جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

موقف بعض اليسار من المقاومة | بقلم: منير شفيق
موقف بعض اليسار من المقاومة



بقلم: منير شفيق  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
13-11-2016 - 1594
في مقدمة كارل ماركس للاقتصاد السياسي ينتقد موقف من ينتسبون إلى الفلسفة المثالية، حيث يحكمون على مرحلة تاريخية وفقا لوعيها عن نفسها. ويقول ما معناه: كما أننا لا نحكم على إنسان وفقا لوعيه عن نفسه كذلك لا نحكم على مرحلة تاريخية بناء على وعيها. وإنما الحكم يتأسس على ما يسودها من قوى إنتاج وعلاقات إنتاجية.
لنضع جانبا موضوع قوى الإنتاج والعلاقات الإنتاجية باعتبارهما البنية التحتية، إذ تصيب في مكان وتخطئ في أمكنة أخرى، ولنحاول أن نضع مكانها الكيان الصهيوني الذي أصبح البنية التحتية التي تحكم الوضع في فلسطين في مقابل من تبقى أو تشرد من الشعب الفلسطيني. ومن ثم يصبح الحكم على الوعي، ليس بناء على ما يحمل من وعي وأفكار ومفاهيم عامة وإنما بناء على الموقع الموضوعي في الصراع الدائر على الساحة الفلسطينية.
خذ مثلا مجالات الوعي من جهة، ومجالات ممارسة الكفاح المسلح والصراع المباشر أو غير المباشر مع جيش العدو من جهة أخرى. فهل يمكن لحركة يسارية أو شيوعية في العام 1948 أن تعتبر -كما فعل من أصبحوا "حزب راكاح" لاحقا (الحزب الشيوعي الإسرائيلي) -  قتال الهاغاناه؛ من أجل التحرير والاستقلال فيما المجاهدون الفلسطينيون الذين حملوا السلاح لمقاومة إقامة الكيان الصهيوني اعتبروا بأنهم مثلوا الوعي اليميني والرجعي بتأييدهم الجيوش الرجعية العربية؟ لماذا لأن وعيهم لم يقم على مقاييس المفاهيم اليسارية والشيوعية التي سادت بعد قرار التقسيم سواء أكان في فهم الرأسمالية العالمية أم تقويم الأنظمة الرجعية العربية، أم اعتبار القيادة الفلسطينية "اليمينية - الرجعية المتمثلة بقيادة الحاج أمين الحسيني" وفقا لتقويمهم لها.
فبناء على المقدمة المذكورة أعلاه يتوجب على من يأخذوا بها أن يحددوا اليسار واليمين، أو الثوري والمتخاذل، أو التقدمي والرجعي في فلسطين ليس على قاعدة ما يحمل من وعي، وإنما على أساس من الموقع العملي والسياسي من الصراع ضد إقامة دولة الكيان الصهيوني في فلسطين.
لهذا فإن المعيار الصحيح هو الذي يعتبر من ذهب وعيه إلى تأييد الحرب التي شنتها القوات المسلحة الصهيونية، وأسهم في تسليحها هو "الرجعي واليميني" وحتى المتصهين. ولو كان يحفظ كتاب "رأس المال" أو "البيان الشيوعي" عن ظهر قلب. أما الذي ذهب موقفه إلى محاربة القوات العسكرية الصهيونية في فلسطين فهو الثوري أو اليساري أو التقدمي، أو قل صاحب الوعي الصحيح، حتى لو كان نظريا وفقا لبعض اليسار محسوبا "على  اليمين والرجعية والتخلف" أو ما شئت من نعوت على مستوى الوعي الذي هو زائف في الأغلب حين يأتي إلى فلسطين.
نثير هذا الموضوع لمناقشة الوضع في قطاع غزة على ضوء موقف عدد من اليساريين أو القوميين أو حتى الذين يرتبط وعيهم بالانحياز لأيديولوجية المقاومة والممانعة. ودعك من بعض من يحملون المرجعية الإسلامية أيضا. وذلك بهدف تصحيح الموقف تعزيزا لأوسع وحدة وطنية.
ثمة من يقرأ الوضع في قطاع غزة، ولا سيما المقاومة وقيادتها على أساس أيديولوجي يتوجس من الإسلام أو مواقف سياسية جانبية من القضايا العربية، وليس على أساس الموقف الموضوعي من الصدام المسلح مع جيش العدو الصهيوني. وما يمثل ذلك موضوعيا من موقع ثوري متقدم ضد الصهيونية بالدرجة الأولى وضد حلفائها العالميين.
ولهذا ترى بعضهم يتلكأ عند التعامل مع الوضع في قطاع غزة والذي تقوده حماس وتشارك فيه الجهاد وعدد من الفصائل الفلسطينية المقاوِمة، رافضا اعتباره قاعدة عسكرية متقدمة للمقاومة. والأعجب حين يفرقون بينها وبين المقاومة في جنوب لبنان. وذلك بالرغم من موقع الأولى على الأرض الفلسطينية. مما يوجب في الأقل، المساواة بينهما من حيث الأهمية في تقويم الوضع. فكيف تعتبر المقاومة بقيادة حزب الله مقاومة ولا تعتبر تلك الفلسطينيية بقيادة حماس والجهاد مقاومة؟
فهؤلاء لا يبنون موقفهم على أساس الواقع الموضوعي (وعمليا الذاتي) من الصراع مع العدو وإنما على أساس بعض المواقف التي تتعلق بالوعي أو السياسة العربية. ومن ثم يكادون لا يعترفون بأن حماس والجهاد ومن معهما من فصائل وموقف شعبي في قطاع غزة هم موضوعيا (وذاتيا بالتالي) من يمثلون المقاومة والممانعة في فلسطين. ومن ثم موقفهم يعتبر "ثوريا، وتقدميا"، أو يعتبر وعيها الوعي الأدق والأصح. ومن ثم لا يجوز مساواته، بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالوضع في الضفة الغربية. وهو أصح وعيا من أي وعي آخر حين لا يتخذ موقفا داعما ومؤيدا للوضع القائم في قطاع غزة من حيث كونه القاعدة العسكرية المقاوِمة والمتقدمة في هذا الصراع مع الكيان الصهيوني. ولهذا يخطئ كل وعي لا ينطلق من منهجية إعطاء الأولوية للواقع الموضوعي في الصراع في قطاع غزة. فالوعي الذي يقود للممارسة الثورية التي في مواجهة قتالية ضد العدو الصهيوني هو الأكثر والأعمق وعيا ثوريا في منأى عن وعي آخر. خصوصا إذا تعالى عليه بمقاييس الوعي المجرد.
هذا الانفصال بين الوعي والواقع الموضوعي يقع فيه آخرون، حين يقومون حزب الله والوضع الذي تمثله المقاومة في جنوبي لبنان. فلا يعتبرونه مقاومة بالرغم مما يمثله حزب الله من واقع موضوعي (وذاتي في الآن نفسه) في الصراع ضد الجيش الصهيوني. وذلك حين يغلبون جوانب أخرى في سياسته على واقع مقاومة العدو.
يكفي أن يتابع المرء ما تبديه القيادات العسكرية الصهيونية من قلق إزاء الإعدادات العسكرية في كل من جنوبي لبنان وقطاع غزة، حتى نلمس انفصال الوعي عن الواقع الموضوعي والممارسة.
فكل من يقيم حكمه على أساس من الوعي أو الموقف السياسي العام وليس على أساس الواقع الموضوعي للصراع مع الكيان الصهيوني سيجد نفسه يحكم على فرد ما بناء على وعيه عن نفسه، وليس بناء على ممارسته وموقعه الموضوعي، معيار الصراع الاستراتيجي مع الكيان الصهيوني.
صحيح أن الحكم بناء على الأفكار والمفاهيم والوعي له مجاله ومعاييره كما أهميته القصوى في حالات معينة. ولكن عندما نأتي إلى تقويم مرحلة تاريخية لمجتمع من المجتمعات أو لصراع من الصراعات فإن حدوث انفصال بين الوعي والواقع الموضوعي، وكثيرا ما يحدث، يوجب أن تعطى الأولوية للواقع الموضوعي وتحديد اتجاهات الفعل فيه، وليس لوعيه العام. فعلى سبيل المثال كثيرون لم يستطيعوا أن يدركوا أهمية ثورة بسبب تناقض وعيهم مع وعي قادتها أو قائدها. وذلك بدلا من أن يقوموها بناء على واقعها الموضوعي بأنها ماضية باتجاه التطور التاريخي ما دامت تطيح بالسيطرة الاستعمارية المحددة، أو بمرحلة تاريخية شائخة.
هذا حدث مع أغلب الثورات في العصر الحديث حين أُسس التقدير على إعطاء الأولوية لبعد وطني والموقف السياسي العام، وليس لما هو واقعي وموضوعي ومغير في الواقع الموضوعي بغض النظر عن وعيه في حينه. ويتأكد هذا الخلل في إعطاء الأولوية، حين تراجع المواقف التي اتخذت من الثورات في بداياتها كالتي اتخذت من ثورة كوبا (كاسترو) إذ اتهمت بالأمركة والبعض اتهموا ثورة إيران، و23 يوليو في مصر، وفتح في 1/1/1965 كذلك. وقد تكرر مع ثورتي تونس ومصر 2011، والآن في قطاع غزة وجنوبي لبنان.
هذا الخلل بدوره ينشأ عن وعي يغلب الجزء على رؤية الكل، وبعض الظاهر على الجوهر، ويغلب الوعي (وعيه ووعي غيره) على ما هو موضوعي وواقعي. فمثلا هل هنالك ما هو أكثر موضوعية وواقعية من مقاومة في قطاع غزة تخوض ثلاث حروب كبيرة مع الكيان الصهيوني. وهل هنالك ما هو أكثر موضوعية وواقعية مما يجري في قطاع غزة من حفر أنفاق وتسليح وتدريب وإعداد للمواجهة مع الكيان الصهيوني. فهذا كله ينسى إذا أطلق قائد في غزة تصريحا إيجابيا أو سلبيا، إزاء سياسة دولة ما عربية أو إسلامية أو عالمية، أو إذا أقيمت علاقة ما بدولة عربية أو إسلامية فتتضخم إلى حد يطغى عن كل ما يجري من إعداد للحرب، ومن واقع موضوعي يمثله الوضع القائم في قطاع غزة في مواجهة الكيان الصهيوني ليس بالشعارات وإنما بالصواريخ والأنفاق والكتائب المقاتلة.
وبالمناسبة لو نظر المرء إلى ما يسود من ألوان لا حصر لها للوعي والسياسة في أية مرحلة تاريخية سيعجب للكيفية التي يتشكل فيها الوعي، وكيف يعبر عن نفسه ويقيم حجته، وكيف يصبح مقنعا هنا فيما هو في نظر آخرين في منتهى السخف أو الخطأ، أو الخطر، أو السوء، أو الحماقة
لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


المغرب الاقصى وفلسطين
بقلم: معن بشور

في معنى العروبة
بقلم: زياد الحافظ



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب منير شفيق |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//