جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

علمانية، أم دولة مدنية عادلة!؟ | بقلم: الدكتور محمود حمد سليمان
علمانية، أم دولة مدنية عادلة!؟



بقلم: الدكتور محمود حمد سليمان  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
14-03-2016 / 10:35:51 - 1581
عندما نشأت العلمانية في أوروبة، لم تكن إلا صورة جديدة منقحة لعلمانية المجتمع الروماني الوثني القديم، والتي تعود جذورها الحقيقية إلى عهود ما قبل المسيحية في المجتمعات اليونانية وغيرها من المجتمعات الوثنية القديمة. وهي، وان اكتسبت تنظيراً فلسفياً مادياً جديداً، فان ذلك يعود إلى ما أحاط بها من تحديات وملابسات وظروف مستجدة في الواقع الأوروبي، ويشمل النواحي: الدينية والاجتماعية والتنظيمية.. وفي طليعة تلك الملابسات والظروف، وجود سلطة كنسية كاثوليكية (طبقة الإكليروس) مارست القهر والتعسف باسم الدين، وأعلنت الحرب على العلم والعلماء والمتنورين بالاعتماد على الشعوذات والخرافات والأساطير، وصكوك الغفران. ومن هنا، نشأت إشكالية كبيرة بين الكنيسة (طبقة الإكليروس) من جهة، وبين العلم والعلماء من جهة أخرى.. وكانت العلمانية ردة فعل عارمة على الدين وأهله.. دون أن يحسب العلمانيون حساباً دقيقاً يميزون فيه بين جوهر الدين وممارسات رجاله المتمثلة برجال الاكليروس ذوي المصلحة في استمرار التسلط والنفوذ والسلطة.. فكانت العلمانية، ومنها الزواج المدني، في الأصل والأساس، حلاً للمشكلة القائمة بين الطرفين ( العلم والكنيسة) دون سائر المشاكل الأخرى في الدولة والمجتمع .
فهل نعاني نحن، في شرقنا العربي، ولبنان منه، من المشاكل نفسها التي عانت منها أوروبة ، حتى نستطيع القول: إن المشاكل نفسها في الظروف نفسها، تستوجب الحلول نفسها .. !؟
هل أفرزت المسيحية في الشرق وكنيستها، طبقة متحكمة متسلطة، حاربت العلم وأهله ومدارسه ونظرياته؟؟ وهل أنتج الاسلام طبقة من هذا النوع، أو كان له موقف من العلم شبيه بما كان يجري في الغرب باسم الدين زوراً وبهتاناً وإرجافاً .. !؟
وهل صحيح أن تطبيق العلمانية، بما فيها الزواج المدني، يحل أزمات التخلف والطائفية والتبعية ..!؟
إنها أسئلة تطرح نفسها اليوم، وتحتاج إلى إجابات واضحة ودقيقة، نستند فيها الى العقل والمنطق وقوانين علم الاجتماع، بكل هدوء وروية وتمعن، بعيداً عن الارتجال والغوغائية والتقليد الأعمى...
يرى بعض الناس أن إطلاق قانون مدني للزواج يخلصنا من الأزمة الطائفية ومرضها الذي يعاني منه مجتمعنا.. وكأن ايرلندة، وهي الدولة الغربية، تخلصت من هذا المرض بالعلمانية المطبقة فيها منذ زمن بعيد..!!
أو كأن غياب الزواج المدني أدى الى الحروب الأهلية في المنطقة منذ ما يزيد على قرن ونصف ..!؟
وفي حين يرى البعض، أن الزواج المدني يؤدي الى وحدة الولاء للوطن والأرض.. فإن آخرين إجتهدوا، و"فكّروا مليّاً"، فوجدوا فيه طريقاًَ الى التقدم والازدهار و"العصرنة" وخطوة أولى للخلاص من التخلف والتبعية للخارج.. وفي ذلك جهل، ما بعده جهل، بحقائق التاريخ والجغرافية وعلم الاجتماع
ففضلاً عن أن العلمانية، ومنها الزواج المدني، حل لمشكلة غير موجودة، في بلادنا على الأقل، فإن حقائق التاريخ، وتجربتنا الحضارية الطويلة، تبيّنان لنا أن المسلمين والمسيحيين عاشوا أكثر من عشرة قرون وهم يطبقون قوانين الزواج الشرعي دون أن يحدث عندهم ما يدعو إلى التفرقة والتعصب والطائفية البغيضة.. ودون أن يتحوّلوا إلى شلل وفرق، تابعة لهذه الدولة الكبرى أو تلك.. وظلوا يسيرون بخطى ثابتة على طريق التقدم والحضارة، دون أن يفتّت من عضدهم ووحدتهم، مواجهتهم الموحدة للفرس والبيزنطيين والمغول والتتار والصليبيين.. وذلك منذ القرن السابع، وحتى القرن الثامن عشر الميلاديين ..
إن الطائفية التي سعّر نيرانها الاستعمار الغربي والتركي في بلادنا.. لم تكن بسبب قانون الأحوال الشخصية.. وانما لأسباب لم تعد خافية على أحد. وكذلك فإن الحرب اللبنانية لم تكن بسبب هذا القانون، وانما بسبب التدخل الخارجي، الذي وجد أرضه الخصبة، بالظلم الداخلي: الاجتماعي والسياسي والمناطقي، والذي مورس بوحشية لعهود وعقود خلتْ ...
إن حل المشكلة الطائفية يكون بإلغائها.. وليس بقانون يفكك تضامن الأسرة، والذي هو جزء من تضامن الوطن الذي يريدون له الغرق في الفساد والانحلال والفوضى .
أما التبعية والتخلف، فإن حلَّ مشكلتهما لا يكون بزواج مدني أو بعلمانية لا مبرر لها.. وإنما يكون بقيام نظام عادل ومتوازن، ومنبثق من إرادة شعبية حرَّة. ولنا في تركية برهان على ذلك، فقد أخذت بنواصي العلمانية، منذ مطلع القرن العشرين، فهل أصبحت تركية، اليوم، في مصافي الدول المتحررة والمتقدمة والراقية..!؟
إن العلم يفرض أن نشخص المشكلة ثم نعالجها.. والتجربة توضح لنا، أن البديل عن دولة حقوق الطوائف، هو، إقامة دولة حقوق المواطن.. وعلم الأولويات يحتّم علينا الاهتمام بعشرات آلاف الشباب الذين لا يجدون مسكناً يأوون إليه، أو عملاً يعيشون منه، أو مستشفى يتخلصون منه من آلامهم وأوجاعهم ..
إن المرء في لبنان، ليكفر بالنظام الطائفي مرات ومرات.. على الأقل، مرة عندما يشاهد الحرمان والإهمال وقد خيّما في قرى عكار والهرمل والأحياء الشعبية لغير منطقة ومدينة.. ومرة عندما يرى هذا الإلحاح في تطبيق قانون الزواج المدني، بينما قانون الانتخابات نائم في الأدراج، والله وحده يعرف متى يبصر النور ..!! ومرة ثالثة عندما يجد أن، من المقدسات، توزيع المناصب والوظائف والمغانم على أساس طائفي، ومرات ومرات. عندما لا يجد عدلاً. لا في الوثنية القديمة، ولا في الوثنية الحديثة ..!!
أما مثل المتحمسين للعلمانية في بلادنا فأشبه ما يكون بذلك الرجل الذي وقف يهتف بالمتظاهرين : فليسقط وعد بلفور .. فظنوه يقول : فليسقط واحد من فوق .. وراحوا يرددون وراءه .. فليسقط واحد من فوق .. ورغم الحماسة المفرطة للهاتف والمرددين ، فلا وعد بلفور سقط .. ولا سقط واحد من فوق .. كالسقوط المريع للعلمانية من علو شاهق انتحاراً .. في التربة الشعبية العربية
خلاصة القول : إن العلمانية حل لمشكلة ليست موجودة عندنا .. ولا حاجة لنا بدواء ليس له داء .. حتى ولو مهما حاولنا بها توفيقا وتلفيقاً وتعديلاً .. إنما نحن بحاجة ماسة لدولة " مدنية " تقيم العدل والحرية والوحدة على صروح متينة وواضحة وثابتة ...
عكار . لبنان
.....................................................................
* نشرت في جريدة النهار اللبنانية ، الثلاثاء في 3 آذار ، 1998م.
لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


رسالة إلى مسيحينا..... !!! ....اخرجوا من أوطانكم ....!!!
بقلم: ونسة سليمان الأسعد

سورية وجنيف 3: ضبط الإيقاع وتبديد أوهام المعتدين
بقلم: العميد د أمين محمد حطيط



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب الدكتور محمود حمد سليمان |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//