين العرب ومصر بوجه خاص وإثيوبيا، وأنها تمكنت من إخراج مصر من إثيوبيا  والحلول مكانها، وبدأ فصل جديد من فصول الضغط الإسرائيلي على مصر والسودان عبر أذرعها الإفريقية في إثيوبيا وغيرها من الدول الإفريقية.
إن التعاون العسكري وتقديم مساعدات عسكرية إلى الدول الإفريقية، وكذلك تدريب ضباط الجيش والأجهزة الأمنية الإفريقية، كان ولايزال يستحوذ على أهمية خاصة في الاستراتيجية الإسرائيلية، لتوظيف هذا الملف في ممارسة الابتزاز والضغوط والمقايضة، والأهم هو استخامه كسلاح في مواجهة الدول العربية لتهديد أمنها والضغط عليها لتغيير مواقفها في بعض الملفات، ومن أجل هذه الرؤية عملت إسرائيل على تكثيف نشاطها وتواجدها العسكري في إفريقيا، وقامت بإرسال كثير من الخبراء والمستشارين العسكريين والأمنيين الإسرائيليين إلى عدة دول إفريقية من أجل تدريبهم والإشراف عليهم، حتى أن إسرائيل قامت بتدريب كثير من الحراس الرئاسيين الذي يتولون حماية قادة ورؤساء القارة السمراء، وجلبت الآلاف من الأفارقة للدراسة والتدريب في معاهدها الحربية وكلياتها العسكرية.
ولم تكتفي إسرائيل بتقديم السلاح وتدريب الجنود والضباط، بل قامت أيضاً بنقل تجربتها في العمل مع منظمات الشباب الشبه عسكرية مثل تجربة منظمتي "الناحال" و"الجدناع" وقامت بإرسال مستشارين ومدربين إلى بعض الدول الإفريقية لتعليمهم كيفية تنظيم صفوف الشباب الإفريقي في فصائل تجمع العمل المدني والتدريب العسكري سوية.
أيضاً أرسلت إسرائيل عدداً من مدربيها للإشراف على تنظيم الخدمة العسكرية التي تفرض على الشباب الإفريقي لفترات زمنية محددة كما هو الحال في إسرائيل، وقامت أيضاً بإرسال عدد من الخبراء لتدريب قوات الشرطة في تنزانيا، ودربت قوات المظليين في الكونغو، ثم أنشأت مدرسة هناك وقدمت لجيش الكونغو أسلحة وعتاد، ثم في سيراليون أيضاً يتكرر ذات السيناريو حيث أرسلت إسرائيل خبراء عسكريين وضباط من أجل تدريب الجيش السيراليوني، ثم أنشأت لهم مدرسة عسكرية في فري تاون.
لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


التتار في الاتجاه المعاكس
بقلم: ادريس هاني

معركة تطهير عرسال: حقائق ونتائج
بقلم: العميد د أمين محمد حطيط



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب حسن العاصي |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//