جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية المقاومة القانونية | توثيق جرائم الصهيونية

القضية الفلسطينية و طوفان الأقصى في عالم متغير | بقلم: الدكتور حسن زيد بن عقيل
القضية الفلسطينية و طوفان الأقصى في عالم متغير



بقلم: الدكتور حسن زيد بن عقيل  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
29-10-2023 - 232

حركة حماس هي إحدى القوتين السياسيتين الرئيسيتين في الأراضي الفلسطينية. والأخرى هي حركة التحرير الوطني الفلسطيني ” فتح ” ، وهي منظمة علمانية، تبنت الكفاح المسلح على غرار الحركات اليسارية الأخرى. في عام 1974، اعترفت القمة العربية بحركة فتح باعتبارها ” الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني”. خلال هذه الفترة ، كانت جماعة الإخوان المسلمين تنشط في الأراضي المحتلة و تجنبت الصراع المسلح وكرست نشاطها للعمل من أجل مجتمع أكثر تدينًا (إسلاميًا). اعترفت إسرائيل بالجماعة الإسلامية كمنظمة خيرية وسمحت لها بالعمل بحرية. واعتبرت إسرائيل الجماعات الإسلامية وسيلة لإضعاف نفوذ منظمة التحرير الفلسطينية (العلمانية) . كما اعتبرت السكان الفلسطينيين الخاضعين لسيطرتها مسالمين إلى حد كبير ومصدرًا رخيصًا للعمل اليدوي داخل إسرائيل . وهكذا واصلت إسرائيل توسيع المستوطنات اليهودية في غزة والضفة الغربية ومصادرة الأراضي العربية. ولم تكن في حسابات إسرائيل أن الجماعات الإسلامية لديها حسابات أخرى ، تشكيل وبناء بيئتها الخاصة. بعد ذلك أسسوا الجامعة الإسلامية في غزة، التي أصبحت أرضاً خصبة لتوسيع حاضنتهم الاجتماعية. و اخيراً أدركت إسرائيل هذا الخطأ مع انتفاضة الشباب الفلسطيني(الانتفاضة الأولى عام 1987) والتي تكللت بالنجاح ، وكان من نتائجها :

أولاً، ساعدت الفلسطينيين على تأسيس هويتهم بشكل مستقل عن الدول العربية المجاورة وأجبرت إسرائيل على الدخول في مفاوضات معهم.

ثانياً، عزز دور عرفات في التوصل إلى اتفاقيات مع إسرائيل. بداية من عملية أوسلو للسلام عام 1993، التي كان هدفها تحقيق “حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير”. رغم أن إسحق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، لم يقبل مبدأ الدولة الفلسطينية. أنشأت اتفاقيات أوسلو السلطة الوطنية الفلسطينية وضمنت حكمًا ذاتيًا محدودًا على أجزاء من الضفة الغربية و قطاع غزة . شريطة أن تؤدي المفاوضات اللاحقة إلى حل القضايا الأخرى ، مثل وضع القدس ومستقبل المستوطنات الإسرائيلية وحق العودة لملايين الفلسطينيين . ووفقا لاتفاقيات أوسلو في يوليو 1994، عاد رئيس منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك ، ياسر عرفات، إلى غزة. ومن مخيم – جباليا قال : ” دعونا نتحدث بصراحة. هذا الاتفاق قد لا يلبي تطلعات البعض منكم ، لكنه كان الحل الأفضل الذي يمكن أن نحصل عليه في ظل الظروف الدولية والعربية الحالية “. صحيح أن الموقف التفاوضي لمنظمة التحرير الفلسطينية مع تل أبيب كان في ذلك الوقت ضعيفاً.

ثالثا، بعد الانتفاضة مباشرة، استغل الشيخ أحمد ياسين (شخصية كاريزمية عاش في غزة) حيوية الجماعة الإسلامية خلال الانتفاضة وأسس حركة حماس.
ساهم تعثر مفاوضات السلام عام 2000 في اندلاع الانتفاضة الثانية (28 سبتمبر 2000 وتوقفت فعلياً في 8 فبراير 2005). هي تختلف عن الانتفاضة الأولى حيث شاركت فيها حماس وفصائل أخرى . ولذلك، كانت التداعيات السياسية للانتفاضة الثانية كبيرة، منها تصلب المواقف الإسرائيلية وبناء الحواجز في الضفة الغربية. وأخيراً اضطر رئيس الوزراء أرييل شارون إلى التصريح علناً بأن إسرائيل لا تستطيع الاستمرار في احتلال الأراضي الفلسطينية، ولكنه لم يقل إن البديل هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة. ثم اتخذ شارون قرار ” فك الارتباط ” مع الفلسطينيين في صيف عام 2005 مع إغلاق المستوطنات الإسرائيلية في غزة وأجزاء من شمال الضفة الغربية.
كان الوضع في غزة منذ فك الارتباط مثيراً للجدل، حيث تدعي إسرائيل أنها لم تعد محتلة للقطاع ، بينما تدعي الأمم المتحدة عكس ذلك بسبب استمرار سيطرة إسرائيل على المجال الجوي لغزة والمياه الإقليمية، فضلاً عن الوصول إلى القطاع.
وفي عام 2006، أصبح من الصعب تبرير أو إخفاء الفساد والركود السياسي الذي كانت تعاني منه حركة فتح الحاكمة في ذلك الوقت. وأجريت الانتخابات التشريعية الفلسطينية في ذلك العام وفازت حماس. وتم تعيين زعيم حماس إسماعيل هنية رئيسا للوزراء.
أدت نتائج الانتخابات إلى تدهور العلاقات بين حماس وفتح وفشل الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية. بعدها قادت حماس حركة مسلحة للإستيلاء على غزة . بينما حافظت حركة فتح على سيطرتها على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ، ولم تُعقد أي انتخابات منذ ذلك الحين . وفي ظل الخلافات الفلسطينية الداخلية، بدأت إسرائيل اعتقال أعضاء من حركة حماس وفرضت عقوبات على غزة . واصلت حماس مهاجمة إسرائيل من غزة ، في المقابل فرضت إسرائيل حصارا مشددا على غزة مما ساهم في تدهور الأوضاع المعيشية وتفاقم الفقر.
موقف المجتمع الدولي كان ولا يزال سلبيا ، فقد دعم رسميا حل الدولتين، لكنه لم يقدم شيئا ملموسا، وعلاوة على ذلك صرح بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل الأطول خدمة، مرارا وتكرارا أنه لن يقبل أبدا بحل الدولتين. وواصلت الحكومة الإسرائيلية تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني وتكريس كافة أشكال الفصل العنصري في الأراضي المحتلة حتى طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023.

لقد كشف طوفان الأقصى عن هشاشة وضعف الكيان الإسرائيلي ، وقدم القضية الفلسطينية بشكل مختلف عما كانت عليه عام 1993 خلال مفاوضات أوسلو للسلام . حينها كان الموقف التفاوضي لمنظمة التحرير الفلسطينية مع تل أبيب ضعيفا وانتهت المفاوضات باتفاقيات أوسلو الضعيفة . وهو ما اعتبره بعض الفلسطينيين البارزين شكلاً من أشكال الاستسلام . و الآن طوفان الأقصى سوف يخلق موقف تفاوضي مستقبلي قوي و سيجعل تل أبيب في موقف أضعف هذه المرة . كما أعادت عملية ” طوفان الأقصى” زخم القضية الفلسطينية في الأجندة الإقليمية، وأنهت احلام تل أبيب في قرب إعلان ” الموت الإكلينيكي ” للقضية الفلسطينية. نتيجة فيضان الأقصى، فرضت معطيات جديدة جعلت من القضية الفلسطينية موضوعا [رقم 1 مهم ] . لا يمكن تجاهله في حسابات المشاريع الإقليمية المرتبطة بالاتجاهات الجيوسياسية الجديدة في العالم المتغير. إن المرارة والكراهية، وكذلك اليأس الفلسطيني من استخفاف الدول العربية بالقضية الفلسطينية ، فرض على كل محور مقاومة ” قطاع غزة ” البدء بعملية ” طوفان الأقصى ” ، وهي تدرك جيداً أن رد إسرائيل وحلفائها سيكون كارثياً على قطاع غزة.
طوفان الأقصى في عالم متغير
في يونيو 2023 ، استضاف الرئيس الصيني شي جين بينغ الرئيس الفلسطيني في بكين ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارة دولة رسمية. وافق بنيامين نتنياهو، وكانت الصين تتجه نحو دور أكبر في المنطقة. لكن عملية “طوفان الأقصى” قلبت طموحات الصين في الشرق الأوسط . وأثار إعلان الصين الحياد تجاه ” طوفان الأقصى” مخاوف في إسرائيل . واتصل وزير الخارجية أنتوني بلينكن، أثناء سفره في الشرق الأوسط ، بوزير الخارجية الصيني وانغ يي، ليطلب من الصين استخدام كل نفوذها في المنطقة لمنع دول ومجموعات أخرى من الدخول وتوسيع الصراع. ومن المعروف أن لها علاقات تجارية وسياسية وثيقة مع إيران التي تدعم بدورها حماس وحزب الله اللبناني. وكان هذا أول اتصال رفيع المستوى بين الولايات المتحدة والصين بشأن الوضع في الشرق الأوسط منذ ” طوفان الأقصى ” .
تريد بكين الحفاظ على توازن دقيق في سياساتها ، ووضع نفسها كوسيط وممارسة نفوذها في المنطقة. لكن توفيا جيرينج ، الباحثة في مركز السياسة الإسرائيلية الصينية في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، وصفت موقف بكين بأنه “حياد مؤيد للفلسطينيين ” ،وهو يشبه إلى حد كبير موقفها من غزو الاتحاد الروسي لأوكرانيا دعماً للكرملين.
تعتقد إسرائيل أن الصين تحاول الحصول على مزايا جيوسياسية وأن هذا النهج الصيني يخاطر بتنفير إسرائيل. لكن قد يكون ذلك مفيدًا في نهاية المطاف لبكين .
وبالفعل، إذا نظرنا إلى القضية في ضوء ما نتج عن الحرب في أوكرانيا و” طوفان الأقصى ” ، فيبدو أن الزعيمين الروسي والصيني يقتربان من بعضهما البعض، وينعكس ذلك في شكل المنافسة الإقليمية والدولية مع الولايات المتحدة وحلفائها. الآن نرى وصول بوتين إلى بكين في أول رحلة خارجية له منذ إعلانه مطلوبا من قبل المحكمة الجنائية الدولية بسبب الحرب في أوكرانيا، وهو مؤشر قوي على هذا التقارب والثقة ، وانتقادهم لتصرفات إسرائيل ردا على عملية الطوفان الأقصى ودعوتهم لوقف إطلاق النار هي شكل آخر من أشكال التقارب ، يهدف إلى خلق موقف يوضح قيادتهما العالمية كبديل للهيمنة الأمريكية المنحازة لإسرائيل، ويأخذ في الاعتبار التوازن والمصالح في التعامل مع الأزمات الدولية ، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط ، وبالذات في القضية الفلسطينية .

علاوة على ذلك، فإن الدعم الأميركي لإسرائيل سيعطي الصين الفرصة لتوسيع مبيعات الأسلحة الصينية إلى الدول العربية غير الراضية عن السياسة الأميركية، لكن الصين تريد أيضاً حل الأزمة لحماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة. وبمرور الوقت يزداد إنغماس الصين في الشرق الأوسط بسبب هذا الصراع. وستلعب بكين دوراً أكبر في الجهود المبذولة لإنهاء الحرب وتأمين مصالحها الاقتصادية ، فضلاً عن رغبتها في الاستفادة من إحباط الدول العربية من الولايات المتحدة لترسيخ نفسها كقوة عظمى في المنطقة.


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//