جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

المقاومة تنتج مفاهيمها الاستراتيجية | بقلم: طلال عتريسي
المقاومة تنتج مفاهيمها الاستراتيجية



بقلم: طلال عتريسي  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
10-09-2019 - 1322

استطاعت المقاومة من خلال تجربتها الطويلة منذ عام 1982 الى اليوم تغيير الكثير من المعادلات السياسية والعسكرية سواء في لبنان، أو في المنطقة. وقد اعترف لها بهذه القدرة حتى العدو الإسرائيلي، الذي لم يعد يخفي مدى صعوبة تعامله مع قدرة الردع التي تواجهه في التعامل مع هذه المقاومة.
لقد قيل الكثير منذ انتصار تموز 2006 ، عن قدرات حزب الله وتكتيكاته العسكرية التي يدمج فيها بين الجيش النظامي وحرب العصابات، عن تحكمه في منظومة إدارة الحرب والعمليات، عن ثبات مقاتليه، وعن مشاريع أخرى سياسية واستراتيجية كانت اسرائيل والولايات المتحدة تتطلع اليها وأفشلتها المقاومة مثل مشروع الشرق الأوسط الجديد. لكن ما أنتجته تجربة هذه المقاومة من مفاهيم استراتيجية تتعلق بالصراع مع العدو لم يحظ بما يستحق من
الاهتمام . خاصة ان مثل هذه المفاهيم لم تأتِ بها المقاومة من الكتب لتطبقها على أرض الواقع، بل إن ما جرى كان العكس تمام ا ، فقد أنتجت المقاومة مفاهيمها الخاصة للصراع بعد تراكم تجربة طويلة وعملية، حققت انجازات واضحة، وتغييرات عميقة في طبيعة المواجهة ومستقبلها مع العدو الإسرائيلي. لقد عبّر أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في أكثر من مناسبة، وفي أكثر من احتفال بذكرى النصر أو التحرير، عن هذه المفاهيم والمصطلحات الاستراتيجية التي تحتاج برأينا الى تسليط الضوء عليها، والى التوسع في قراءتها وتحليلها استنادا الى التحولات التي أحدثتها المقاومة في طبيعة وعينا لهذا الصراع من جهة، ووعي عدونا له من الجهة المقابلة. –
المفهوم الأول: "ولى زمن الهزائم "
كرر السيد نصر الله منذ سنوات شعار"ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات". وقد ردد الكثيرون هذا الشعار تارة من منظور تعبوي وإعلامي، وأخرى لتأكيد أننا في وضع أفضل في الصراع مع اسرائيل. لكن هذا الشعار/المفهوم يتجاوزعلى المستوى الاستراتيجي الجوانب التعبوية والمعنوية، وهي جوانب صحيحة وحقيقية. لأن هذا المفهوم يلخص في ثلاث كلمات، تجربة عربية ماضية كانت تجربة هزائم على مستوى الوعي بقدرات الذات وقدرات العدو، وعلى مستوى ثقافة الإحباط وثقافة التراجع وعدم الثقة. ويستند هذا التوصيف لزمن الهزائم الى الواقع وليس الى المبالغات. يحتاج زمن الهزائم الذي و لّى الى البحث والتحليل والمراجعة. ما هي عناصر هذا الزمن السياسية والعسكرية والميدانية والنفسية وسواها...؟ وكيف انتقلنا الى الوجه الآخر لهذه المقولة الاستراتيجية "وجاء زمن الانتصارت"؟ يلخص "زمن الهزائم" الذي ولّى و"زمن الانتصارات" الذي أتى مرحلتين تاريخيتين في الصراع ؛ مرحلة أفلت، ويفترض أن تأفل معها مفاهيمها وقيمها من الأدبيات السياسية، الاستراتيجية والإعلامية العربية. ومرحلة انتصارات راهنة ومعاشة، تلخص تحو لا استراتيجي ا عمي ق ا في واقع الصراع مع عدو كان لا يقهر، ومع أمة كانت تعيش الهزائم، ويريد "زمن الانتصارات" أن ينتقل الى وعينا بقدراتنا التي يجب أن تتجاوز زمن الهزائم الذي ولّى.
- المفهوم الثاني: "أوهن من بيت العنكبوت"
أطلق السيد نصر الله هذا الشعار الشهير من مدينة بنت جبيل غداة التحرير عام 2000 . كان الاحتفال مدويا في تلك اللحظات التاريخية، مع انسحاب اسرائيلي من أرض لبنانية عربية تحت ضربات المقاومة من دون قيد أوشرط أو تفاوض. ربما فاجأ السيد نصر الله العدو قبل جمهور المقاومة بهذا الشعار الذي أطلقه. لأن بيت العنكبوت كما هو معلوم، وكما جاء توصيفه الذي استعاره السيد من القرآن الكريم هو"أوهن البيوت"، أي ذاك الذي لا يصمد حتى أمام أي نفحة هواء، على الرغم من دقة خيوطه المتشابكة والمتراصة أدرك الإسرائيليون لاحقا الدلالات السياسية والنفسية والعسكرية التي قصدها السيد من هذا التشبيه، وانعكاساته المعنوية المحتملة عليهم وعلينا. وهذا يفسر سبب إصرار القيادة العسكرية الإسرائيلية في حرب2006 على احتلال بلدة بنت جبيل، حيث أطلق السيد هذا الشعار، وما تسمية هذه العملية ب"خيوط الفولاذ"، إلا كرد مباشر وواضح على "بيت العنكبوت".. لكن محاولات احتلال بنت جبيل المتكررة فشلت، ما عزز لاحق ا ، بالنسبة الى المقاومة، التأكيد على"زمن الانتصارات". مصطلح "أوهن من بيت العنكبوت" هو، رغم بساطته ووضوحه، يعني أن تجربة المقاومة كشفت في الميدان، وطوال سنوات من المواجهات، أن علينا تغيير نظرتنا الى كيان العدو كقلعة مدججة بالسلاح لا يستطيع أحد قهرها أو الدخول اليها. فلقد كانت النظرة العربية الى اسرائيل طوال عقود خلت تتلخص في جبروت هذه القلعة، التي لا يمكن اختراقها، أو النيل منها، أو إضعافها. وكانت اسرائيل في نظر نفسها، ونظر جنودها ومستوطنيها، أيضا قلعة وسيفا مسلطا يهوي على رأس من يحاول التفكير في المواجهة، أو التفكير في الحرب. كان هذا التصور أساس العقيدة العسكرية الإسرائيلية التي اعتمدت الحرب المفاجئة والنصر الخاطف والتدمير الواسع لإقناع الطرف المقابل )العرب( ليس بعدم إمكانية ربح الحرب فحسب، بل بعدم جدوى التفكير في أصل الحرب مع اسرائيل أيضاً"أوهن من بيت العنكبوت" يقلب تلك المعادلة السابقة رأسا على عقب، فلا إسرائيل قلعة، ولا هي لاتقهر، ولا هي قادرة على منعنا من التفكير بالحرب، ولا حتى من تحقيق الإنتصار في الحرب. "أوهن من بيت العنكبوت" هي رؤية استراتيجية مختلفة لهذا الكيان، مبنية على التحولات التي حصلت له، وتعرض لها بعد أكثر من ثلاثة عقود من المقاومة والمواجهة، وهي تقطع مع الرؤية السابقة، ومع الثقافة السابقة التي بررت التراجع عن الحرب وعن المواجهة.
- المفهوم الثالث، "حيث يجب أن نكون":
نحن هنا أمام بعد آخر لوجود المقاومة ولدورها المباشر في الصراع الإقليمي. لقد أثار قول السيد "حيث يجب أن نكون" الكثير من النقاش والجدل حتى الاتهام من قبل الخصوم في لبنان وخارجه. لكن هذا التصور يعكس في واقع الأمر البعد الدفاعي الاقليمي للمقاومة، الذي لا ينفصل عن بعدها الدفاعي المباشر في لبنان ضد أي تهديد إسرائيلي. هذه الأطروحة تربط لأول في تجربة المقاومة بين بعدها الدفاعي بوجهيه المحلي والإقليمي، بعدما هبت رياح التهديد الإقليمي المجاور على دورها وعلى وجودها. "حيث يجب أن نكون"تعني أن المقاومة قامت بترجمة عملية لتلك العلاقة النظرية التي يعرفها الجميع عن علاقة المحلي بالإقليمي، بعدما بات الإقليمي شديد الوضوح في تهديده للمحلي )لبنان( وللمقاومة. ولم يعد من الممكن للمقاومة أن تبقى حيث هي لمواجهة التهديد القادم من الإقليم )سوريا( ، بل بات عليها أن تنتقل ميدانيا الى"حيث يجب أن تكون". ونعتقد أن ما هو الأهم على مستوى القراءة الاستراتيجية، في هذا الانتقال، أنها المرة الأولى في تاريخ العلاقة بين لبنان والإقليم وبينه وبين سوريا تحديد ا ، أن لبنان)المقاومة( بات هو المؤثر في ما يجري في الإقليم وفي سوريا، خلافا للمعادلة التاريخية المعروفة التي كانت تقول بأن ما يجري في لبنان هو مجرد انعكاس لما يجري في الإقليم.
- المفهوم الرابع، "الجيش والشعب والمقاومة:"
يختلف هذا المفهوم الاستراتيجي أيضا عما سبقه من مفاهيم، لأنه يتعلق مباشرة بالجبهة التي تشكلت في لبنان، أوالتي يفترض أن تكون، أو أن تبقى كذلك في سيرورة المواجهة مع اسرائيل. في حين أن ما سبق من مفاهيم يقتصر على تقدير أوضاع العدو من الوهن، أو من تحقيق الإنتصارات عليه. يطرح هذا المفهوم ولأول مرة في تاريخ لبنان هذه العلاقة بين الأطراف الثلاثة؛ الجيش والشعب والمقاومة. فإذا كان الشعب هو أصلا من أنتج هذه المقاومة، وكان الجيش هو من هذا الشعب في الوقت نفسه، فإن العلاقة المطروحة، أو المفترضة هي بين الجيش والمقاومة. لماذا نعتبر هذه الأطروحة جديدة ودقيقة وحساسة وتحتاج الى البحث والتوسع لتطويرها ؟ لأن تجربة علاقة المقاومة الفلسطينية مع الجيش اللبناني، كانت سلبية وسيئة ومشوبة بعدم الثقة، والشك المتبادل، وصولا الى الاشتباك في كثير من الأحيان من جهة، ولأن تجربة الجيوش العربية من جهة أخرى هي تجربة سلبية عموما في علاقتها مع شعوبها لجهة القمع والتسلط ، بل لمنع من يحاول القيام بأي عملية على الحدود الفلسطينية. السؤال إذا كيف يمكن أن تطرح مثل هذه النظرية الاستراتيجية، خلافا لتاريخ علاقة الجيش مع المقاومة، وخلافا لتجربة الجيوش العربية في بلدانها ومع شعوبها؟ هل هي معادلة خاصة بلبنان، أم يمكن أن تسترشد بها حركات وتنظيمات في دول عربية أخرى، في مواجهة تحديات وتهديدات مختلفة عن التهديد الإسرائيلي للبنان، كما فعل الحشد الشعبي في العراق على سبيل المثال، عند مواجهة داعش بعد احتلال الموصل عام2014 ؟
ثمة الكثير مما يمكن أن يناقش في هذه الأطروحات الاستراتيجية التي أنتجتها المقاومة خلال مسيرة إنجازاتها الطويلة منذ 1982 الى اليوم. وما يحفزعلى تلك المناقشة أن هذه الأطروحات لم تكن موجودة في كتب علم الحرب، ولا فن القتال، ولا مبادئ في علم الإستراتيجيا. تجربة المقاومة هي التي أنتجت تلك المفاهيم والأطروحات، وما على الباحثين والمنظرين إلا أن يتلقفوا ذلك ليعملوا على بلورته وصياغته كنظريات استراتيجية، يمكن أن تدرس في المعاهد والمؤسسات والكليات المعنية، تماما كما فعل آخرون مع تجربة المقاومة العسكرية التي أنتجت نموذجها الخاص الذي جمع بين القتال مثل الجيوش من جهة ، وحرب المجموعات الشعبية من جهة أخرى.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


الجاسوس المصري الذي زرعته اسرائيل في القصر الجمهوري. ( الجزء الثالث ، والجزء الرابع )
بقلم: وثائق حقيقية وعبر

حماية النساء زمن الحرب في ظل أحكام القانون الدولي الإنساني
بقلم: الدكتورة رتيبة الميلادي



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب طلال عتريسي |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//