جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

اشكاليات تعريف "الأمة الاسلامية" | بقلم: الدكتورة صفية سعادة
اشكاليات تعريف "الأمة الاسلامية"



بقلم: الدكتورة صفية سعادة  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
12-04-2022 - 1833

ترد جملة «الأمّة الإسلامية» في أغلب الكتابات والخطب العربية من دون تفسير ماهيتها، ويتبادر إلى ذهننا العديد من الأسئلة التي هي بحاجة إلى أجوبة من أجل البحث العلمي الذي يفرض قواعد تحديد المفاهيم.

كلمة «الأمّة» في الإسلام ليست مرادفاً لمعنى «الأمّة الحديثة» (nation-state)، بالتالي تثير لغطاً حول مضمونها، فهي لا تعني أرضاً جغرافية محددة، ولا إثنية خاصة بها كالدين اليهودي مثلاً، بالتالي التعريف الوحيد لـ«الأمّة الإسلامية» هو جماعة المسلمين حيثما وجدوا، لا رابط بينهم إلا الدين الإسلامي كرسالة روحية لا علاقة لها بمسار الدول الحديثة، أو مصير شعب معين، بالتالي استحالة دراسة هذه الأمّة بشكل علمي كونها لا تتناول منطقة جغرافية محددة.

فنحن نستطيع أن ندرس، مثلاً، تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام، أو بعد الإسلام، لأنه يتناول دولة واضحة المعالم جغرافياً، يعيش ضمن حدودها مجتمع ذو حضارة خاصة به، إذ لا مجال لكتابة التاريخ، أي تاريخ، من دون تدوين الزمان والمكان، وإلا أصبح منفصلاً عن الواقع الموضوعي. لذلك أي حديث حول «الأمّة الإسلامية» عليه أن يحدّد زمان ومكان هذه الأمّة، وإدراج «الأمّة الإسلامية» من دون تحديد جغرافيتها يعني إخراجها من التاريخ بشكل كامل. فماذا تعني عناوين مؤتمرات كـ«الإسلام والغرب»؟ أو «الأمّة الإسلامية وأوروبا»؟ نستطيع مقارنة الإسلام بالمسيحية أو البوذية أو الهندوسية، لكن كيف نقارن بين مفهوم ديني وبقعة جغرافية؟

علاوة على ذلك، يتم تناول موضوع «الدولة الإسلامية» من دون تحديد هوية الشعب الممسك بسلطتها، وكأن هذه الدولة الإسلامية تؤمّن المساواة التامّة بين شعبها والشعوب المسلمة الأخرى التي تسيطر عليها. هنا أيضاً تعمية للتناقضات الناتجة من رؤية كهذه. فالثورة ضد الكنيسة الكاثوليكية في نهاية القرون الوسطى حصلت لأن شعوب أوروبا رفضت سيطرة روما عليها بالرغم من أنها كانت تدين بالمسيحية!

تصح مقابلة الشرق والغرب بشكل عام، وكذلك تبيان مقارنات بين الأديان على صعيد الكتب المقدسة، لكن حين ندرس حقبات تاريخية، فنحن في الحقيقة لا نعاين أدياناً بل مجتمعات، ونظرتها إلى نفسها كما نظرتها إلى الآخرين، ومن ضمنها تراثها الديني الذي هو جزء منها. إذ لا وجود لإسلام من دون مسلمين، ولا وجود لمسيحية من دون مسيحيين، ويتم فهم الدين بحسب درجة تطوّر المجتمع المتواجد فيه هذا الدين؛ فإذا كان المجتمع متطوّراً نظر إلى دينه بشكل راقٍ، أمّا إذا كان المجتمع متخلّفاً تحوّل دينه إلى خرافات، أو أداة للقمع، أو التكفير، أو القتل، انسجاماً مع البيئة التي نشأ فيها. فلا أحد يستطيع أن يقرأ كتاباً من دون عينين، والعيون دائماً ملوّنة بلون بيئاتها.

وليس أدل من ذلك حضارة الإمبراطورية المسيحية في القرون الوسطى، التي سيطرت فيها شعائر الجن والشعوذة ورفض العلم، واحتقار المعرفة، وقتل العلماء واضطهادهم باسم الدين المسيحي الذي ادعى استحواذه على كل أشكال المعرفة، بينما اختلفت نظرة الخلافتين الإسلاميتين، الأموية وأوائل العباسية، عن المنحى الغربي إبّان سيطرة الكنيسة المسيحية على أوروبا، وفصلت تماماً بين الدين والعلم بما فيه إدارة الدولة، فكانت الدواوين، وترجمات الكتب الإغريقية والفارسية للاستزادة من المعرفة. ولم يعتبر أحد آنذاك أن الترجمة، أو دراسة الفلسفة والعلوم، توازي الكفر بالدين. هذه النهضة العربية إبّان هاتين الخلافتين كانت نتيجة تطوّر المجتمع العربي واحتكاكه عبر الفتوحات الإسلامية بحضارات متقدّمة كبلاد فارس، والهند، ما أدّى إلى رؤية منفتحة تجاه الدين، وحدود الدين، فتم اقتباس الرياضيات والطب من الفرس، والأرقام والتصوّف من الهند، فيما أرقام منطقة الهلال الخصيب انتقلت إلى أوروبا حيث لا تزال سائدة.

لم ينحدر هذا المنحى إلا مع دخول الأتراك الجيش، وهيمنتهم على بغداد في عصر الخليفة العباسي الرابع المتوكل، الذي رفض أي تأويل أو تفسير للنص القرآني، واضطهد العلماء، وحرق كتبهم، ومنع تدريسها على أساس أن جل المعرفة في القرآن. ومنذ ذلك الحين تبادلت الإمبراطوريتان المسيحية والإسلامية الأدوار؛ ففيما باشرت دول أوروبا تأسيس نهضة علمية بعيداً من التأويلات الدينية مع نهاية القرون الوسطى، تبنّت المؤسسات الإسلامية في العالم العربي النظرة المسيحية القروسطية الرافضة للعلم والمعرفة خارج النص الديني، وتم إرجاع مجمل الويلات التي أصابتنا إلى عدم التزامنا بالدين الإسلامي.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


حكام وشعوب أوروبا الى أين ؟
بقلم: الدكتور محمد رقية

هل تلتحق فنلندا بأوكرانيا؟
بقلم: الدكتور خليل حسين



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب الدكتورة صفية سعادة |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//