جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

النص والتراث، أزمة قراءة وتأويل | بقلم: الدكتور عهد كمال شلغين
النص والتراث، أزمة قراءة وتأويل



بقلم: الدكتور عهد كمال شلغين  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
15-11-2016 - 2493
تعيش الأمة العربية في ظرفٍ تاريخيٍ دقيقٍ، حيثُ يظهرُ الآنَ واضحاً مدى تعقدِ أزماتِ الثقافةِ العربيةِ بكلِّ تعقيداتها الدينيةِ والفكريةِ والثقافيةِ، ومنها إشكاليةُ التأويلِ في التراثِ العربيِّ الإسلاميِّ التي لازالت موضعَ تساؤلٍ وبحثٍ في الفكر العربي المعاصر، تتقدّم كثيراً من الإشكالياتِ المعيشةِ في الواقع العربي وفي الوعي السائد.
لاشكَّ أنّ إشكاليةَ النصِّ الشرعيِّ والتراثَ ليستْ وليدةَ الواقعِ فحسب، بل هيَ إشكاليةٌ تاريخيةٌ، إذ نجدُ بينَ ظهرانينا الآنَ منازعَ شتّى لجماعاتٍ بشريةٍ كلُّ واحدةٍ منها تسعى بكل قوةٍ لتفرضِ قراءاتِها ورؤيتها بناءً على تنّوعِ المشاربِ الفكريّةِ وأدواتِها في البحثِ عن هذهِ المشكلةِ التي ولَّدت اتجاهاتٍ عديدةً ورؤىً مختلفةً عن النصِّ والتراثِ والوعي السائدِ، لذلك ليسَ هناكَ من جوابٍ واحدٍ واضحٍ في هذه الاتجاهات.
لذا صار لزاماً تحليلِ الظاهرةِ التأويليّةِ، وحضورُ النصَّ والتراثِ في الفكر العربيِّ، إذ إنَّ كلَّ مفكرٍ قد بنى موقفَهُ من التراثِ والنصِّ بناءً على المنهجِ الذي تبنّاهُ، محاولاً تأسيسَ رؤيةٍ جديدةٍ مبنيةٍ على منهجيّاتٍ معاصرةٍ في قراءته للنصِّ وفهمِهِ للتراثِ.
وما اقصدُهُ بالتأويلِ هنا هو عمليةُ فهمِ المفكّرِ للتراثِ والنصِّ بمنهجياتٍ معاصرةٍ بما يتّسقُ معَ الواقعِ، أيْ دراسةُ الماضي والنظرُ إليه من خلالِ رؤيةٍ تجديديةٍ، فالتأويلُ يُبنى على القراءةِ بأبعادِها المختلفةِ، وليسَ بوصفِهِ منهجاً مفروضاً على النصِّ، بل يتحدّد معناه بوصفِهِ فهمَ الكاتبِ للنصِّ مهما كانَ المنهجُ الذي يدَّعيه.
كلُّ ذلكَ من أجلِ الوصول إلى هدفٍ رئيسٍ هوَ تبيانُ أهميّةِ التأويلِ، وضرورتِهِ في تشكيلِ أفقٍ جديدٍ للتراث العربيِّ وتجديدِهِ، الذي يحتاجُ من وجهةِ نظرنا إلى الانفصالِ المغلقِ، بغيةَ فهمِهِ عبرَ رؤىً جديدةٍ تتناسبُ وروحَ العصرِ.
ناهيك أن معظمَ الدراساتِ والقراءاتِ في الثقافةِ العربيةِ بتصوراتِها واتجاهاتِها لم تخرجْ عن إطارِ النصِّ وتصديرِهِ على أنّهُ حاملٌ لكلِّ المقولاتِ والتراث، إذ إنَّ معظمَ التوجّهات الحداثويةِ المعاصرةِ قد اتّجهَتْ نحوَ النظرياتِ الغربيةِ في قراءةِ التراثِ، الأمرُ الذي جعلَ من كلِّ المساعي التي تريدُ أن تتبنى منهجاً تأويلياً غيرَ قادرٍ على تجاوز حقل النصِّ، وفي الوقت نفسه ربطِ كلّ التاريخِ الثقافيِّ والفكريِّ والموروثِ العربيِّ بنزولِ القرآنِ واختصارِها بالإسلام.
وعليه فإنَّ التأويلَ ومادّتَهُ المعرفيةَ مازالَ في بداياتِهِ الأولى في فكرنا، ولم يتجاوزْ مرحلةَ التأويلِ الكلاسيكي بعدُ، إذ إن معظم الاتجاهاتُ قد حملتْ نوعاً من التوافقِ المنهجيِّ على ضرورةِ العودة إلى الماضي وإحياءِ الجوانبِ العقليةِ في التراثِ، فكانَ عمله تأويلاً للماضي في أغلب نتائجه وطروحاته، فتأتي الحلولُ حلولاً للماضي الذي انتهى وانقضى. كما أنَّ الاتجاهاتِ الفكريةَ التأويليةَ العربيةَ قد وقعَتْ في مشكلةِ المنهجِ والمركزيةِ الأوروبيّةِ، الذي أُغفِلَ فيها المجالُ التداوليُّ العربّي. كان الأجدرُ الأخذَ بروحِ المنهجِ وفكرِهِ العامِّ ومبادئهِ العلميّةِ، لا الأخذُ بآلياتِهِ التطبيقيةِ والخوضُ به بوصفهِ تجربةً حيةً يمكنُ أن تُعاشَ في واقعنا، وكذلك الأمر عن التراث العربي فهو ليس تراثاً تراكمياً كما صوّرهُ وتعاملَ معهُ المفكّرونَ، ذلكَ نتيجةُ الانقطاع التاريخي الذي مر به الفكر العربي، أما المنهجياتُ المعاصرةُ فقد ظهرتْ نتيجةَ فلسفاتِ الإنسانِ التي لم نخض تجرِبتَها ولم نصلْ إليها بعد.
وأخيراً: إنَّ ما هو جليٌّ وواضحٌ اليومَ في الواقعِ والفكرِ هوُ اللاعقلِ والفكر الظلامي واللاإنسانية التي تهدد وجودِ الإنسانِ، يعودُ سببهُ إلى ظهورِ فكرٍ يدَّعي زوراً أنّهُ يستمدُّ شرعيّتَهُ من النصِّ الديني وتفاسيره، وأنّهُ يطبّقُ شرعَ (الله) على الأرض، مبرراً وجودهُ الطارئَ والمأزومَ من خلالِ الكثيرِ من التأويلاتِ الخاطئةِ التي لا تمتُّ للعقلِ بصلةٍ، ومن خلالِ الفتاوى والاجتهاداتِ التي تدَّعي الدينَ طريقاً وتعبَرُ عن أيديولوجياتٍ قاتلةٍ، وتسوّغُ كلَّ أفعالِها تحتَ مسمياتٍ دينيةٍ، لخدمةِ توجّهاتِها الفكرية واختزالِها واقتصاصِها من مصادرها ومكانها الحقيقيِّ، من أجلِ تدعيمِ  فكرها المتطرفِ. وما كلُّ هذا إلا نتيجةَ أزمةِ تأويلِ التراثِ وقراءاتِ النصِّ وأزمةِ إصلاحٍ دينيٍّ، وفهمٍ زائفٍ وضيقٍ وتعسفيٍّ وللنصِّ الدينيِّ وخطابهِ، والمشكلة تكمن في عدم وجود رادع فكري يدحضها بشكل فعلي وعملي؛ نتيجة إهمال الدراسات الحقيقية والإصلاحية، أو عدم قراءتها وفهمها بالشكل الصحيح. وكلُّ ذلكَ غيبَ الفكرَ التنويريِّ الحرَّ، وهذا يدلُّ على أنَّ معظمَ ما قُدِمَ في الفكرِ العربيِّ الحديثِ والمعاصرِ من قراءاتٍ ومشاريعَ فكريةٍ نهضويةٍ وإصلاحٍ دينيٍّ وتأويلاتٍ، لم يتعدَّ الجانبَ النظريَّ التنظيريَّ؛ فما تفسير ما نشاهدُهُ اليوم من انحطاطٍ روحيٍّ وفكريٍّ وقيميٍّ وأخلاقيٍّ في تشويهِ صورةِ الإنسانِ والدينِ وتقديمِ الخطابِ الدينيِّ بأبشع صوره، فنحنُ نعيشُ أزمةَ تأويلاتٍ وتفاسيرَ ومرجعياتٍ، تجعلُنا بحاجةٍ إلى إعادةِ النظرِ بكلِّ ما حولنا وكلِّ ما سبقَنا وكلِّ ما سيأتي؛ فأيُّ تفسيرٍ وأيُّ تأويلٍ وأيُّ فتوى وأي تشريعٍ وأي دينٍ يبيح قتل طفلٍ، ويشرّعُ سبي امرأةٍ، ويحكمُ بحرقِ إنسانٍ حي؟! من هنا صار لزاماً على المثقّفِ العربيِّ إعادةُ النظرِ في منهجياتهِ وآلياتِ تفكيرهِ وأدواتِ قراءاتِهِ، وانتهاجُ العقل الفعّالِ وليسَ المستفاد، العقلُ التأويليُّ الناقدُ والباني، وتحريرُ التاريخِ من قيدِ الثباتِ والقولبةِ وتبيانُ أباطيلِ تأويلاتٍ وتفاسيرِ مَنْ هم ليسوا من أهل العلم بشيء، وجعلُ الإنسانِ الذات الفرد هوَ الشغلُ الشاغلُ والأساسُ في كلِّ ما نريد.
لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


في معنى العروبة
بقلم: زياد الحافظ

ندوة شبابية للملتقى الشبابي الفلسطيني ومجلس الشباب في جامعة الأمة العربية
بقلم: جامعة الأمة العربية



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب الدكتور عهد كمال شلغين |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//