جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية علوم وتكنولوجيا

بين الأرض والسماء | بقلم: الدكتورة سناء الشامي
بين الأرض والسماء



بقلم: الدكتورة سناء الشامي  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
13-08-2023 - 251

أغلبكم صفق للعولمة و فرح بتكنولوجيا انترنت و الموبايل دون أن يتعقل أو ينقد أو يفهم ما ينتظره…دخول عصر العولمة من دون استعدادات، ومن دون أجندة جماعية أو وطنية للتعامل مع التحديات والمخاطر الجديدة كشفت المستور. جاءت عولمة العالم العربي من الخارج، على شكل ضغوط متزايدة ومتعددة الاشكال والأهداف، قلصت من هامش الاستقلالية والمبادرة العربية الإقليمية، وعملت على تصدع
الكتلة العربية وتفاقم أزمة النظم السياسية و تفتت المجتمعات.
وقد تجلى هذا التصدع في تراجع مشاريع التكتل العربي الخاصة التي عملت عليها خلال نصف قرن في إطار الجامعة العربية، لصالح مشاريع التكتل المقترحة من الخارج، وأخرها مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أطلقته الإدارة الأمريكية. و الذي يعني توسع دائرة الحروب الإقليمية والوطنية والأهلية وانتشار العنف والإرهاب على أوسع نطاق. و هذا أدى إلى تدويل السياسات الأمنية العربية، القومية والقطرية، والعودة بالمنطقة إلى ما قبل الحقبة الوطنية، مع إعادة نشر القواعد العسكرية وتوقيع اتفاقيات الحماية والوصاية الخارجية، وفي النهاية حرمان العالم العربي
أي إرادة ذاتية أو قرار مستقل.
وبالمثل، قادت الضغوط السياسية إلى تفريغ النظم الوطنية من محتواها الاجتماعي والسياسي والثقافي. وعمل التفاهم بين النخب الحاكمة العربية، والدول الكبرى الغربية صاحبة النفوذ منذ السبعينات، على ولادة نظم تسلطية وأنماط حكم وإدارة تعمل خارج قواعد السياسة والقانون ومعايير العقلانية الحديثة، وتتعامل مع الموارد الوطنية كما لو كانت ملكا خاصا بها. مما نشر الفساد وأشاع الفوضى الاقتصادية والسياسية والإدارية وزاد من انتشار ظواهر الفقر والبطالة والتفكك الاجتماعي و تفسخ في نظام العلاقات المدنية، فتخلت المجتمعات عن الرابطة الوطنية لحساب العلاقة الطائفية
والعشائرية والعائلية، فالجميع اليوم يعيش أزمة الهوية، و الكثير من حكام العالم و خصوصاً العربي و الأفريقي، المستقرة أمورهم و الغير مستقرة منشغلون بالدفاع عن عضويتهم في نادي الأثرياء الذين يحكمون العالم، و منهمكون بإرضائهم كي يضمنوا بقائهم بالسلطة…نحن نعلم بأن تحديات الأمن السيبيراني كثيرة و مستمرة و متشعبة، فهل نستطيع أن نواجه هذه التحديات إن لم نهزم التفتت و عدم الأمن الإقتصادي و المعيشي، الإجتماعي، السياسي، الثقافي و التعليمي الذي تعيشه الكثير من دول المنطقة العربية و الأفريقية؟ في ظل هذا الواقع المهمّش فأن هذه الدول في عرضة مستمرة للإختراق و لحملات التضليل رغم تقدم بعضها في منظومة الأمن السيبيراني. للحديث عن الأمن السيبيراني، لابد من الحديث أولاً عن هذا العالم العملاق للإنترنت، فهو ظاهرة أمريكيه تخضع للمصالح الجيوسياسية للقوة العظمى. تم تطوير الإنترنت من قِبل أفراد، لكنه ولد عام ١٩٦٩ في البنتاغون، أي في القلب العسكري للولايات المتحدة الاميركية ، و لا يزال يعمل لخدمة الإحتياجات الإستراتيجية للبلاد. عمالقة الإنترنت مثل غوغل، ياهو، فيسبوك، توتير وغيرهم، هم فقط مصنّعين للتكنولوجيا و ليسوا بمالكيها، فشهادات البراءة ليست ملكهم بل هي ملك الدولة الأمريكية. حتى البرامج التي تسمح بتشغيل الشبكة عن بعد هي برامج أمريكيه، أيضاً وادي السيلكون هو جزء لا يتجزأ من الدولة الفيدرالية و يزود آمريكا بالمخططات الذكية و بكميات هائلة من البيانات: ٨٩٪؜ من البشر تدخل إلى عالم التواصل الإجتماعي من خلال منصات أمريكية لتروي تفاصيل حياتها، هواياتها، أفكارها و مزاجها…كل ما يعرضونه على هذه المنصات عن أنفسهم يتم جمعه عن طريق المعالجة الدقيقة لبرمجة الإنترنت، بعد ذلك وكالة المخابرات الأمريكية تحصل على هذه البيانات ثم يتم غربلتها، و الغاية من ذلك هو فهم الإتجاهات العالمية و إتجاهات الدول من خلال مشاعر مواطنيها، ثم تقوم الدولة الأمريكية بتوظيف جميع التفاصيل لتسهيل تحركاتها و إستغلال من تشاء لصالح مخططاتها. في عمليات التجسس ، لا يتم جمع البيانات مباشرة عن طريق الأمن القوم، و لكن يتم من قِبل مكتب التحقيقات الفيدرالي الموجود في القاعدة العسكرية كوانتيكو، في ولاية فيرجينيا، هذا المكتب يعترض البيانات من خلال وحدة تكنولوجيا على أساس قانون مراقبة الإستخبارات الأجنبية ، ثم تُنقل عبر ألياف بصرية عالي السرعة إلى مقر وكالة الأمن القومي في فورت ميد بولاية ماريلاند. إعتراض حركة البيانات المنقولة من خادم إلى آخر من قِبل وكالة الأمن القومي أدى إلى الإنتقال من التجسس إلى التخريب عن طريق المخابرات. هذه الوكالة تجسست على المواطنين الأمريكيين أنفسهم و على الأجانب المقيمين، و ذلك من ٢٠٠١ إلى ٢٠١١، كذا في فترة ٢٠٠٦ إلى ٢٠١٢ تجسسوا على الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي، جاك شيراك و فرانسوا آولاند. يُخطئ من يعتقد بأن عمالقة الإنترنت لهم حرية القرار، فحريتهم تخضع للبرلمان الأمريكي الذي يقيدهم بقوانين الإحتكار و الخصوصية (anti trust and privacy)
من يتحكم اليوم في الكابلات و الأقمار الصناعية في العالم، هو سيد القرار، و دور الحكومات في هذا صار هامشياً. غوغل، فيسبوك و مايكروسوفت في توسع في قارة إفريقيا، و هذا يعني توسيع النفوذ الأمريكي من خلال الكبلات و توفير الوصول إلى خدمات الإنترنت لملايين الأفارقة، حتماً سيزيد من سيطرة واشنطن الغير مباشرة على البيانات و البنية التحتية للإنترنت. هل أصبحنا نحن البشر وسيلة دفق للبيانات؟ هل حقاً يستطيع العرب أن يحموا أنفسهم من هذا الإختراق التكنولوجي ما دام من يصنع الأمن السيبيراني هم أول القادرين على إختراقها؟
جميع الدول العربية تم إختراقها من عشرات الثغرات في خلال مواطنيها أو مؤسساتها الفاسدة، إذاً إن لم يستطيعوا حماية أنفسهم على الأرض حيث توجد القوانين و الجيوش و المخابرات، كيف يحمون أنفسهم في الفضاء الذي ليس لديهم أية سيطرة عليه؟ الدول العربية تواجه اليوم أزمات عدة سببها نقص الماء و الكهرباء، أليس من الأجدر حل هذه الأزمات أولاً؟ أليس من الغريب أن نتحدث عن انترنت بغياب الكهرباء؟ أليس من السخرية أن ندافع عن أنفسنا في الفضاء الذي لا حدود تحكمه، و ما زالت الحدود الجغرافية التي رسمها الإستعمار سابقاً تحكمنا و تضعفنا؟ الإرهاب الكيمائي، البيولوجي، الإشعاعي و النووي، أليسوا أفظع خطراً من الإرهاب السيبيراني؟ هل يمكن ألعرب أن تصنع شبكة خاصة بهم، و هم لم يبدؤوا بعد لرقمنة اللغة العربية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالهوية؟ ماذا تختلف الثورة الصناعية الرابعة عن ما سبقها من ثورات صناعية بالنسبة العرب، ألم يكونوا فقط سوق إستهلاكية لكل ما أنتجته هذه الثورات الصناعية؟ عندما تجيب الدول العربية على هذه الأسئلة ستبدأ نمو قوتها، فمن لا يتحكم بأراضيه، كيف له أن يتجنب خطر الفضاء. القدرات كثيرة، و لكن لماذا لا يطبقوا ما علمّونا إياه في المدارس، ألا و هو الوحدة قوة؟!

 


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//