جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

الإرهاب الاقتصادي الأميركي كنموذج لإرهاب الدولة | بقلم: د. علي مطر
الإرهاب الاقتصادي الأميركي كنموذج لإرهاب الدولة



بقلم: د. علي مطر  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
13-06-2020 - 1227

قلما يتم الحديث عالمياً عن إرهاب الدولة، الذي يعد أخطر أنواع الإرهاب. تتغاضى الدول عن التطرق إلى هذا الإرهاب لأسباب سياسية مريبة، بالرغم من أن خطورته تفوق كثيراً ارهاب الأفراد ـ الجماعة، إلا أن المعايير المزدوجة لدى الغرب تجعل الدول الكبرى تمنع التعريج إلى تعريف إرهاب الدولة من قبل المنظمات الدولية. وقد رفضت الولايات المتحدة الأميركية ودول الغرب تعريف إرهاب الدولة وذكره من ضمن أنواع الإرهاب الذي تطرق إليه مجلس الأمن والمؤتمرات الدولية مع أن الدول النامية طالبت وتطالب بتعريفه بشكل مستمر، لكن الرفض الأميركي كان سباقاً دائماً، لأمور تتعلق بالسياسة الأميركية والاستمرار في استراتيجياتها الإرهابية من خلال سياستها الخارجية وحروبها وغزواتها.

يشكل إرهاب الدولة جزءاً لا يتجزأ من الحروب التي تشنها الإدارة الأميركية وحلفاؤها على الشعوب، خاصةً في منطقة الشرق الأوسط. وتعد أميركا أحد أكثر الدول إرهاباً في العالم، لا بل إنها تتفرد في القرن الواحد والعشرين إلى جانب حلفائها وعلى رأسهم "إسرائيل" والسعودية بإرهاب الدولة. لكن المشكلة أن الحديث عندما يتعلق بالإرهاب يكون من خلال الإشارة إلى أعمال العنف والقتل والتسبب بالجروح البليغة لأسباب سياسية أو دينية أو عرقية أو من أجل إخضاع حكومة ما لسياسات محددة، لكن قل من تحدث عن ارهاب الدولة الذي هو ذلك الفعل الذي يُرتكب لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية ولكن ليس بوسائل عسكرية وعنفية إنما من خلال الحصار الاقتصادي والعقوبات التي تخضع الكثير من دول العالم لسياسات محددة.

الإرهاب الاقتصادي:

هذه الحرب الاقتصادية قد يناقش البعض في مدى إمكانية وصفها بالإرهاب، لكننا إذا تحدثنا عن نتائجها فإننا سنصل إلى حتمية كونها جزءاً من إرهاب الدولة، لأن الهدف منها لا يقل عن هدف الأعمال العنفية التي تكون لإخضاع الدولة، وبالتالي فإن الحصار الاقتصادي لا يؤثر على الدولة ـ الحكومة وحدها، بل إنه يطال الشعب القاطن في هذه الدولة، والذي يمكن أن يصل إلى حد الجوع والفقر المدقع، كما حصل من خلال حصار السعودية للشعب اليمني خلال العدوان الذي تشنه منذ 5 سنوات، وكما تتعامل الولايات المتحدة الأميركية مع سوريا اليوم حيث تم إحراق حقول القمح والسيطرة على الابار النفطية السورية وفرض حصار مدقع عليها من خلال ما يعرف حالياً بقانون قيصر، وكما يحصل ايضاً مع ايران التي لا زالت ترزح تحت حصار اقتصادي منذ 40 سنة لتزداد حدته من قبل الإدارة الأميركية في السنوات الأخيرة، ولولا أن الدولة الإيرانية لديها قدرات وخطط دائمة للخروج من الحصار لكان الشعب الإيراني اليوم يرزح تحت المجاعة. كما تتمثل هذه الحرب من خلال العقوبات على فنزويلا التي بدأت تفتقد للوقود فيما هي تملك أهم احتياطات نفطية في العالم، وكذلك على دول أخرى في العالم، حتى أن حلفاء واشنطن لا يسلمون من هذه العقوبات، كما أنها دائماً ما تطالب الدول بالتعويض عليها كما يفعل ترامب بالنسبة لحلف شمال الأطلسي، أو في علاقته مع دول الخليج وفي مقدمتهم السعودية على الرغم من خضوعها لهيمنة واشنطن وقبولها بالتطبيع مع "اسرائيل".

لقد تحولت العقوبات الاقتصادية إلى الاستراتيجية الأكثر استخداماً في سياسة الهيمنة الأميركية. أصبحت البديل عن الحروب العسكرية، لمحاولة تغيير القرارات الإستراتيجية للدول والجهات الفاعلة التي تهدد مصالحها، ولفرض تغيرات جيوسياسية تصب في استراتيجية الهيمنة. وقد ذهبت الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب إلى عملية ضخ كبرى للعقوبات كإحدى أدوات سياساتها الاقتصادية. وتعد سياستها هذه من أخطر أنواع السياسات التي تندرج في إطار السياسات الدولية، من خلال ممارسة الضغط على الدول المستهدفة بالعقوبات بهدف تغيير مواقفها في الاتجاه الذي تريده.

وإذا تطرقنا للمخالفات القانونية التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية للمواثيق الدولية، سنرى أنها لا تقل مخالفةً للشرعية الدولية التي ترفض استخدام القوة في العلاقات الدولية كما ورد في الفقرة الرابعة من المادة الثانية في ميثاق الأمم المتحدة، وبالتالي فإن الحديث عن الانتهاكات الأميركية للقانون الدولي، ينطلق من مسلمة قانونية أساسية، هي أن هذه العقوبات لا يحق لدولة ما أن تفرضها من خارج سياق الأمم المتحدة، سواء فرضت ضد دول أو كيانات إلا إذا كانت لا تتناقض مع ما تنص عليه مبادئ الأمم المتحدة أو قراراتها الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو مجلس الأمن.

إرهاب قيصر:

ويمكننا الإشارة إلى أن أحد أكثر النماذج خطورة للإرهاب الاقتصادي اليوم هو قانون قيصر الذي يدخل حيّز التنفيذ في الـ17 من الشهر الجاري، ليكمل الحرب على سوريا عبر العقوبات، التي تهدف إلى خنق سوريا، وقد بدأ ذلك من خلال الارتفاع الجنوني لسعر الصرف نتيجة العجز الشديد الحاصل في الميزانية السورية. والمشكلة الكبرى هي أن هذا القانون لا يمس سوريا فقط بل يمس أيضاً كل الدول التي يمكن أن تتعامل معها بشكل أو بآخر ما سيؤدي إلى خنق سوريا وغيرها من الدول مثل لبنان الذي كان من المفترض أن يعيد ترتيب علاقاته مع سوريا للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية فيه.

هذا القانون الجائر هو اسمٌ للعديد من مشاريع القوانين المقترحة من الكونغرس الأمريكي موجّهة ضد الحكومة السورية. ويستهدف القانون أيضًا الأفراد والشركات الذين يقدمون التمويل أو المساعدة للدولة السورية؛ كما يستهدفُ عددًا من الصناعات السورية بما في ذلك تلك المُتعلِّقة بالبنية التحتية والصيانة العسكرية وإنتاج الطاقة عدا عن استهدافهِ للكثير من الكيانات التي تقدّم الدعم لسوريا.

ومن المفاعيل الأولى لهذا القرار حاجة سوريا للقمح بكميات كبيرة لا يمكن الحصول عليها بسهولة، ما سيؤثر على الشعب والحكومة معاً، خاصةً أن كمّية القمح التي كانت تحصل عليها سوريا عبر الشراء من الفلاحين في منطقة شرقي الفرات، لم تعد الحكومة قادرة الآن على تحصيلها بسبب منع الإدارة الذاتية تسليم القمح للحكومة السورية، وبعد حرق حقول القمح، ما يعني أن الحكومة أصبحت بحاجة إلى استيراد مليون طن قمح زيادة، وهي الكمية التي كانت تأتي من شرقي الفرات. ومن النماذج ايضا ما أوصَت به لجنة الدراسات في الحزب الجمهوري بالكونغرس الأميركي، في غمرة اشتداد الأزمة المالية الاقتصادية النقدية المعيشية في لبنان من عقوبات يمكن أن تستهدف شخصيات في المقاومة أو مقربة منها أو من حلفائها.
وفق كل ذلك، فإن ما تقوم به واشنطن في تعاملها مع الدول هو إرهاب اقتصادي يخرق السيادة الوطنية التي تعد السلطة العليا للدولة في إدارة شؤونها في الداخل وفي علاقاتها الخارجية.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


انتشار تركيا العسكري بالوطن العربي وقبرص
بقلم: ناجي الزعبي

هل يوجد علم اجتماع عربي ؟
بقلم: د. عبد الحكيم شباط



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب د. علي مطر |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//