جامعة الأمة العربية
جامعة الأمة المقاومة

×

الصفحة الرئيسية التقارير والمقالات

هل القضية الفلسطينية قضية سورية ؟ | بقلم: الدكتور ابراهيم علوش
هل القضية الفلسطينية قضية سورية ؟



بقلم: الدكتور ابراهيم علوش  
استعرض مقالات الكاتب | تعرف على الكاتب
03-09-2019 - 763

لعل من أسوأ آثار سنوات الحرب الممتدة على سورية، والحصار الخانق، أن هناك من يظن أن هذه الآثار ستدفع البعض ليتساءل: ما لنا وفلسطين والقضية الفلسطينية؟ ولماذا لا نوقع معاهدة أو اتفاقية مع العدو الصهيوني أسوةً ببعض الدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية ذاتها؟ ولماذا نتحمل عبء الصراع العربي-الصهيوني من دون الدول العربية؟ وما المشكلة في التطبيع إذا كان ذلك ينهي الحرب والحصار ويتيح لنا أن نتفرغ لإعادة بناء سورية كدولة ومجتمع واقتصاد؟ ألم نعانِ بما فيه الكفاية؟! إلخ...

 

في البداية لا بد من القول أن من المهم والضروري مواجهة مثل تلك الأسئلة مباشرة، لا التغاضي عنها وكنسها تحت السجادة أو التعامل معها كهراء جاهل لا داعي لتشريفه برد، لأن أحد أهم أهداف الحرب على سورية وغيرها من الدول العربية هو ضرب عروبة سورية، وفك ارتباطها العضوي بالقضية الفلسطينية كعنوان عروبي من جهة، ومن زاوية تحجيم دور سورية الإقليمي من جهةٍ أخرى، وهو ما يتطلب خلق جوٍ مشككٍ بالقومية والعروبة وفلسطين والمقاومة في صفوف الناس، بالنكتة تارةً، وبالتهكم طوراً، وبالطرح السياسي المباشر في الجلسات الاجتماعية وعبر منابر وسائل التواصل الاجتماعي تارةً أخرى.

 

لا بد إذاً من تذكير الناس أن معاناتهم وحصارهم وقتلهم وإفقارهم جاء كنتيجةٍ مباشرةٍ لمشاريع أو مخططات شاركت فيها دول غربية وعربية شتى، وتركيا والعدو الصهيوني، وإذا كانت هناك أخطاء أو تجاوزات أو سوء إدارة أو فساد أو ما يشاء القارئ الكريم أن يضيفه، فإن ذلك لا يلغي حقيقة التدخل الخارجي في الحرب على سورية التي بدأت معالمها تظهر على السطح رويداً رويداً منذ آذار 2011 حتى باتت كالشمس في رابعة النهار لا يستطيع أن ينكرها أحد، وقد ظهر بشكلٍ جليٍ أيضاً أن تجاوزات وفساد واستباحة كل شيء ممن زعموا أنهم "ثوار" قدموا من سورية ومن خارجها تجعل حديثهم عن التجاوزات والفساد نوعاً من الفكاهة الممجوجة، كما أن أصحاب مشاريع الإصلاح الحقيقيين لا يضعون أيديهم بأيدي أعداء وطنهم مثل العدو الصهيوني الذي يحتل أرضهم، ويعيث فيها فساداً.

 

إن ما جرى في سورية خلال السنوات الثماني الماضية، ومن قبلها، لا يمكن فصله عن العدو الصهيوني ومشاريعه في المنطقة. وقد وثقت في محاضرة بعنوان "البعد الصهيوني في الحرب على سورية" برعاية مؤسسة القدس الدولية يوم الأربعاء الفائت في مكتبة الأسد الوطنية أشكال التدخل الصهيوني في سورية خلال السنوات الأخيرة اعتماداً على مراجع غربية وصهيونية، وكان على رأسها:

1) العلاقات الوطيدة بين العدو الصهيوني وفصائل وشخصيات عديدة مرتبطة بـ"الثوار" المزعومين بجناحيهم السياسي والعسكري، وكانت بعض تلك العلاقات تعود للعام 2006، كما أنها تضمنت الدعم والتمويل والتسليح "الإسرائيلي" المباشر لاثني عشر فصيلاً في جنوب سورية، ومنها الجماعات التكفيرية، ناهيك عن الرسائل التي تم إرسالها من بعض القيادات السياسية لأولئك "الثوار" المزعومين للعدو الصهيوني منذ عام 2011 للتأكيد على "سلمية نواياهم" إزاء العدو الصهيوني،

2) دور اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية في تأجيج الحرب على سورية، ومن ذلك دور هنري برنار ليفي في عقد مؤتمر في باريس في صيف عام 2011 بحضور شخصيات مرتبطة بـ"جماعة الإخوان المسلمين" وغيرهم، ودور اليهودي الصهيوني أليوت إبرامز وغيره في وضع مخططات لتأجيج الحرب في سورية على خطوط طائفية بدعم أمريكي، ومن دون تدخل عسكري مباشر،

3) التدخل العسكري الصهيوني المباشر والمتكرر، جوياً وصاروخياً ومدفعياً، في الحرب على سورية، لا سيما في الجنوب السوري ضد مواقع تابعة للجيش العربي السوري، أو ضد الطائرات السورية، في خضم المعارك ضد العصابات المسلحة والتكفيرية، أو لرفع معنوياتها بعد هزائمها، بالإضافة للتدخل الاستخباري عن طريق المشاركة في غرفة "الموك" مثلاً وما يعادلها في تركيا.

 

الانخراط الصهيوني في الحرب على سورية، سواء مباشرةً، أو بالتعاون مع بعض الدول الغربية أو العربية أو تركيا، أتى بدوره في سياق استراتيجي محدد كان قد وضعه أمثال برنار لويس ووثيقة "كيفونيم" في بداية الثمانينيات، وهو سياق يقوم على تفكيك دول المنطقة وتغيير هويتها إلى "شرق أوسطية"، كما أنه جاء في سياق مشروع المحافظين الجدد في الولايات المتحدة (الصهاينة في معظمهم) القائم على سياسة "تغيير الأنظمة" التي وضعت سورية على قائمتها.

ما جرى في العراق، وما جرى في ليبيا، وتفكيك السودان، وما يجري في اليمن اليوم، ليست الأصابع الصهيونية ببعيدة عنده، لأنه يجري ضمن أجندة صهيونية، فالقصة هي أن وجود دول مركزية أو مستقلة هو المشكلة، ومشروع إثارة حرب أهلية في سورية ثمة وثيقة تتحدث عنه لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA من العام 1986، وقد تم الإفراج عنها بعد 30 عاماً. فسورية لم تترك لشأنها منذ البداية، وواهم من يظن أن العدو سيتركه يبني عناصر قوته بسلام، وأنه لن يحتاج لاستراتيجية أمن قومي تصنف العدو الصهيوني كتهديد أول له، وها هي "صفقة القرن" تتضمن "ضم الجولان" رسمياً للعدو الصهيوني، لا القدس فحسب.

سورية إذاً مستهدفة منذ البداية لأن بقاء دولة العدو الصهيوني على المدى البعيد يتطلب أن يكون جيرانها ضعفاء ومفككين وفاقدين للهوية والانتماء، وإلا فإن المحيط العربي سيبتلع هذه القاعدة الصهيونية، وسيغرقها، فما جرى في سورية، وفي العراق وليبيا، هو فصلٌ آخر من الصراع العربي-الصهيوني، وقد كان سيجري لأنهم موجودون، ولأنهم عرب، ولأن أي مشروع تنمية مستقلة لا يسمح به الغرب في هذا الجزء من العالم، وقد دمره الواحد تلو الآخر بالعنف والتآمر منذ محمد علي باشا في النصف الأول من القرن التاسع عشر.

 

باختصار، فلسطين جنوب سورية، ولكنها لو لم تكن، فإن فلسطين احتلت وتم وضع قاعدة صهيونية فيها بناءً على تخطيط بالمرستون البريطاني في القرن التاسع عشر لمنع الوحدة العربية في خضم تجربة محمد علي باشا الوحدوية، وبالتالي فإن المشروع الصهيوني موجه ضد الأمة العربية، حتى لو كان الفلسطينيون هم ضحاياه المباشرون.

من وقعوا المعاهدات مع العدو الصهيوني بالمناسبة لم يكسبوا لا اقتصاداً ولا سياسة ولا دوراً إقليمياً، على العكس تماماً، تتفاقم الأزمات الاقتصادية أكثر ما تتفاقم في الدول العربية المطبعة مع العدو الصهيوني، كما أن المعاهدات تشطب فعلياً الدور الإقليمي للدول العربية المنخرطة فيها، وصولاً لتهديد الدور الأردني في مقدسات القدس مؤخراً.

أما دعم سورية للمقاومات العربية فنقل للمعركة خارج أسوارها، أما الحرب على سورية، فنقل للمعركة إلى داخل أسوارها، ولا خيار لنا إلا بتصعيد المقاومة والنفس القومي العروبي في الشارع العربي كجزء من استراتيجية الأمن القومي لسورية وكل الأمة العربية.

لا يوجد صور مرفقة
   المقالات المنشورة في الموقع تمثل رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي أسرة الموقع   


الجامعة توقع مذكرة تفاهم مع جامعة المذاهب الاسلامية في إيران
بقلم: جامعة الأمة العربية

المعضلـة الأمنيـــة المجتمعيــة - خــطاب الأمنية وصناعــة السياســة العامـــة
بقلم: د. عـادل زقـاغ



اضغط هنا لقراءة كل مواضيع الكاتب الدكتور ابراهيم علوش |


تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي
Facebook
youtube

جميع الحقوق محفوظة
لموقع جامعة الأمة العربية
© 2013 - 2022
By N.Soft

حمل تطبيق الجامعة لأجهزة آندرويد
Back to Top

       كنعاني: أمريكا شريك أساسي في جرائم الكيان الصهيوني في غزة//الخارجية الإيرلندية: العالم في صدمة من مستوى اللاإنسانية داخل غزة//المالكي أمام العدل الدولية: الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينتهي والوقت حان لوضع حد لازدواجية المعايير//       أعرب خبراء في الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي الجسيمة لحقوق الإنسان التي لا تزال تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية.//بعد تأمين شحنات الأسلحة اللازمة من إدارة بايدن.. “إسرائيل” تحضر لمجازر جديدة في رفح//الأونروا: المنظومة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار//       طوفان الأقصى:وزارة الصحة الفلسطينية تطالب بضغط دولي على الاحتلال لإدخال الوقود والمساعدات لمستشفيات قطاع غزة//ملتقى تضامني بدمشق دعماً للشعب الفلسطيني بمواجهة عدوان وجرائم الاحتلال الصهيوني//107 شهداء و145 جريحاً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//       أخبار محلية:وزارة الدفاع في بيان اليوم: “تمكنت وحدات من قوات حرس الحدود في الجيش العربي السوري من مصادرة 445 كفاً من مادة الحشيش المخدر، إضافة إلى 120 ألف حبة كبتاغون في البادية السورية بالقرب من الحدود الأردنية”.//الأمانة السورية للتنمية تنظم جلسة بعنوان “دمج التراث الثقافي غير المادي في التعليم.. تجارب وآفاق جديدة” بمؤتمر اليونيسكو في الإمارات//       سماحة السيدنصر الله يبحث مع النخالة الأوضاع في غزة والضفة الغربية//       الصحة العالمية تعرب عن قلقها إزاء الاعتداءات الإسرائيلية على رفح وتدعو لوقف إطلاق النار//164 شهيداً جراء مجازر الاحتلال في قطاع غزة خلال الساعات الـ 24 الماضية//الرئاسة الفلسطينية تطالب المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية بمنع الاحتلال من اجتياح رفح//المقاومة الفلسطينية: مجازر الاحتلال في رفح إمعان في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري//استشهاد أكثر من 100 فلسطيني بقصف طيران الاحتلال مدينة رفح//مظاهرات في مدن عدة حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة//برنامج الأغذية العالمي يحذر من عدم توفر طعام ومأوى لمعظم سكان غزة//الصيادون في غزة: الاحتلال دمر الميناء والمراكب وحرمنا رزقنا//       للشهر الرابع… استمرار معاناة أهالي الحسكة بتوقف محطة مياه علوك جراء اعتداءات الاحتلال التركي// طوفان الأقصى:لمقاومة الفلسطينية تستهدف بقذائف الهاون موقع قيادة لجيش العدو الصهيوني وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة//       وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد يلتقي نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والوفد المرافق في دمشق//جريح الوطن: تدريب دفعة جديدة من الجرحى على برامج قيادة الحاسب//       أخبار محلية:الرئيس الأسد يستقبل وزير الخارجية الإيراني ويبحث معه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات في المنطقة//السيدة أسماء الأسد خلال زيارتها هيئة التميز والإبداع: الوصول لمنظومة كاملة للتعليم الإبداعي يكون عبر ترسيخ ثنائية العلم والمعرفة مع الهوية والانتماء//المقداد يلتقي وفداً برلمانياً ليبياً برئاسة يوسف إبراهيم العقوري//       دعا مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته الكاملة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.//عبد اللهيان: استمرار دعم واشنطن لكيان الاحتلال لن يجلب لها إلا الفشل//       الأونروا: الوضع الإنساني في رفح ميئوس منه//اشتية يدعو لتدخل دولي عاجل لمنع امتداد رقعة العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة إلى مدينة رفح//دان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مخطط التوغل البري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وتهجير الأهالي منها قسرياً.//المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات ومواقع العدو الإسرائيلي التجسسية على الحدود مع فلسطين المحتلة//